أشهر قصص الحمير في التراث والدين والأدب والتاريخ الشعبى

أشهر قصص الحمير في التراث والدين والأدب والتاريخ الشعبى

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

أشهر قصص الحمير في التراث والدين والأدب والتاريخ الشعبى

 

image about أشهر قصص الحمير في التراث والدين والأدب والتاريخ الشعبى

رغم أن الحمار يُعد من أقدم الحيوانات التي رافقت الإنسان في حياته اليومية، إلا أن حضوره في التراث العربي والإسلامي والأدب الشعبي يبقى غنيًا بالرموز، متنوعًا بين القداسة والسخرية، وبين الحكمة والاحتقار، وبين التاريخ والحكاية. وعلى خلاف الصورة المتداولة، فإن الحمار لم يكن يومًا رمزًا للغباء عند العرب القدماء، بل كان رمزًا للشدة والصبر والجلَد وقوة التحمل.

اولا :حمار النبي عزير عليه السلام

يروي الله عز وجل فى كتابه الكريم  القرآن الكريم قصة **النبي عزير عليه السلام** عندما مرّ على قرية خَرِبة فقال مستغربًا كيف يحييها الله بعد موتها، فَأَمَاتَهُ الله مئة عام ثم بعثه ليُريه قدرته. وبعد بعثه سأله الله عن مدة غيابه، ثم أراه معجزة واضحة حين نظر إلى طعامه وشرابه فلم يتغير، بينما **حمارُه بُعث أمام عينيه من العظام إلى اللحم إلى الخلق الكامل**.
كان مشهد إحياء الحمار درسًا إلهيًا عظيمًا يؤكد قدرة الله على إحياء الموتى، وقد شكّل علامة فارقة في قصة عزير، حيث رأى بعينه مراحل الخلق ليزداد يقينًا بعظمة الله وإحكام قدرته.

قال تعالى في سورة البقرة (الآية 259):

*﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ ۖ فَانْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ ۖ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ… ﴾**

ذكرت التفاسير (الطبري – ابن كثير – القرطبي) أن الحمار: * مات مع عزير عندما أماته الله 100 عام. * ثم **أُعيد للحياة أمام عينيه** ليكون آية واضحة على قدرة الله.
* شاهد عزير **العظام تُجمع** ثم **تُكسى لحمًا** ثم **تدب فيها الحياة**.

 لماذا خُصّ الحمار بذكره؟**

لأن:

* الحمار كان دليلاً بصريًا مباشرًا لعزير على حقيقة البعث.
* طعامه لم يتغير رغم مرور 100 عام، بينما تحلل الحمار تمامًا.
* مشهد إحيائه كان **علامة معجزة** لا لبس فيها.


ثانيا :قصة الحمار الذي أراد أن يصبح أسدًا (من “كليلة ودمنة”)

قصة رمزية: حمار ارتدى جلد أسد وظن أنه يرعب الجميع، لكن صوته كشفه.

تروي “كليلة ودمنة” قصة حمارٍ حلم أن يصبح أسدًا ليحظى بالقوة والهيبة. أقنعه أحد رفاقه بأن يرتدي جلد أسد ليخيف الناس والحيوانات، فصدق الحمار الفكرة وبدأ يتجول مزهوًا بنفسه. وبالفعل، هابه الجميع في البداية، حتى صادفه قومٌ طلبوا منه أن يزأر.
وحين حاول، انكشف أمره لأن صوته بقي صوت حمار، فهجموا عليه وطردوه ساخرين منه.
تُظهر القصة حكمة خالدة: **المظاهر لا تغيّر الحقيقة**، ومن يتقمص ما ليس له يفضحه صوته وفعله مهما حاول التخفي.

ثالثا :حِمَارُ بَنِي مَرْوَان  هو *لَقَبٌ تاريخي* أُطلِق على آخر خلفاء الدولة الأموية، 

**مَرْوَان بن محمد بن مروان**(تولّى الخلافة 127–132هـ) وكان يُلقّب بـ **"مَرْوَان الحِمار"** أو **"الحِمار"** فقط.

لماذا لُقِّب مروان بالحمار؟**

ليس اللقب شتيمة كما يظن البعض اليوم، بل كان **مديحاً** في زمنه، ودليل قوة وصبر، إذ كانت العرب تقول:

 **“أصبرُ من الحمار”**  **“وأشدُّ احتمالاً للمشاق من الحمار”*ولذلك لَقَّبه الجنود والقبائل بـ **"الحمار"** لأنه:

1. شديد الصبر في القتال**كان يقاتل لساعات طويلة بلا تعب، ويواصل المسير أيّاماً بلا راحة.

2. لا يستسلم بسهولة**حارب الثورات الداخلية والخارجية حتى آخر لحظة من عمر الدولة الأموية.

 

رابعا :قصة “المدرس يقولك: أنت حمار”

تتكرر هذه القصة في كثير من المدارس العربية، حيث يستخدم بعض المعلمين كلمة *"حمار"* كإهانة تدل على الجهل وضعف الفهم. يعود أصل هذا الاستخدام إلى رمز قديم ارتبط بالحمار منذ عصر الجاهلية، باعتباره كائنًا صبورًا وخاملًا، لكن المجتمع بالغ في تشويه الصورة حتى أصبحت الكلمة مرادفًا للغباء.
المفارقة أن الحمار في الطبيعة **ذكي جدًا وحذر**، ويُعرف بقدرته على تجنب الأخطار واتخاذ القرارات التي تحفظ حياته. القصة تكشف عن خلل تربوي، وتذكّر بضرورة احترام الطلاب، والابتعاد عن الإهانات التي قد تترك آثارًا نفسية طويلة.


