
ماذ ا تعرف عن جون كالفن ؟
ولد جون كالفن في عام 1509م في بلدة نويون بالقرب من باريس، والتحق بجامعة باريس ليدرس علم اللاهوت. وعندما كان في الرابعة والعشرين من عمره تفتحت بصيرته على معان جديدة في الدين المسيحي، فدرس آراء المصلحين الذين كان مارثن لوثر على رأسهم، وهيأه استعداده لقيادة حركة أصلاح جديدة، واعتزل وظيفته الدينية ( مايو 1534م) وغادر فرنسا بسبب اضطهاد الملك فرنسوا الأول للبروتستنت ، وأخذ يتنقل بين عدة مدن إلى أن استقر به المقام في سويسرا عام 1536م، وهناك أصدر كتابه " تنظيمات الدين المسيحي" ، وهو خلاصة التعاليم البروتستنتية.
وقد اتفقت عقيدة كالفن مع اللوثرية من حيث الاعتماد على الكتاب المقدس وحده في جميع المسائل الدينية وأن المسيح هو وحده الذي يشفع للعباد عند الله، وأن التبرير يكون بالإيمان وليس بالأعمال. إلا أن الكلفنية اختلفت عن اللوثرية في مسألة الغفران، إذ كان كالفن يرى أن الغفران من الأمور القدرية التي لا تربط با لأعمال، فالخلاص منحة خاصة يقدمها الله لم يشاء بصرف النظر عن عيوبهم أو نقائصهم او فضائلهم، فالقصاص أو غفران الذنوب من المسائل المقدرة، فقد آمن كلفن بفكرة القضاء والقدر، أكثر مما اعتقد بها لوثر، ويسمى هذا المبدأ القدرية.
كذلك اختلفت الكلفنية عن اللوثرية في موقف كل منهما من المجتمع والدولة، فالكلفنيون رفضوا الاعتراف بخضوع الكنيسة للدولة او بحق أية حكومة أو ملك أو هيئة مدنية في سن تشريعات خاصة بالدين، بل على العكس من ذلك، فقد كان الكلفنيون يتطلعون إلى مجتمع على شاكلة المجتمع الديني يتصف اهله بحسن الخلق وصفات القديسيين وتكون واجبات الملوك فيه خدمة الدين والعمل طبقا لما أنزله الله في الكتاب المقدس، أي( تنصير المجتمع بأكمله). وقد اقام كلفن في مدينة جنيف بسويسرا نموذجا لمجتمعه المسيحي حيث تأسست هيئة من رجال الدين لحكم الكنيسة. ومجتمعا كنسيا من القسس وكبار المواطنين الصالحين لحكم المدنية، وقد كان الحكم صارما يحاسب المسيء ويقضي على المستهترين بمبادئ الدين، وكانت طقوس العبادة تهتم كل الاهتمام بالوعظ والإرشاد وشرح العقيدة، وأزيلت الصور التي تمثل القديسيين والعذراء والمسيح، واستعملت الشموع بدل البخور، واستبدل الغناء بالتراتيل ومنع استعمال الموسيقى في الكنائس، وبالجملة كان كلفن يحاول ان يوجه كنيسته وفق تعاليم الإنجيل.
وقد اضطر إلى مغادرة جنيف لظهور معارضة لصرامة الحكم وقسوة الكنيسة في معاملة الخارجين عن تعاليمها والحجر على الحرية الشخصية للرعايا، ووجد كلفن أن حياته معرضة للخطر أمام المعارضة الشديدة التي تطالب ببطلان النظام الجديد في حكم المدنية وإعادة المنفيين إلى بلدهم ولم يجد بُداً من الخروج من جنيف (إبريل 1538م).
وطاف كلفن أثناء نفيه بعدة بلاد فزار مدينة بال بسويسرا، ودعي إلى مدينة ستراسبورج لإنشاء كنيسة فرنسية لها على النمط الذي يهواه، وهناك شرع في التبشير بمبادئه بإلقاء المحاضرات التي كان يؤمها عدد وفير من المؤمنين بالكلفنية. ولم يلبث المواطنون في جنيف أن طالبوه بالعودة إليها بعد ان تدهورت الأحوال فيها بعد خروجه. وعاد كالفن إلى جنيف عام 1541م لإتمام نشر رسالته وتوجيه الحياة فيها طبقا لمذهبه إلى أن مات عام 1564م.