"إشكالية قانون الإيجار القديم رقم 164 لسنة 2025 

والتراشق بين الملاك المؤجرين والمستأجرين

 

 

image about
 

تمهيد 

يُعدّ قانون الإيجار القديم **رقم 164 لسنة 2025** أحد أكثر القوانين إثارة للجدل في الساحة المصرية، إذ جاء كمحاولة جديدة لتعديل علاقة إيجارية ظلت مُجمَّدة لعقود طويلة، وفشلت التشريعات السابقة في إعادة التوازن بين طرفيها. وما إن صدر القانون حتى تصاعدت حدة الجدل بين **الملاك المؤجرين** و**المستأجرين**، ووصل الأمر إلى تراشقٍ لفظي وإعلامي واسع، يعكس عمق الأزمة ودلالاتها الاجتماعية والاقتصادية.

فالقانون الذي أرادته الدولة خطوة إصلاحية تدريجية، تحوّل إلى محور خلاف حاد، بسبب اختلاف توقعات الطرفين وتضارب مصالحهما، إلى جانب أن قضايا السكن في مصر مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأمن الاجتماعي والملكية الخاصة، وهما حقان دستوريان يجب أن يحافظ عليهما المشرع معاً دون ترجيح غير عادل لأحدهما.

أولاً: خلفية ضرورة صدور قانون 164 لسنة 2025

شهدت مصر لعقود طويلة تجميد العلاقة الإيجارية القديمة عند قيم إيجارية زهيدة لا تتناسب مع القيمة السوقية للعقار. وقد ترتبت على ذلك عدة آثار سلبية:

1. **تجميد ملكية الملاك** ومنعهم من الاستفادة من عقاراتهم.
2. **تهالك آلاف المباني** بسبب غياب الصيانة اللازمة.
3. **استغلال بعض المستأجرين** للوحدات في غير الغرض المخصص لها مثل التخزين أو الغلق لسنوات.
4. **ضياع العدالة الاقتصادية** نتيجة تحصيل إيجارات لا تتجاوز بضعة جنيهات لوحدات تزيد قيمتها على ملايين.

جاء قانون 164 لسنة 2025 لمعالجة هذا الركود التاريخي، بمقاربة تهدف إلى **تحرير تدريجي للعلاقة الإيجارية** مع الحفاظ على حقوق الطبقات الهشة.

ثانياً: ماذا يتضمن قانون الإيجار القديم الجديد؟

على الرغم من اختلاف التفسيرات الإعلامية حول القانون، فإن أهم ملامحه التي ناقشتها الدوائر التشريعية جاءت كالآتي:

1. **زيادات تدريجية للإيجار القديم** بنسب سنوية محددة لضمان عدم صدمة المستأجرين.
2. **إيجار عادل للمحال التجارية** وفق تقييمات رسمية ودراسات سوقية حقيقية.
3. **ضوابط على التوريث الإيجاري** بحيث لا يستمر إلى أجل غير معلوم إلا في حالات اجتماعية صعبة.
4. **إخلاء الوحدات المغلقة أو غير المستغلة** بعد مدة زمنية محددة، بما يمنع تجميد الثروة العقارية.
5. **إلزام المالك بصيانة العقار** مقابل حصوله على إيجار عادل.
6. **إتاحة وسائل تظلم** للطرفين أمام لجان مختصة.

ورغم أن هذه البنود جاءت لضبط العلاقة، إلا أنّ كل طرف قرأ القانون من زاويته الخاصة، ما أدى إلى حالة من التراشق المتبادل.

ثالثاً: أسباب التراشق بين المالك والمستأجر بعد صدور القانون

1. شعور المالك بظلم تاريخي

يرى الملاك أنّ القانون لم يعوضهم بما يكفي عن عقود طويلة من التجمد الإيجاري.
فالارتفاعات التدريجية — برأيهم — لا تزال أقل بكثير من القيمة الحقيقية للسوق، وأن تحرير العلاقة لا يجب أن يستغرق سنوات طويلة لأنهم أصحاب الملكية الأصلية.

2. خوف المستأجر من فقدان الأمن السكني

أما المستأجرون، فينظرون للقانون باعتباره مقدمة لرفع شديد في الإيجارات قد ينتهي بإخلاء آلاف الأسر، خاصة كبار السن وذوي الدخل المحدود.
وبالتالي، يعتقدون أن القانون يهدد استقرارهم، رغم أن العقود أُبرمت منذ عقود وفق قوانين نافذة وليس بإجبارهم.

