تنظيم عملية التنفس   Regulation of Breathing

تنظيم عملية التنفس Regulation of Breathing

0 المراجعات

أن التنفس في الأساس عملية غير إرادية تتم تلقائياً وبدون أن نفكر فيها. ومع ذلك يمكن للإنسان أن يخضع الحركات التنفسية لإرادته إلى حد ما، إذ في إمكانه أن يزيد من سرعتها وعُمقهان أو يوقف هذه الحركات تماما. ولكنه لا يستطيع أن يوقف التنفس لمدة طويلة لأن الحركات التنفسية سرعان ما تبدأ من جديد، ويضطر الإنسان إلى التنفس رغما عنه. فما الذي يتحكم إذا في عملية التنفس، وماهي العوامل التي تنظمها؟ هناك عاملان مهمان، أحدهما عصبي والآخر كيميائي، يقومان بتنظيم سرعة وعمق الحركات التنفسية، وبالتالي ينظمان كمية الأكسجين التي تصل إلى الخلايا، وسرعة تخلصها من ثاني أكسيد الكربون.

التحكم العصبي :

وتنظمها عن طريق سيطرتها على العضلات التنفسية (عضلات الضلوع والحجاب الحاجز) . وسواء كانت عملية التنفس إرادية أو غير إرادية ، فإن تقلص العضلات التنفسية يعتمد على تنبيه عصبي صادر من هذه المراكز العصبية. فإذا قُطع العصب الذي يتصل بالجزء العضلي من الحجاب الحاجز والمسمى phrenic nerve، والأعصاب التي تتصل بالعضلات بين الضلعية intercostal nerves توقفت الحركات التنفسية على الفور. وهكذا تتحكم المراكز العصبية للتنفس – عن طريق هذه الأعصاب – في حركات الضلوع والحجاب الحاجز، وتوجد ثلاثة مراكز عصبية خاصة بالتنفس. ويتكون كل منها من مجموعة من الخلايا العصبية المتخصصة. وهذه المراكز هي:

أ-المركز العصبي للشهيق : ويوجد في الجهة البطنية من النخاع المستطيل للدماغ – واحد على كل جانب- ويؤدي تنبيه هذا المركز إلى حدوث عملية الشهيق واستمرارها حتى الوفاة طالما استمر الحافز الذي أدى إلى تنبيه المركز.

ب- المركز العصبي للزفير: ويوجد في  الجهة الظهرية من النخاع المستطيل أمام المركز العصبي للشهيق. ويؤدي تنبيه هذا المركز إلى حدوث عملية الزفير.

ج-مركز عصبي ثالث يسمى pneumotaxic centre يوجد في جزء الدماغ المسمى بالقنطرة pons. ويعمل هذا المركز على تنبيه مركزي الشهيق والزفير بالتعاقب، وينتج عن ذلك حدوث عمليتي الشهيق والزفير بالتعاقب واحدة بعد الأخرى. ويمثل هذا المركز جزءا من دائرة تتكون من ثلاثة مراكز عصبية.

تنشأ السيالات العصبية جميعها من المركز العصبي للشهيق. تنتقل هذه السيالات عبر الأعصاب إلى عضلات الضلوع والحجاب الحاجز مسببة انقباضها وزيادة سعة الصدر وتمدد الرئتين ، ومن ثم اندفاع الهواء إلى داخلهما . ويوجد في جدران الحويصلات الهوائية ما يسمى بمستقبلات الضغط وهي عبارة عن نهايات أعصاب حسية تتنبه نتيجة تمدد الرئتين أثناء عملية الشهيق ، فترسل سيالات عصبية ينقلها العصب التائه إلى المركز العصبي للزفير الذي يتنبه بدوره ويرسل سيالات عصبية إلى المركز العصبي للشهيق تؤدي إلى تثبيطه. وينتج عن ذلك ارتخاء عضلات الضلوع والحجاب الحاجز وحدوث عملية الزفير. ويطلق على هذه العمليات التي تؤدي إلى حدوث الزفير اسم انعكاس هرنج وبُروار Hering -Breuer reflex . 

