الكاتب الإنجليزي (توماس كارلايل )

الكاتب الإنجليزي (توماس كارلايل )

تقييم 5 من 5.
1 المراجعات

المألوف في تقدير كبار رجال الأدب والفن والفكر، أن يبلغ أقصى درجاته، وأن يأخذ أوضح مظاهره، بعد أن يفرغ الكاتب أو الأديب أو الفنان أو رجل الفكر، من هذه الدنيا .. بعد أن يفارقها إلى مثواه الأخير.

ظاهرة لا تفسير لها ، إلا أن نفترض أن بيئة الكاتب، أو بيئة الفنان، لا تشعر بالفراغ الذي يتركه إلا بعد أن يموت..

صحيح أن قلة من مشاهير الشعراء والفنانين قد نعموا بحفاوة الناس وتقديرهم في حياتهم، ولكنه الشذوذ الذي يثبت القاعدة .. أو القاعدة المألوفة حتى اليوم إن لم يكن في جميع أنحاء العالم، ففي العالم العربي على الأقل.

ويختلف الكاتب الإنجليزي ( توماس كارلايل) عن غيره من أعلام الأدب في القرن التاسع عشر الميلادي، بأنه لقي في حياته كل ما يطمح إليه كاتب من التقدير والحفاوة وحظيت كتبه بالكثير من النقد والدراسة والتحليل، ولكن ، بعد مماته حدث العكس تماما، إذ تناولته أقلام النقاد بقسوة بالغة، وحملت عليه حملات عارمة، وجدت من يعارضها ومن يدفع عنه ما أخذ عليه – وهو كثير – ولكن ظل أغلب ما كتب عنه بعد مماته يميل إلى التشكيك في قدراته، وفيما ترك من آثار.

وهو صاحب كتاب (الأبطال) الذي نقله إلى العربية المرحوم الأستاذ إسماعيل مظهر في أوائل الثلاثينات.

وبقراءة كتاب (الأبطال) لتوماس كارلايل، ندرك بعض الأسباب التي جعلت الأقلام تتجه إلى نقده والحملة عليه بعد وفاته. إذ نرى فيه الكاتب يرفض بإصرار الدعوة إلى (المساواة).. فهو يرى أن الناس غير متساوين ولا سبيل إلى أن يكونوا كذلك، لأن لبعضهم مواهب وقدرات تؤهلهم لأن تكون لهم المكانة المرموقة في المجتمع، وفي الحياة عموما، بينما بعضهم أو أكثرهم محروم من هذه المواهب . والقدرات، فكيف يصح أن يتساوى أولئك بهؤلاء؟ كيف يستوي النابغة والعبقري والفدم الغبي.. ومن هذه النظرة تنكر كارلايل للديموقراطية التي تعبث بالقيم، وتستبعد المتفوقين وأصحاب القدرات الكبيرة، بينما تفسح المجال للدعى، والكاذب، والقادر على خداع الناس – ولعله كان يقصد ديمقراطية الانتخابات، التي ما تزال حتى اليوم – في كير من بلدان العالم، وقفاً على من يستطيع أن يدعم ترشيحه لنفسه بما ينفق من أموال وما يسرف فيه من وعود توصله إلى المقعد فإذا وصل إليه نسي أو تناسى كل ما وعد به.

ويقول الأستاذ علي أدهم الذي كتب دراسة طيبةعن كتاب الأبطال، ومقدمة عن توماس كارلايل. (حياة كارلايل مثل حياة أكثر الكتاب والمؤلفين، لم تتخللها أحداث خارجية عظيمة، فهي تكاد تكون مقصورة على مغامراته الفكرية والمؤلفات التي استأثرت بجهده، واستغرقت وقته، وحياته الزوجية وعلاقاته بأصدقائه القليلين المختارين) ثم يقول: ( ولد كارلايل في (أكليفيكان) إحدى قرى مقاطعة (دمفريزشاير) بانجلترا في اليوم الرابع من ديسمبر عام 1795م، أي قبل أن يبدأ نابليون بونابرت، غزواته في أوروبا بأربعةأشهر.).

وكتاب (كارلايل) عن (الأبطال) حظى بالتقدير، إلى جانب النقد.. وهو في هذا الكتاب يجد الرابطة الوثيقة بين (البطل) وحضارة عصره، والشعور بالبطولة في الإنسان، هو الذي يجدد الإنسانية، وينقذها من الضلال والتخلف والجمود. وكأنه يقول لنا: إن تطور الحياة الإنسانية عموما مرتبط بوجود البطل أو الأبطال.. وتتعدد صور الأبطال في كتاب كارلايل، فمنهم الشعراء مثل شيكسبير، ومنهم المحاربون والقادة مثل ( كرومويل) ونابليون .. 

وبرغم الكثير والمتعسف من النقد الذي وجه إلى كتاب الأبطال لكارلايل وعن موقف البطل وتأثره في التاريخ، فإن نظرات الكاتب ما تزال تحتفظ بقوتها حتى اليوم.. وسيظل كتابه ( الأبطال) من الآثار الفنية الممتازة، في الأدب الإنجليزي.. بل وفي الأدب العالمي.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

265

متابعهم

597

متابعهم

6658

مقالات مشابة
-