3. غياب الثقة بين الطرفين**

الاحتقان سببه تاريخ طويل من التعاملات المشدودة، حيث يرى كل طرف أن الآخر يسعى لاقتلاع حقه:

* المالك يرى المستأجر “مستفيداً من ملكه بلا مقابل”.
* والمستأجر يرى المالك “ساعياً لطرده مهما كان الثمن”.

4. الدور الإعلامي**

التناول الإعلامي غير المتوازن زاد الانقسام، فهناك من ركّز على بكاء الملاك، وهناك من ركّز على خوف المستأجرين، دون تحليل قانوني أو اقتصادي عميق.

رابعاً: إشكاليات قانون 164 لسنة 2025 في التطبيق

على الرغم من نوايا المشرّع الحسنة، إلا أنّ القانون يواجه بعض الإشكاليات العملية:

1. عدم وضوح معايير تقييم القيمة الإيجارية**

هل يتم التقييم وفق منطقة العقار؟ عمره؟ حالته؟ أم وفق أسعار السوق الحالية؟
هذه الأسئلة تحتاج إلى لوائح تنفيذية دقيقة لتفادي الفوضى.

2. التعارض بين الحق في السكن والحق في الملكية**

وهي معادلة قانونية شائكة:
كيف نحمي المستأجر المحتاج دون سلب المالك حقه المشروع؟

3. ضعف قدرة المستأجرين على تحمّل الزيادات**

خاصة الأسر التي تعيش منذ 40 و50 سنة في وحدات إيجار قديم، ولا تملك القدرة على الانتقال لسوق الإيجار الجديد.

4. مشكلات المحال التجارية**

رفع الإيجار التجاري له أثر مباشر على أسعار السلع، مما قد يخلق موجة تضخم غير مرغوبة.

خامساً: الطريق نحو حلّ متوازن

لإنهاء هذا الصراع التاريخي، يجب تبنّي رؤية واقعية قائمة على **العدالة التدريجية** لا الصدمات المفاجئة:

1. **تحرير تدريجي حقيقي** لا يظلم المستأجر ولا يجمّد المالك.
2. **صندوق دعم حكومي** لمساعدة الأسر غير القادرة على تحمل الإيجارات الجديدة.
3. **إعفاءات أو حلول بديلة لكبار السن** (مثل الإيجار الرمزي لفترة محددة).
4. **إحياء المباني القديمة** عبر شراكات بين المالك والدولة.
5. **تحديد مدة نهائية للعلاقة الإيجارية القديمة** تنتهي بشكل منظم خلال عدة سنوات.

من التراشق إلى الحوار

القضية ليست حرباً بين فريقين، بل معادلة اجتماعية تحتاج إلى:

* **حكمة تشريعية**
* **دراسات اقتصادية دقيقة**
* **حوار مجتمعي حقيقي**

فالمستأجر ليس مغتصباً لحق المالك، والمالك ليس متجبراً يريد إخلاء الناس.
المشكلة تاريخية تشكلت عبر عقود، والحلّ يجب أن يكون عقلانياً تدريجياً يعيد التوازن دون تفجير المجتمع.

 

قانون الإيجار القديم 164 لسنة 2025--قانون الإيجار الجديد 2025--مشكلات الإيجار القديم--إشكالية قانون الإيجار القديم--العلاقة بين المالك والمستأجر--حقوق المالك في الإيجار القديم--حقوق المستأجر في الإيجار القديم--أزمة الإيجار القديم 2025--تحرير العلاقة الإيجارية-الصراع بين الملاك والمستأجرين--تعديلات قانون الإيجار القديم--الإيجار القديم التجاري والسكني--تراشق المالك والمستأجر--حلول أزمة الإيجار القديم--الإخلاء وتعديل الإيجار القديم--تحديث قانون الإيجارات في مصر

 


مقال تحليلي يناقش إشكالية قانون الإيجار القديم رقم 164 لسنة 2025، والصراع المتصاعد بين المالك المؤجرين والمستأجرين، مع توضيح أسباب التراشق، وإشكالات التطبيق، والحلول المقترحة لإعادة التوازن في العلاقة الإيجارية.


تعرف على أبعاد إشكالية قانون الإيجار القديم رقم 164 لسنة 2025 وأسباب التوتر بين الملاك والمستأجرين، وكيف أثار القانون الجديد حالة من التراشق والجدل، مع تحليل شامل وحلول عملية لتوازن العلاقة الإيجارية.