خامسا : حمار الحكيم – من كتاب "حمار الحكيم" لتوفيق الحكيم

يُعد كتاب **"حمار الحكيم"** أحد أشهر الأعمال العربية التي امتزج فيها الأدب بالفلسفة والسخرية الراقية. أراد توفيق الحكيم من خلال هذه الحكاية أن يعيد النظر في الصورة النمطية للحمار، تلك الصورة المرتبطة بالغباء والعناد، فحوّله إلى رمز للحكمة والصبر والهدوء والقدرة على الاحتمال.
في مقابل ذلك، قدّم الإنسان في القصة باعتباره الأكثر تقلبًا وتسرعًا وجهلًا، ليُبرز المفارقة بين الظاهر والحقيقة. وبأسلوبه السلس المليء بالدعابة، نجح الحكيم في أن يجعل من الحمار مرآة تكشف نقائص البشر، وأن يطرح تساؤلات فلسفية حول معنى العقل، وطبيعة الحكمة، وكيف يمكن للكائن الهادئ البسيط أن يكون أكثر اتزانًا من الإنسان نفسه.
وهكذا أصبح "حمار الحكيم" عملًا أدبيًا خفيفًا في أسلوبه، عميقًا في دلالته، يغيّر نظرتنا إلى الأشياء من حولنا بطريقة ذكية وممتعة.


سادسا :حمار جحا

يُعد **حمار جحا** أحد أشهر الرموز في التراث العربي، وركنًا أساسيًا في طرائف جحا التي تمزج الذكاء بالسخرية والحكمة الشعبية. لم يكن الحمار مجرد وسيلة نقل، بل شريكًا في المواقف الكوميدية التي تكشف مفارقات المجتمع.
كثيرًا ما يستخدم جحا حماره ليُظهر تناقضات البشر، مثل قصة من يبحثون عن حماره وهو راكبٌ عليه، أو حين يشتريه ويبيعه في مواقف تُبرز سذاجة الآخرين أكثر مما تُبرز جهله.
وأصبح حمار جحا رمزًا للبساطة، ووسيلة لتوصيل الحكمة بطريقة مرحة، مما جعله جزءًا لا يُنسى من التراث الفكاهي العربي.
 

سابعا :حمار خالتي – قصة كفركلا (لبنان 1962)

تُعد قصة **حمار خالتي** من أغرب الحكايات السياسية التي شهدتها بلدة كفركلا جنوبي لبنان عام 1962. بدأت القصة عندما عبرت حمارةٌ مملوكة لإحدى النساء الحدود باتجاه فلسطين المحتلة، حيث التقت بحمار من الجانب الإسرائيلي، وأنجبت لاحقًا **"جحشًا"** صار محور نزاع عجيب بين لبنان والاحتلال.
عندما حاولت صاحبة الحمارة استعادتها، اشتبكت القصة بتدخل **الشرطة اللبنانية** و**قوات الأمم المتحدة**، قبل أن ينضم الجانب الإسرائيلي مدّعيًا أن الجحش “له أب إسرائيلي” وبالتالي يجب أن يخضع لسيطرتهم!
تحولت الحكاية من واقعة بسيطة إلى **رمز سياسي عميق**، يكشف كيف يمكن للاحتلال أن يحوّل حتى أكثر الأمور تفاهة إلى صراع. وانتشرت العبارة الشهيرة التي تلخّص المفارقة:
**"الاحتلال الذي لم يفرّط في جحش… فكيف يفرّط في أرض؟"**
وهكذا أصبحت القصة مثالًا ساخرًا على العبثية السياسية وحدود الاحتلال التي لا تتردد في المطالبة حتى بما لا قيمة له

ثامنا :قصة الحمار الذي تعلم القراءة (من التراث الصوفي)


تروي إحدى الحكايات الصوفية القديمة قصة **الحمار الذي تعلم القراءة** في خلوة لأحد المشايخ، حيث أراد الشيخ أن يعلّم تلاميذه درسًا في التوكل والزهد. كان التلاميذ يظنون أن الحمار يتعلم حقيقةً، لأنه يجلس أمام الشيخ ويرفع رأسه عند كل كلمة، بينما في الحقيقة كان الشيخ يخفي خلف ظهره حفنة شعير يهزّها كلما أراد من الحمار أن “يستجيب”.
وحين انكشف السرّ، أدرك التلاميذ أن **المظاهر قد تخدع**، وأن العلم ليس ما يبدو على السطح.
**مصدر القصة:** تُروى في كتب التراث الصوفي مثل *“نفحات الأنس”* و*“طرائف الصوفية”* ضمن الحكايات التعليمية.
 

الخلاصة

الحمار في ثقافتنا ليس مجرد حيوان، بل مرآة كاملة نرى فيها:

* جهل الإنسان وذكاءه
* حكمته وسخريته
* قوته وضعفه
* احتقاره وقداسته
* رمزيته السياسية والأدبية

ومن خلال تتبع قصص الحمير، يتضح أن المشكلة ليست في الحيوان، بل في الإنسان الذي يختار له المكانة التي يريدها:
إما أن يرفعه إلى الحكمة…
أو يهبط به إلى رمز السخرية.

 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
احمد المصرى Pro تقييم 4.99 من 5. حقق

$0.18

هذا الإسبوع
المقالات

301

متابعهم

120

متابعهم

905

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.