
ماذا تعرف عن التنفس الخارجي ؟
الجهاز التنفسي:
يتكون الجهاز التنفسي في الثدييات من الرئتين والقفص الصدري، وأكياس البلورا التي توجد بداخلها الرئتان، وجهاز من المجاري الهوائية يحمل الهواء من الرئتين وإليها، وكذا العضلات التي يؤدي نشاطها إلى زيادة أو نقص في حجم القفص الصدري، وأخيراً الأعصاب المتصلة بهذه العضلات.
المجاري الهوائية :
يدخل الهواء عن طريق فتحتي الأنف الخارجيتين وقد يدخل عن طريق الفم . يمر الهواء خلال هاتين الفتحتين إلى تجويفين أنفيين يبطن كل منهما غشاء مخاطي رطب نتيجة إفراز بعض الغدد. يدفـأ الهواء الداخل بالحرارة المشعة من الأوعية الدموية الكثيرة المنتشرة في الغشاء، كما أن المخاط الذي يفرزه الغشاء يكسب الهواء رطوبة ويخلصه من الغبار والجراثيم العالقة به. يصل الهواء إلى البلعوم عن طريق فتحتي الأنف الداخليتين ، ويمر بعد ذلك إلى الحنجرة. والبلعوم ممر مشترك للهواء والغذاء. وتبقى فتحة الحنجرة في البلعوم، وتسمى المزمار، مفتوحة دائما لتمرير الهواء إلا في حالة بلع الطعام فإنها تسد بواسطة غضروف يشبه الملعقة يتدلى من أعلى الحنجرة ويسمى لسان المزمار .
والحنجرة صندوق عضلي وغضروفي صغير يدعم جداره بأربعة غضاريف : غضروف درقي أمامي وغضروف حلقي سفلي وغضروفان صغيران خلفيان . ويبطن الحنجرة من الداخل غشاء مخاطي يمتد فيه زوجان من الأحبال الصوتية: زوج أماتمي يسمى الأحبال الصوتية الكاذبة لا دخل له في حدوث الصوت، وزوج خلفي يسمى الأحبال الصوتية الحقيقية لأن الصوت يحدث نتيجة اهتزاز هذين الحبلين بسبب اندفاع الهواء بينهما. ولذا سميت الحنجرة أيضا بصندوق الصوت. ويلاحظ أن الحنجرة في الإنسان اكثر وضوحاً في الرجل، وتبرز قليلاً إلى الأمام، ويطلق عليها تفاحة آدم . ومن الحنجرة يندفع الهواء إلى القصبة الهوائية.
والقصبة الهوائية أنبوبة مفتوحة دائما بسبب وجود حلقات غضروفية تدعم جدارها، وهذه الحلقات غير كاملة الاستدارة من الخلف في الجهة الملاصقة للمرئ. وتبطن القصبة الهوائية بغشاء مخاطي به خلايا كأسية تفرز مخاطاً، كما توجد غدد مخاطية في الطبقة تحت المخاطية . ويعمل المخاط على ترطيب الهواء الداخل وتنقيته. كما توجد أهداب على خلايا الغشاء المخاطي تدفع بالمخاط وما قد يحمله في اتجاه الفم. وتمتد القصبة الهوائية من نهاية الحنجرة متجهة إلى أسفل في منطقة العنق، ثم تدخل القفص الصدري . وعند منتصف القفص تقريباً تتفرع القصبة إلى شعبتين هوائيتين تتجه كل منهما إلى إحدى الرئتين.
والشعبة الهوائية تشبه القصبة في التركيب والوظيفة فنجد أنها مبطنة أيضا بغشاء مخاطي به أهداب، كما أنها مدعمة بحلقات غضروفية تبقيها مفتوحة دائماً. وهذه الحلقات تامة الاستدارة بعكس حلقات القصبة الهوائية التي تتميز بأنها غير كاملة الاستدارة من الخلف وذلك لتسمح للمرئ الملاصق لها بالتمدد أثناء مرور الطعام فيه. وفي داخل الرئة تتفرع كل شعبة إلى فروع تتفرع بدورها إلى فروع أصغر فأصغر مكونة ما يعرف بالشجرة الشعيبية . ويطلق على الفروع الصغيرة اسم شُعيبات . ويوجد بجدران هذه الشعيبات نسيج عضلي ولكن لا يوجد به غضاريف. ويخرج من كل شعيبة عدد من القنوات الحويصلية تؤدي كل منها إلى عدد من الأكياس الهوائية ذات الجدران الرقيقة تسمى الأكياس الحويصلية .
