شبكة الدماغ الافتراضية، أو ما يمكن تسميته "الطيّار الآلي" في أدمغتنا

شبكة الدماغ الافتراضية، أو ما يمكن تسميته "الطيّار الآلي" في أدمغتنا

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

شبكة الدماغ الافتراضية، أو ما يمكن تسميته "الطيّار الآلي" في أدمغتنا.

الشبكة العصبية الافتراضية هي التي تتولى التحكم في دماغنا عندما نحلم ونحن مستيقظون أو عندما تسرح أذهاننا. وهذه الحالات، بالإضافة إلى ذلك، تُعد مفيدة جدًا للإنسان، إذ تُغذي الإحساس بالذات وتُخفف من التوتر في لحظات معينة.

image about شبكة الدماغ الافتراضية، أو ما يمكن تسميته

قد يبدو مخيفًا أن نفكر بأن لدماغنا “حياةً خاصة” بعيدة عن وعينا، ومع ذلك، فهو يملكها فعلًا. أحد الأمثلة على ذلك هو شبكة الوضع الافتراضي، وهي منطقة في الدماغ تعمل تقريبًا كطيارٍ آليٍّ في كل مرة يسرح فيها خيالنا، أو ننفصل عن واقعنا لنغرق في ذلك التأمل الهادئ المريح.لعدة سنوات، كان يُعتقد أن الدماغ يُظهر كامل طاقته فقط عندما نقوم بمهمة ما، وخاصة المهام الإدراكية مثل التفكير، والتذكر، والاستنتاج… لكن علم الأعصاب أثبت لنا منذ عقود شيئًا مثيرًا ولافتًا في آنٍ واحد: الدماغ لا يرتاح أبدًا. فكما نعلم، حتى أثناء النوم، يقوم هذا العضو المعقد بأداء عدد لا نهائي من المهام.من ناحية أخرى، حتى في تلك اللحظات التي لا نقوم فيها بشيء ولا نفكر في أي شيء، يظل الدماغ غارقًا في أنشطته المعقدة للغاية. ففي تلك اللحظات تحديدًا من الخمول الظاهري في التفكير، تنشط ما تُعرف بـ"شبكة الوضع الافتراضي" في الدماغ. هذه النشاطات، إلى جانب جميع العمليات التي تُبقي الدماغ متيقظًا ويعمل باستمرار، تُعرف باسم غريب هو "الطاقة المظلمة".وكان عالم الأعصاب ماركوس رايشل هو من اكتشف هذه "الطاقة الدماغية" المميزة في تسعينيات القرن الماضي، أثناء إجرائه سلسلة من التجارب باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي. ولم يكن يهم ما إذا كان الشخص في حالة راحة تامة لا يفعل شيئًا، أو شارد الذهن، أو حالِمًا. فقد أظهر الدماغ حياةً خاصةً ووظائفَ مدهشة للغاية…"أنا دماغ يا واتسون، أما باقي جسدي فليس إلا ملحقًا به."

شبكة الوضع الافتراضي في الدماغ، ما هي؟

يمكننا تشبيه الشبكة العصبية الافتراضية بطيّار آلي. فهي أشبه بذلك النظام الذي يتولى السيطرة عندما ننفصل ذهنيًا عن الواقع. ومع ذلك، فإن هذه الفكرة ليست دقيقة تمامًا، لأن هذه الشبكة تبقى نشطة بشكل خفي دائمًا، في انتظار أن تتولى زمام الأمور عندما نغرق في شرودنا الذهني. لنأخذ مثالًا: نحن في مكتبة، نجلس أمام ملاحظات نحاول حفظها استعدادًا لامتحان. في لحظة ما، ندخل في حالة من الأحلام اليقظة حيث يسرح ذهننا بعيدًا جدًا. نحن في تلك اللحظة شارِدون، نحلم مستيقظين. عندها، تكون الشبكة العصبية الافتراضية هي التي تتولى السيطرة الكاملة على أدمغتنا.بعد لحظات، يُوقظنا صوت كُرسيٍّ يُسحب من تلك السحابة البعيدة، فنعود إلى ملاحظاتنا. وهكذا، وفي اللحظة نفسها التي نتوقف فيها عن الشرود الذهني ونركّز على المهمة وعلى واقعنا الإدراكي، تدخل ما تُعرف بـ الشبكة الإيجابية للمهام (TPN) إلى العمل. وهي تلك المناطق الدماغية المسؤولة عن تركيز الانتباه على البيئة المحيطة بنا. وبهذا، تنتقل الطاقة والنشاط الكهربائي بين البُنى الدماغية المختلفة تبعًا لمتطلبات البيئة الخارجية واحتياجات عقولنا

.أين توجد الشبكة العصبية الافتراضية ولماذا تنشط؟

تشمل الشبكة العصبية الافتراضية ثلاث مناطق محددة جدًا: المنطقة الوسطى من الفصوص الصدغية والجبهية والجدارية. أطلق الدكتور ماركوس رايشل على الدائرة التي تنشط في هذه البُنى اسم الشبكة العصبية الافتراضية. ومع ذلك، عندما نُشرت هذه البيانات عام 1997، أرادت وسائل الإعلام إطلاق اسم أكثر جاذبية عليها، ومن هنا ظهرت تسميات مثل "شبكة الأحلام" أو ما يُعرف بـ "الطاقة المظلمة للدماغ".

أما السؤال الذي يطرح نفسه الآن فهو: لماذا تنشط هذه الشبكة؟
ما السبب الذي يجعل الدماغ يمتلك هذا النظام الذي يُشغِّل شبكة عصبية عندما نسرح في التفكير أو نحلم يقظين؟
هذه بعض الفرضيات التي يطرحها علماء الأعصاب للإجابة عن ذلك. 

الشرود الذهني أو ما يُعرف بـ التجوال العقلي (mind-wandering) له فائدة أيضًا

. فالدماغ البشري يدرك أن الأحلام اليقظة هي وسيلة للاستمرار في تعزيز الإحساس بالذات. إنها مهمة مفيدة، إذ تقلل من التوتر، وتزيد من الإبداع، وتساعدنا على الاسترخاء، بل وتمنحنا مشاعر إيجابية أيضًا. لذلك، يبذل الدماغ تقريبًا القدر نفسه من الطاقة أثناء حالات الشرود كما يفعل عندما نكون في حالة وعي كامل وانتباه لما يحيط بنا، وكلا الحالتين لهما نفس الأهمية.أخيرًا، تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه قد تبيَّن أن الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر أو باضطراب طيف التوحّد يعانون من المشكلة نفسها. كما أنهم يواجهون صعوبات كبيرة في الدخول أو الخروج من حالات الراحة الذهنية، وهي الحالات التي يمكن فيها تعزيز الإحساس بالذات. وكما نرى، فهذه ألغاز دماغية لا نعرفها بعمق بعد، لكنها تمنحنا مؤشرات حول بعض الحالات والظواهر العقلية. ومع تقدُّم العلم، سنمتلك بلا شك استراتيجيات جديدة لمعالجة هذه الظواهر بطريقة أكثر فاعلية وأملًا.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Dina Salah تقييم 4.97 من 5.
المقالات

460

متابعهم

47

متابعهم

4

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.