الرسم الكهربائي للقلب

 إن عضلة القلب – مثل أية عضلة أخرى – عندما تنقبض تُولد تياراً كهربائياً ينبع من داخل العضلة نفسها نتيجة تحرك الأيونات عبر الأغشية الخلوية. وينشأ هذا التيار في العقدة الجيب أذينية، ومنها ينتقل إلى جميع أجزاء القلب، كما ينتشر على سطح الجسم. وعندما تنتشر موجة الإثارة خلال القلب تحدث تغييرات في الجُهد الكهربائي  electrical  potential يمكن تسجيلها – في حالة الحيوانات – بوضع أقطاب كهربائية على سطح القلب مباشرة، وتوصيلها بواسطة أسلاك إلى مقياس جلفاني galvanometer .

ومن البديهي أننا لا يمكن أن نستخدم هذه الطريقة لتسجيل التغييرات في الجهد الكهربائي التي تحدث في حالة قلب الإنسان. ولكن نظراً إلى أن الدم وأنسجة الجسم تعتبر موصلات جيدة للكهرباء يمكننا أن ننظر إلى القلب على أنه مولد كهربائي مغموس في وسط موصل ، ويمكننا في هذه الحالة تسجيل التغييرات الكهربائية التي تحدث أثناء انقباض القلب بوضع قطبين على سطح الجسم في موقعين معينين وتوصيل القطبين إلى جهاز خاص. ويطلق على الرسم الذي نحصل عليه اسم الرسم الكهربائي للقلب electrocardiogram ، وللاختصار E C G ، وعلى الجهاز المستخدم اسم جهاز رسم القلب electrocardiograph.

التوصيلات Leads:

أن القطُبين يوضعان على نقطتين معينتين في الجسم، ويطلق على هاتين النقطتين اسم التوصيلة Lead. وبما أن المقاومة الكهربائية لسطح الجلد الجاف كبيرة جدا يُحك الجلد بمادة هلامية jelly تحتوي على مسحوق السليكا وإلكترولايت electrolyte . يُزيل المسحوق الخلايا الميتة الموجودة على سطح الجلد، والتي تُعيق توصيل الكهرباء، بينما تكون الإلكترولايت طبقة بين الجلد والقطب المعطني، وبذا تسهل توصيل الكهرباء. ويستعاض عن المادة الهلامية باستخدام قطع من الورق شبعت من قبل بمحلول إلكترولايت ، ويثبت القطب في موضعه بواسطة شريط من المطاط.

وتستخدم التوصيلات المختلفة التالية في رسم القلب:

1-التوصيلات القياسية Standard Leads وهي ثلاثة:

أ-التوصيلة الأولى : توصل النهاية السالبة لجهاز رسم القلب بالقطب الموضوع على اليد اليمنى (أو الذراع الأيمن)، بينما توصل النهاية الموجبة بالقطب الموضوع على اليد اليسرى ( أو الذراع الأيسر).

ب-التوصيلة الثانية: توصل النهاية السالبة لجهاز رسم القلب بالقطب الموضوع على اليد اليمنى (أو الذراع الأيمن)، بينما توصل النهاية الموجبة بالقطب الموضوع على القدم اليسرى (أو الرجل اليسرى).

ج- التوصيلة الثالثة: توصل النهاية السالبة لجهاز رسم القلب بالقطب الموضوع على اليد اليسرى ( أو الذراع الأيسر) ، بينما توصل النهاية الموجبة بالقطب الموضوع على القدم اليسرى ( أو الرجل اليسرى).

2-التوصيلات الصدرية chest Leads :

وهي ست توصيلات توصل فيها النهاية الموجبة لجهاز رسم القلب بقطب يوضع على الصدر في ستة مواقع معينة ، بينما توصل النهاية السالبة للجهاز بنهاية مركزية central terminal تتكون من اتحاد ثلاثة أسلاك يتصل أحدها بقطب يوضع على اليد اليمنى والثاني بقطب ضوع على اليد اليسرى والثالث بقطب يوضع على القدم اليسرى. وتمر هذه الأسلاك الثلاثة خلال مقاومة تقدر بـ 5000 أوم ohms قبل أن تصل إلى النهاية المركزية. وهناك ستة مواقع معينة على الصدر، يوضع عليها القطب، ويرمز لها بالحروف V₂, V₁ حتى V₆ ويعطي الرسم الناتج عن هذه التوصيلات صورة متكاملة عن النشاط الكهربائي للقلب يعتمد عليها الطبيب في اكتشاف أية عِلة بالقلب أكثر من اعتماده على الرسم الناتج عن التوصيلات القياسية.

