الخوف من الوحدة
1-مقدمة
الإنسان بطبيعته اتخلق إنه يعيش في تجمعات، فطرته بتجبره إنه يكون محتاج؛ محتاج يحب ويصاحب ويبقى عنده أولاد، محتاج علاقته بأهله تبقى طيبة، وفي صراع دائم إنه يحافظ على توازن العلاقات دي في حياته.
عشان كده لو أي جانب من الجوانب دي اختل، بيسبب له مشكلة وأزمة، ويفضل عنده جزء ناقص لحد ما يعدّل مسار الجانب ده.
مستحيل يكون الإنسان وحيد وسعيد، ولهذا السبب نخاف ليس من الوحدة، بل من الحزن؛ لأننا نحتاج إلى تبادل مشاعر الحزن والفرح والغضب مع أشخاص مثلنا.
2- أسباب الوحدة
بما إن الإنسان لا يستطيع العيش بدون أشخاص حوله ودعم من اللي بيحبهم، ليه بنشوف ناس وحيدة تمامًا؟
هل الوحدة اختيار أم شيء الإنسان مجبر عليه في بعض الأحيان؟
يوجد نوعان من الإنسان الوحيد.
النوع الأول: إنسان وحيد باختياره
بسبب إنه لم يُخلق في بيئة هادئة ومُحبة من الأهل، ولم ينل الرعاية الكافية التي تجعله يحب البشر ويرتاح لصحبتهم، فأصبح يخاف من الأهل، وليس لديه القدرة على اكتساب صداقات.
ومع أول تجربة حب فاشلة، ليس لديه الشجاعة ليحاول مرة أخرى، فاختار أن يبقى وحيدًا، واختار عدم المواجهة. لم يستطع التعامل مع أهله حتى لو كانوا غير سويين.
لا يوجد شخص بدون عيوب ومشكلات، لكنه فضّل عدم التعامل بدلًا من المواجهة وتصليح علاقته مع أهله، واختار أيضًا عدم تعافي نفسه من صدمات ومشاكل الماضي، وفضّل الابتعاد عن أي أصدقاء، واكتفى بخبرة محدودة في الحب لأنه يحكم على الجزء ككل، فيقرر أن يبقى وحيدًا حزينًا.
هو في النهاية شخص ضعيف يحتاج الدعم والاهتمام، ويحتاج معرفة كيفية التعامل مع المشاكل النفسية.
النوع الثاني: إنسان وحيد باختيار من حوله
ذكرنا من قبل أن الإنسان يعيش في تجمعات، لكن ليس دائمًا تكون التجمعات صحية وسوية.
مثل الإنسان الذي يبتعد عنه الناس لأنه حساس زيادة، ويجب التعامل معه بطريقة مختلفة إلى حد ما، لأنه إنسان نشأ بدون أهل وبدون حب، ويحتاج جرعة زائدة من الدعم واللطف.
لكن الواقع قاسٍ، لن يتفهم ما يمر به، فيكون الابتعاد أسهل.
ويواجه نفس المشكلة في الحب والعلاقات؛ فهو يتوقع المزيد من المحبة والحنان، لكنه ينصدم في كل مرة أن الحياة ليست إحساسًا فقط، بل هناك رغبات مادية أكبر من المعنوية.
هذا يكون إنسانًا يريد أن يصبح محبوبًا، ولديه أصدقاء وتجمعات حوله، لكن بسبب عدم تفهم الناس لظروفه الاستثنائية، يبتعدون عنه، فيصبح وحيدًا حزينًا أيضًا.
مميزات الوحدة
الوحدة شيء مرعب وبشع، لكن لها مميزات أيضًا،
مثل أنك تصبح أقوى عندما لا تنتظر شيئًا من أحد، وتصبح أكثر جرأة لأنه ليس لديك شيء تخسره.
لا يوجد شيء تخاف منه لأنك في أكثر شيء مخيف، وهو القاع.
الوحدة أيضًا حالة مؤقتة مؤلمة، لكنها تجعل الإنسان يكتشف نفسه أكثر، ويعرف عيوبه، ويقرر الاستمرار في هذه الوحدة أو يغيّر طريقة تفكيره من أجل البقاء مع البشر.
الحل
من الواضح أن الشخص الوحيد هو شخص لديه مشكلة نفسية واجتماعية، وفي أغلب الأوقات تكون سببها الأهل.
لكن الإنسان لن يضيع حياته بسبب مشاكل ليس لديه يد فيها، لأن من متع الحياة أن يكون الشخص محبوبًا واجتماعيًا، لديه أصدقاء يحبونه ويدعمونه وقت الأزمات، ويوجد من يهوّن عليه، وتزيد الحياة لذة أيضًا عندما يكون هناك شخص يبادله الحب والدعم.
هذا أفضل شيء في الحياة عندما يأتي مع الشخص الصحيح.
ولكي يحصل الإنسان على هذه المتعة، يجب أن يراجع نفسه، ويحاول يوازن بين رغباته ورغبات من حوله، ويبحث عن حل لمشكلاته حتى يعيش الحياة ويستمتع بكل لحظة فيها مع أشخاص يستحقون.
نصيحة
أي شخص وحيد، أنت لست منبوذًا، أنت في مرحلة انتقالية تحدد فيها كيف تريد أن تبدو خلال الفترة القادمة.
والأفضل أن تحاول تغيير طريقة تفكيرك، وتكتسب أصدقاء أسوياء، وتلتقي بالشخص المناسب الذي يهوّن عليك ضغوطات الحياة، وكل ذلك سيحدث في الوقت المناسب ومع الأشخاص المناسبين.
