امتاز الأديب عن غيره من الفنانين بصدق التعبير عن الحاجات الإنسانية والرغبات البشرية العميقة

امتاز الأديب عن غيره من الفنانين بصدق التعبير عن الحاجات الإنسانية والرغبات البشرية العميقة

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

امتاز الأديب عن غيره من الفنانين بصدق التعبير عن الحاجات الإنسانية والرغبات البشرية العميقة

الأديب هو الفنان الذي يعبر بالكلمات بصدق وإيمان وعمق فكري عن أحاسيس مجتمعه قادر على رصد التطور الحضاري وتصوير الحاجات النفسية والاتجاهات الاجتماعية بقلمه.

وما النفس الإنسانية إلا المرآة الصافية التي تقرأ في صفحتها أحاسيس البشر ومشاعرهم وآمالهم وأحلامهم وآلامهم. إن الإحساس الفردي والتجربة الذاتية تكون التيار الروحي وتبني القاعدة النفسية  لكل فرد ومن هذا التيار وتلك القاعدة تتكون مشاعر الإنسانية . ففي الهمسات الخافتة يعرف صدى المعاناة العميقة للبشر، من جراء ضغط الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية والآلام النفسية.

إن الأديب بقلمه الواعي وروحه المبدعة خير مسجل للخلجات المتنافرة والعواطف المتباعدة والرؤى المتناقضة التي يراها في  الحياة العامة فهو أسرع من غيره على فهمها ومعرفة دوافعها عندما يحيل المتناقضات في مجتمعه إلى قصيدة خريدة مموسقة اللحن جزلة الأسلوب.

الإبداع والإلهام:

تعتور الأديب الملهم حالات نفسية غامضة المصدر مبهمة المنبع فيحس بأنه يعيش في دنيا بعيدة عن الحياة اليومية وفي عالم مرتبك الأصول مشتت الدفقات الروحية.

وتكون هذه الحالات الغامضة والمنابع الثرة المبهمة مصدر المعاناة المبدعة الممزوجة بحالة غريبة من اللذة الجميلة والألم العميق اللذيذ.

وقد يختلف المبدع والفيلسوف في تحديد مصدر هذه المعاناة كما اختلف اليونان والعرب في بواعثها ومصدرها ولكنهما يتفقان بأن هذه المعاناة الروحية تتحول إلى إبداع مبتكر ورأي جديد.

فقد تشعبت آراء المفكرين والفلاسفة والمبدعين في تحديد مصدر الإلهام الروحي ونبع الوحي النفسي لأن دراسة النفس الإنسانية ما تزال بحاجة إلى مفاهيم جديدة لسبر أغوارها فمصادر الإبداع الفني سواء أجاءت من اللاشعور أم من آلهة الشعر أم من وادي عبقر فإنها توحي للفنان وتلهمه أدبه شعرا كان أم نثراً.

وقد تميز على المبدع أيام وأسابيع دون أن تمر به هذه اللحظات المبدعة ولا يخطر في ذهنه الإبداع الروحي والتوهج الفني وقد يتدفق دون انتظار وينهمل سريعا كالبرق الخاطف.

ولا يمكن أن نحدد ساعات الإبداع الفني، والخلق الأدبي عند المفكر الرائد والأديب القائد والرسام المبدع أو الموسيقي الفذ ولكننا نحس ذلك ونتذوقه من خلال الإنتاج الجيد في قصيدة مفردة أو في لحن خالد أو في صورة متميزة لأن الإنتاج الفني الأصيل هو الذي يطور الحياة ويغير مسيرة الإنسانية.

ومن المبدعين أصحاب الاختراعات التي خدمت الإنسانية وجاءت بما لم يكن يحلم به البشر فأصبح إبداعهم واختراعهم أداة من أدوات تطور الإنسانية.

إن عملية الإبداع لا يمكن وصفها بسهولة ويسر حتى من المبدع نفسه لأنها أكثر معاناة من المعاناة ذاتها، فعندما يجد الفنان المبدع – ولم أقل الصانع الماهر – نفسه بعيدا عن مجرى الحياة محلقا في جواء اللاشعور تحف به هيمنات روحية تسري في كيانه فتتحول إلى قصيدة حلوة أو صورة جميلة أو لحن عذب.

امتاز الأديب عن غيره من الفنانين بصدق التعبير عن الحاجات الإنسانية والرغبات البشرية العميقة

الأدب والتاريخ:

ويختلف الأدب عن التاريخ بتصوير العواطف ورسم المشاعر وتسجيل الأحاسيس فمن يدرس تاريخ الشعوب والأمم ويتابع سجلها الحضاري يجده يطلع بأسماء القواعد وأسماء المدن المفتوحة ومقدار الأموال والأسرى التي غنمها الجيش المنتصر .

ولكن التاريخ نسي أو أغفل تسجيل نبضات تلك الأمم المستباحة وأنين أطفالها ونسائها ومصائب تلك الأمم المنكودة وما تحمله في نفسها من بغض وكراهية وحقد دفين للفاتح المحتل والغاصب الذي ألحق الخزى والعار والهول بها وينسى التاريخ نضال الشعوب المغلوبة ومحاولاتها في التخلص من نير المستعمر وكابوس الفاتح.

إن دراسة الأدب خير قاعدة لدراسة التاريخ وضرورة من ضرورات الحضارة الجديدة ففيها سيجد المؤرخ ما لا يجده في كتب التاريخ لأن الشعر خير سجل للبشرية في تطورها وحضارتها والمجتمعات الإنسانية على تباين الأقاليم وتباعدها.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

332

متابعهم

607

متابعهم

6665

مقالات مشابة
-