التحكم الكيميائي:

يعتبر التركيب الكيميائي للدم الذي يُغذي خلايا الدماغ عاملا مهما في تنظيم عملية التنفس، وذلك لأن خلايا المراكز العصبية الخاصة بالتنفس تتأثر تأثرا كبيراً بأية تغييرات تحدث في التركيب الكيميائي للدم الذي يصلها، وخاصة تغييرات في كمية الأكسجين، وكمية ثاني أكسيد الكربون ، ودرجة تركيز أيون الهيدروجين، ودرجة الحرارة. وأهم هذه التغييرات وأكرها تأثيراً على المراكز العصبية الخاصة بالتنفس هي تلك التي تحدث في كمية ثاني أكسيد الكربون وكمية الأكسجين في الدم.

أ-ثاني أكسيد الكربون:

عندما يقوم الإنسان بمجهود عضلي تزيد كمية ثاني أكسيد الكربون التي تضاف إلى الدم من العضلات فيرتفع ضغطه الجزئي في الدم. يؤدي ذلك إلى تنبيه المراكز العصبية الخاصة بالتنفس، وبصورة خاصة المركز العصبي للشهيق، فيقوم هذا الأخير بإرسال سيالات عصبية إلى عضلات التنفس، مما يؤدي إلى زيادة سرعة الحركات التنفسية. ونتيجة لهذه الزيادة يتخلص الجسم بسرعة من ثاني أكسيد الكربون مع هواء الزفير، فيقل ضغطه الجزئي في الدم، وتعود الحركات التنفسية تدريجياً إلى سرعتها الطبيعية. وتعتبر زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون في الدم العامل المهم في الأحوال العادية. وتزيد أهميته عن انخفاض نسبة الأكسجين في الدم.

ب-الأكسجين:

لا يعتبر تركيز الأكسجين ، أو ضغطه الجزئي، عاملا مهما في الأحوال العادية في تنظيم عملية التنفس. لأنه حتى وإن انخفض الضغط الجزئي للأكسجين في هواء الحويصلات إلى 60 مم زئبق فإن كميات كبيرة من الأكسجين تظل مرتبطة بالهيموموجلوبين على شكل أُكسي هيموجلوبين. ولكن إذا ركب الإنسان طائرة ضغطها غير مكيف وحلق بها في الأجواء العالية، أو إذا عاش في أماكن جبلية ترتفع كثيرا عن سطح البحر فإن سرعة التنفس تزيد كثيراً. والسبب في ذلك هو أننا كلما ارتفعنا عن سطح البحر كلما انخفضت كمية الأكسجين في الهواء الجوي وقل ضغطه الجزئي في الهواء الذي يملأ الحويصلات حتى يصل إلى أقل من 60 مم زئبق. ونتيجة لنقص كمية الأكسجين في الدم لا تحصل الخلايا على حاجتها منه مما يؤثر على عمليات الأكسدة التي تحدث داخلها، فلا تتم بصورة طبيعية. وتنتج عن هذا التأكسد غير الكامل مواد معينة أهمها حامض اللِّكْتِيك الذي تزيد نسبته في الدم. وتوجد في جدران شريان الأبهر والشريان السباتي carotid artery مُستَقْبِلات كيميائية chemoreceptors تتأثر بانخفاض كمية الأكسجين أو زيادة كمية حامض اللكتيك. تُرسل هذه المستقبلات سيالات عصبية إلى المراكز العصبية الخاصة بالتنفس تعمل على تنبيهها، وبالتالي زيادة الحركات التنفسية، وزيادة كمية هواء التهوية التي تصل عندئذ إلى ثمانية أو تسعة لترات في الدقيقة الواحدة. ولا تقارن هذه الزيادة في كمية التهوية بالزيادة التي تحدث نتيجة زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون في الدم.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

219

متابعهم

587

متابعهم

6653

مقالات مشابة