وينشأ من جدار كل كيس عدد من تجاويف صغيرة جدا مملوءة بالهواء على شكل جيوب أو أنصاف دوائر تسمى بالحويصلات الهوائية. ويبلغ عدد هذه الحويصلات في الرئتين عدة ملايين، وهي التي تعطي الرئتين قوامهما الإسفنجي المميز، كما تزيد من مساحة سطحيهما . وتحدث عملية تبادل الغازات داخل هذه الحويصلات بين الهواء الذي يملأها والدم الذي يجري في الشعيرات الدموية المحيطة بجدرانها الرقيقة.
القفص الصدري:
الصدر، أو القفص الصدري كما يسمى أحيانا، غرفة مقفلة تماما يحدها القص من الأمام، والضلوع من الجانبين، والعمود الفقري من الخلف، والحجاب الحاجز من أسفل. وتكون الضلوع الهيكل الأساسي للقفص الصدري، وتتصل بعضها ببعض بواسطة مجموعتين من العضلات: عضلات بين ضلعية داخلية وعضلات بين ضلعية خارجية. ويوجد اثنا عشر زوجاً من الضلوع : الأزواج العشرة العلوية منها تتصل بالقفص بطريق مباشر أو غير مباشر، والزوجان السفليان سائبان من الأمام، ولذا تسمى هذه الضلوع الأربعة بالضلوع الطافية.
وتشغل الرئتان الجزء الأكبر من تجويف القفص الصدري. ويحيط بكل رئة غشاء رقيق ورطب ولمّاع يسمى بغشاء البلورا الأحشائي . ويمتد هذا الغشاء ليبطن جدار القفص الصدري من الداخل، ويسمى بغشاء البلورا الجداري . وينحصر بين الغشاءين تجويف يسمى تجويف البلورا أو كيس البلورا . ولا يوجد هواء في هذا التجويف ولكن يملأه سائل لمفي يعمل على ترطيب الغشائين وتسهيل حركتهما الواحد على الآخر. ويقوم غشاءا البلورا بالمحافظة على الرئتين وتقليل الاحتكاك بين جدرانهما وجدران القفص الصدري عندما تتمدد الرئتان أثناء عملية الشهيق. وإذا حدث والتهب غشاءا البلورا فإن كمية السائل التي تملأ التجويف تزيد كثيرا، كما يصاحب عملية التنفس آلام شديدة، ويطلق على هذه الحالة اسم التهاب البلورا. فإذا تركت الحالة بدون علاج زادت كمية السائل، ثم يبدأ بعد ذلك في التقيح، وتعرف هذه الحالة المتقدمة من المرض باسم empyema، ولا في بد في هذه الحالة من سحب السائل المتقيح عن طريق فتحة في جدار القفص.
آلية التنفس:
تشتمل علمية التنفس في الثدييات على عمليتين متعاقبتين: عملية شهيق يتسع فيها الصدر وتتمدد الرئتان فيندفع الهواء من الخارج ليملأ الرئتين، وعملية زفير يعود فيها الصدر والرئتان إلى حجمهم الطبيعي، ويطرد الهواء إلى الخارج. وتتم هاتان العمليتان بواسطة نوعين من الحركة: حركة الضلوع وحركة الحجاب الحاجز. ولهذا فإننا نميز بين نوعين من التنفس:
أ-تنفس بالحجاب الحاجز:
وهو التنفس الهادئ، ويتميز بحركة الحجاب الحاجز فقط. ويسمى أيضا تنفساً بطنياً لأننا نشاهد أثناء حدوثه حركة ظاهرة في البطن، إذ يبرز جدار البطن إلى الأمام ثم يرتد إلى الخلف (إذا كان الإنسان واقفاً).
ب-تنفس ضلعي:
ويتميز بحركة الضلوع . ونحن نتنفس أثناء النوم بالتنفس البطني فقط، ولكن عند الحركة أو القيام بمجهود عضلي فإننا نتنفس بالحجاب الحاجز والضلوع معاً.
الشهيق:
يتسع تجويف الصدر، أثناء هذه العملية، في اتجاهين: من جانب إ لى جانب نتيجة حركة الضلوع، ومن أعلى إلى أسفل نتيجة حركة الحجاب الحاجز . ولما كانت حركة الضلوع والحجاب الحاجز ناتجة عن تقلص العضلات فإن هذه العملية توصف بأنها عملية إيجابية لأنها تحتاج إلى صرف طاقة.