3-توصيلات الأطراف الأحادية القطب Unipolar Limb Leads:

وهي ثلاثة توصيلات يوصل فيها اثنان من الأطراف المستعملة في التوصيلات القياسية (اليد اليمنى واليد اليسرى والقدم اليسرى) خلال مقاومة مناسبة بنهاية مركزية توصل بالنهاية السالبة لجهاز الرسم، بينما توصل النهاية الموجبة للجهاز بقطب يوضع على الطرف الثالث. ويرمز لهذه التوصيلات بالحروف

aVL

aVR

aVF

  ونلاحظ أن الخلاف بينها  في الحرف الأخير فقط : ففي حالة aVF يوضع القطب المتصل بالنهاية الموجبة للجهاز على القدم اليسرى، وفي حالة aVR

يوضع القطب على اليد اليمنى، بينما يوضع على اليد اليسرى في حالة aVL

رسم القلب السليم Normal E.C.G:

نشاهد في رسم القلب السليم ثلاث موجات رئيسية، الموجة الأولى ويرمز لها بالحرف (P) تمثل التغييرات الكهربائية التي تسبق انقباض الأذينين، بينما تمثل الموجة الثانية، وهي موجة مركبة يرمز لها بالحروف (QRS) ، انتشار موجة الإثارة الذي يسبق انقباض البطينين.

أما الموجة الثالثة، ويرمز لها بالحرف (T)، فتمثل التغييرات الكهربائية التي تحدث أثناء انبساط البطينين. وبالإضافة إلى هذه الموجات تشاهد في الرسم في بعض الأحيان موجة صغيرة يرمز لها بالحرف (U) تعقب الموجة (T). ولا يعرف سبب ظهور هذه الموجة أو أهميتها، ويعتقد أنها تشاهد في بعض الحالات غير الطبيعية.

ونلاحظ أن بعض أجزاء الرسم يوجد فوق الخط القاعدي ويمثل موجات موجبة، بينما يوجد البعض الآخر أسفل هذا الخط ويمثل موجات سالبة. وتبعا لهذا فإن الموجات (P) و(R) و(T) تعتبر موجات موجبة والموجتان ( Q) و( S) سالبتان. ونلاحظ أيضا أن الموجة (R) أطول الموجات وأكثرها وضوحاً، بينما تعتبر الموجة (Q) أصغر الموجات وأقلها وضوحا، وقد لا تشاهد على الإطلاق في رسم القلب السليم.

 

 

الخطوط الأفقية قوة الموجة مقدرة بالملي فولت. وقد خطط الورق بحيث أن المسافة بين كل خطين رأسيين تساوي 0.04 من الثانية. وبين كل خطين أفقيين 0.1 مللي فولت. ويمكننا الآن حساب قوة كل موجة ومدتها، وكذلك الفترات الزمنية بين الموجات.

الموجة (P) وتمثل النشاط الكهربائي الذي يصحب انتقال موجة الإثارة من العقدة الجيب أذينية إلى الأذينين. وتتراوح قوة هذه الموجة من 0.2 إلى 0.3 مللي فولت، وتبلغ مدتها حوالي 0.08 من الثانية ( لا تزيد عن 0.12 من الثانية). وتمثل هذه المدة الزمن اللازم لانتشار موجة الإثارة في العضلة الأذينية.

المركب (QRS) ويمثل النشاط الكهربائي الذي يحدث في البطينين قبل انقباضهما. وتبلغ قوة الموجة حوالي مللي فولت واحد، وتتراوح مدتها تبعا لسرعة نبض القلب من 0.06 إلى 0.1 من الثانية، ولكنها لا تزيد عن 0.12 من الثانية.

الموجة (T) وتمثل النشاط الكهربائي أثناء انبساط البطينين. وتبلغ قوتها حوالي 0.3 مللي فولت ومدتها حوالي 0.16 من الثانية.

الفترة الزمنية ( P-R) وهي فترة مهمة تقاس من بداية الموجة (P ) إلى بداية المركب (QRS) . ونظرا إلى أن الموجة (Q) لا نشاهد في رسم القلب السليم فقد سميت الفترة ( P-R) بدلا من (P-O) . وتمثل هذه الفترة الزمن الذي تتطلبه موجة الإثارة لكي تنتقل من العقدة الجيب أذينية إلى العقدة الأذينية البطينية. وتبلغ هذه الفترة في القلب السليم حوالي 0.16 من الثانية، ولا تزيد عن 0.2 من الثانية.

الفترة الزمنية (Q-T) وتقاس من بداية المركب (QRS) إلى نهاية الموجة (T) ، أي من بداية انقباض البطينين إلى نهاية انقباضهما . وبعبارة أخرى تمثل هذه الفترة ما يسمى بالانقباض الكهربائي . وتختلف مدة هذه الفترة تبعا لسرعة نبض القلب. فعندما ينبض القلب بمعدله الطبيعي ( 70 نبضة في الدقيقة) فإن هذه الفترة تبلغ 0.36 من الثانية. وكلما زادت سرعة النبض قلت هذه الفترة. فمثلا عندما تصل سرعة النبض إلى 120 في الدقيقة تصبح هذه الفترة 0.28 من الثانية .