المبدأ… حين يكون أثقلَ من الألـ ــ ــم.
المبدأ… حين يكون أثقلَ من الألـ ــ ــم.
Fullmetal Alchemist: Brotherhood
Elric, Edward
ㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤㅤ
╰☆☆╮
في أزقّةِ عالم Fullmetal Alchemist: Brotherhood، حيثُ الكيمياءُ لا تقتصرُ على مجرّدِ كلمةِ علمٍ، بل تُصاغُ بمعادلاتٍ عميقةٍ مكتوبةٍ بدماءِ الأحياءِ منهم والأمـ ــ ــواتِ، يقفُ فتىً أضحى بكلِّ ما لديه أمامَ معادلةٍ لا مكانَ فيها للأرقامِ والرُّموز، بل لقيمِ الإنسانِ وحدودِ ما يمكنهُ التّضحيةُ به. كان حجرُ الفلاسفةِ أمامه ليس أعجوبةً، بل حقيقةً تقفُ أمامه تختصرُ عليه سنواتِ المعاناةِ والتضحيةِ.
╰☆☆╮
أدرك حينها أنَّ جسدهُ وجسدَ أخيهِ يمكنُ أن يعودا كما كانا، وأنَّ الجرحَ العميقَ الذي خلّفتهُ التّجربةُ الأولى يمكنُ أن يُنسى... هذا ما أبدتهُ الحقيقةُ، لكنَّ الحجرَ كان أثقلَ عليه ممّا يبدو.
╰☆☆╮
ما كان الثّقلُ في حجمهِ ولا شكلهِ، بل في ما يحملهُ من كِتمانٍ حول أصلِهِ، في ما يحملهُ من أسرارٍ، تلك التي تُشبهُ اعترافًا همسَ به المـ ــ ــوتُ نفسه: «أنا مصنوعٌ من أرواحٍ بَشريّة… من أحلامٍ وأعمارٍ سُلبت من أصحابِها».
╰☆☆╮
لحظةُ السّكونِ تلك جعلت من العالمِ ينكمشُ حوله، لم يَعُد يسمع سوى دقّاتِ قلبه، وكأنَّ كلَّ خليّةٍ في جسمه تصرخُ بجدلٍ وصراعٍ وتـ ــ ــناقضٍ داخليٍّ عنيف: هل الغايةُ تُبرِّرُ الوسيلةَ؟
هل يمكنُ للإنسانِ أن ينجو إذا خانَ ما يؤمنُ به، حتّى لو كان الثمنُ نجاةَ جسده وأخيه؟
╰☆☆╮
تجسّد المشهدُ في حقيقةٍ أبهى، حيث لم يكن مجرّدَ اختيارٍ بين طريقين منفصلين، بل مواجهةٌ وصراعٌ بين فكرتين، بين صورتين للذّاتِ والأنا. الأولى: إدوارد الذي يبرّرُ نفسه: «أقومُ بكلِّ هذا من أجلِ أخي، من أجلِ وعدٍ قطعته، من أجلِ إصلاحِ خطئي». والثانية: أنَّه يعرفُ أنَّ هذا ليس إلا قناعًا يختبئُ خلفه سوى الطّـ ــ ــمعِ والالتهام.
╰☆☆╮
هنا يبرزُ ويتجلّى معنى المبدأ؛ فالمبدأُ لا يظهرُ في أوقاتِ الرّاحةِ والكَسل، ولا ينتصرُ تحت شمسِ الانتصاراتِ السّهلة. إنَّه يتشكّلُ ويتكوّن ليكونَ قطعةً صلبةً وسطَ العواصف، حين يكونُ التّخلّي عنه أبسطَ وأسهلَ من التمسّك به، وحين يكونُ صوتُ الإغراءِ والطّـ ــ ــمع أعلى وأوضحَ من صوتِ الضميرِ والنّفس.
╰☆☆╮
أدركَ إدوارد أنَّ ما سيكسبهُ من استعمالِ الحجرِ إلّا هزيمةً أخلاقيّةً مُقنَّعة. أن يُعيدَ جسدهُ وجسدَ أخيهِ على حسابِ مئاتِ الأرواحِ التي سُلبت ظلـ ــ ــمًا، ليس إلا انحطاطًا وسقوطًا نحو هـ ــ ــاويةِ النّـ ــ ــدمِ وتأنيبِ الضمير، ممّا يستعصي عليه أن يلطّخَ كلَّ خطوةٍ لاحقةٍ يخطوها بدماءِ الأبرياء. في تلك اللحظة، زرعَ الأملَ ليكونَ درعًا من الألـ ــ ــمِ الذي كان يحمله، لا إلى ضعفٍ، حيثُ قرّر أن يواصلَ السيرَ على ذلك الطريقِ الطويل؛ طريقًا يعتليه البحثُ النزيه، مهما كان عامرًا بالخذلانِ والمشقّة، ليس دليلًا على الاستسلام، بل لأنَّه الطريقُ الوحيدُ الذي لا يناقضُ ذاته، ولا يخونُ دربَهُ وروحه.

╰☆☆╮
ولأنَّ المبادئَ لا تُعتبرُ أزقّةً غامضةً ولا جدرانًا صلبةً، بل مكانًا واضحًا وجسرًا هشًّا يُبنى خطوةً بخطوة، فقد كان قرارهُ واحدًا من تلك الخطواتِ التي لا يمكنُ التراجعُ عنها أبدًا. رفضَ الحجرَ، وكأنَّ بذلك رفضَ بيعَ إنسانيتهِ مقابلَ أن يسترجعَ جسدهُ وجسدَ أخيه. لم يكن فعلًا بطوليًّا صاخبًا، بل بطولةً صـ ــ ــامتةً، تلك التي لا يُصفّقُ لها أحد، لكنَّها تبقى في الذاكرةِ خالدةً، وتَحفظُ لكَ القدرةَ على أن ترى نفسك في المرآةِ دون أن ترتجف.
╰☆☆╮
هكذا فهمَ إدوارد أنَّ الانتصارَ الحقيقيَّ لا يُقاسُ بعددِ المعاركِ التي تكسبها، بل في عددِ المرّاتِ التي ترفضُ فيها بيعَ إنسانيّتِك، وألّا تخسرَ نفسك بنفسك، حتّى لو عنى ذلكَ خسارتكَ لكلِّ شيءٍ آخر.