أ-حركة الحجاب الحاجز:
لو نظرنا إلى الحجاب الحاجز من أسفل لرأينا أنه عبارة عن قرص مستدير يفصل القفص الصدري عن التجويف البطني .
ويوجد في وسط هذا القرص نسيج وتري أبيض اللون، بينما تتكون حافة القرص من ألياف عضلية. وللحجاب الحاجز سطحان: سطح محدب في اتجاه القفص وسطح مقعر في اتجاه تجويف البطن. لذا فإن الحجاب الحاجز – في وضعه الطبيعي – مقوس إلى أعلى (عندما يكون الإنسان واقفاً) . وعندما تتقلص عضلات الحجاب – أثناء عملية الشهيق – يقل تحدب الحجاب، أي يتحرك إلى أسفل، وينتج عن ذلك اتساع في تجويف الصدر من أعلى إلى أسفل. وتتمدد الرئتان تبعا لذلك لتملأ حيز التجويف الصدري الذي اتسع، مما يؤدي إلى زيادة حجم الرئتين، فيقل الضغط داخلهما عن الضغط الجوي، ولهذا يندفع الهواء من الخارج ليملأ الرئتين حتى يتعادل الضغطان الداخلي والخارجي.
وفي نفس الوقت – ونتيجة لحركة الحجاب الحاجز - تحدث تغييرات في البطن، إذ يزيد الضغط داخل تجويف البطن وتتحرك الأحشاء إلى أسفل. ثم ترتخي عضلات جدار البطن فتدفع الأحشاء بهذا الجدار إلى الأمام. وهذه هي الحركة التي نشاهدها بوضوح في حالة التنفس بالحجاب الحاجز، لأننا لا نشاهد طبعا حركة الحجاب الحاجز نفسه. وهذه الحركة – أي بروز جدار البطن إلى الخارج ثم رجوعه – هي الحركة التنفسية الوحيدة التي نشاهدها في إنسان نائم، وبواسطتها نستطيع أن نحكم إن كان هذا الإنسان نائماً أو ميتا.
ب-حركة الضلوع:
أثناء عملية الشهيق تتقلص عضلات الضلوع، فتتحرك الضلوع إلى أعلى وإلى الجانبين مما ينتج عنه اتساع في تجويف الصدر من الجانبين، وكذلك من الأمام إلى الخلف. تتمد الرئتان لتملأ الفراغ الجديد مما يؤدي إلى زيادة حجم الرئتين، وبالتالي نقص الضغط داخلهما عن الضغط الجوي، فيندفع الهواء من الخارج ليملأ الرئتين المتمددتين. وهكذا نرى أنه نتيجة لحركة الضلوع والحجاب الحاجز معا فإن أبعاد القفص الصدري تزيد في كل اتجاه، فيتسع التجويف من أعلى إلى أسفل ومن الجانبين ومن الأمام إلى الخلف، مما ينتج عنه خلق فراغ تسعى الرئتان إلى ملئه بالتمدد.
الزفير:
في هذه الحالة ترتخي عضلات الحجاب الحاجز والضلوع، فيعود الحجاب الحاجز والضلوع إلى وضعهم الطبيعي، ويعود حجم التجويف الصدري والرئتين إلى حالتهم الطبيعية، أي يقل حجمهم عما كان عليه أثناء عملية الشهيق. ونتيجة لذلك يندفع الهواء من الرئتين إلى الخارج سالكاً نفس الطريق الذي اتبعه عند الدخول. وتلعب مطاطية الرئتين دوراً مساعداً في عملية الزفير.
وبالرغم من أن عملية الزفير عملية سلبية تتم بدون أي جهد عضلي، ولا تحتاج إلى طاقة بعكس عملية الشهيق، إلا أنها تصبح عملية إيجابية في بعض الحالات مثل الكلام والضحك والسعال والغناء. وفي هذه الحالات تتم العملية نتيجة تقلص بعض العضلات.
وهناك نوعان من هذه العضلات التي يعمل تقلصها على إتمام عملية الزفير:
أ-عضلات تؤدي تقلصها إلى الضغط على أحشاء البطن فتسهل رجوع الحجاب الحاجز إلى وضعه الطبيعي. وهذه العضلات تشمل عضلات جدار البطن.
ب- عضلات يؤدي تقلصها إلى سرعة عودة الضلوع إلى وضعها الطبيعي. واهم هذه العضلات هي العضلات بين الضلعية الداخلية.