ابن الهيثم: أحد علماء الطبيعية الإسلاميين ، ويعتبر الأرفع شأنا والأعلى كعبا.

أحد علماء ثلاثة، يزدهى بهم تاريخ العلم، وهم ابن سينا وابن الهيثم والبيروني، بلغت الحضارة العلمية الإسلامية في عهدهم الذروة وذلك من منتصف القرن العاشر إلى منتصف القرن الحادي عشر الميلادي، وهو كأحد علماء الطبيعية الإسلاميين، يعتبر الأرفع شأناً والأعلى كعباً، والأرسخ قدماً، ولعله في مقدمة علماء الطبيعة في جميع العصور والأحقاب، جلاه لنا أبدع تجليه أستاذنا مصطفى نظيف في كتابه الرائع" الحسن ابن الهيثم" الذي نشره منذ أكثر من خمسين عاماً، وقد عرفته أوروبا باسم المازن، وهو تحريف لكلمة الحسن. وهو الحسن ابن الهيثم ولد في منتصف القرن الرابع الهجري، حوالي سنة 354 هجرية أو سنة 965م وقد عاش أول أمره في البصرة. وظلت كتبه المرجع الذي يعتمد عليه أهل الصناعة في علم الضوء حتى القرن السابع عشر الميلادي، وكان يسميه ابن الهيثم " علم المناظر" . دأب على تحصيل العلوم الفلسفية والطبية والفلكية والرياضية، قرأ كتب من تقدمه من العلماء، قرأها قراءة تدبر وتفكير ودراسة وعنى بتلخيصها وشرحها، ثم جعل يؤلف فيها وبلغت عدة ما ألف في العلوم الفلسفية والطبيعية ثلاثة وأربعين كتاباً وفي الرياضية والتعليمية خمسةوعشرين وفي الهندسة واحدا وعشرين كتابا، وفي الفلك سبعة عشر وفي الحساب ثلاثة كتب. لقد نيفت مصنفاته وكتبه ورسائله على المائتين، ذاعت بين الناس في عصره وضاع كثر منها، بل لم يصل إلينا علمه. فقد ذكر أنه ألف في الهندسة ثمانية وخمسين مصنفا، لا نجد منها في مكاتب العالم سوكى واحد وعشرين، وفي الطبيعة أربعة وعشرين، لا نجد منها إلا اثني عشر ، وفي الفلك أربعة وعشرين لا نعرف منها سوى سبعة عشر، وفي الطب كتابين، وفي الفلسفة والمنطق وعلم النفس والأخلاق والإلهيات واللغة ما يزيد على أربعين مؤلفا.

إن ابن الهيثم في أخذه بالاستقبراء واعتماده على المشاهدة والاعتبار يكون قد سبق باكون ، وأنه ليضعه في المقدمة بين علماء الطبيعة النظرية بما وضع في ظواهر الضوء. من نظريات في الإبصار وقوس قزح وانعكاس الضوء وانعطافه كما يضعه في المقدمة بين  علماء الطبيعة التجريبية ، بما أجرى من تجارب عن كيفية امتداد الأضواء الذاتية التي تنبعت من الأجسام المضيئة بذاتها كضوء الشمس وضوء النهار والأضواء العريضة التي تشرق من سطوح الأجسام الكثيفة التي تستضيء بضوء الأجسام المضيئة بذاتها أو التي تستضيء بضوء عرضي بشرق من سطح جسم كثيف آخر هو نفسه يستضيء بضوء ذاتي.

وقد تناولت تجاربه ضوء القمر، وضوء الكواكب والضوء المشرق من ضوء أبيض يستضيء بضوء القمر أو ضوء النهار، واستقصى أحوال الإضاءة الشديدة والإضاءة الضعيفة . كما يضعه في المقدمة بين علماء الطبيعية التطبيقية بما طبق من تجارب وأوجد من أجهزة ينتفع بها.

أن ابن الهيثم عالم اجتمعت فيه صفات العالم بالمعنى الحديث، صفات العالم في علم الطبيعة النظرية والتجريبية والتطبيقية، من طراز كلفن، ويقول ابن الهيثم ، وأن أثره في هذا العلم لا يقل عن أثر نيوتن في علم الميكانيكا ، فإن عدد نيوتين رائدا لعلم الميكانيكا في القرن الساع عشر، فإن ابن الهيثم رائد علم الضوء في القرن الحادي عشر.

ولقد تبحر ابن الهيثم في العلوم الرياضية والفلكية ، وأن رسائله في الحساب والجبر وحساب المثلثات والهندسة الإقليدية ، المستوية والمجسمة، لتدل دلالة أكيدة على تضلعه في الرياضيات البحتة وعلو كعبه فيها.

إن المطلع على كتاب ابن الهيثم في حل شكوك إقليدس، يلمس فيه دقته في التفكير وتعمقه في البحث واستقلاله في الحكم، كما تتضح له صحة مكان الهندسة الإقليدية من العلوم الرياضية، فهو في هذا الكتاب رياضي بحت بأدق ما يدل عليه الوصف من معنى. وأبلغ ما يصل إليه من حدود.

لقد أقام ابن الهيثم بالقاهرة إلى أن أدركته الوفاة سنة 430 هجرية. بعد أن عاش ستا وسبعين سنة، قضاها في شطف من العيش وسعة من العلم كان ينسخ بعض الكتب، فيأتيهت من أقصى الأرض من يشتريها بما يكفيه مؤونه العام.