كان سالم واحدًا من أولئك الذين يعيشون حياتهم وفق نظام صارم لا يتغير. يستيقظ كل صباح في الوقت نفسه، يخرج من منزله في الحيّ القديم، ويسلك الطريق ذاته نحو عمله، كأنه آلة تتحرك بلا تفكير. لم يكن يشتكي من التعب بقدر ما كان يشتكي من الفراغ الذي يسكن قلبه.
مرت سنوات وسالم يؤجل أحلامه. كان يحمل في داخله طموحًا كبيرًا، لكنه كان يخشى الفشل أكثر مما يحب النجاح. كلما خطرت له فكرة التغيير، أقنع نفسه بأن الوقت غير مناسب، وأن الاستقرار أهم من المغامرة، حتى أصبح الاستقرار نفسه عبئًا ثقيلًا.
في صباحٍ غائم، تعطلت الحافلة التي اعتاد ركوبها. انتظر طويلًا، نفد صبره، وبدأ القلق يتسلل إليه. ولأول مرة منذ سنوات، قرر أن يسلك طريقًا جانبيًا لم يكن ضمن خطته اليومية. لم يكن يعلم أن هذا القرار البسيط سيغيّر حياته.
كان الطريق هادئًا على نحو غريب، تصطف على جانبيه أشجار عتيقة، وتملأ المكان رائحة ذكريات لا يعرف مصدرها. شعر سالم براحة لم يختبرها منذ زمن. وفي نهاية الطريق، لفت انتباهه دكان صغير، يبدو قديمًا لكنه مرتب، وكأنه يقاوم الزمن بصمت.
دخل الدكان، فاستقبله رجل مسن بابتسامة صادقة. لم تكن ابتسامته عابرة، بل تحمل طمأنينة غريبة. ناوله زجاجة ماء وقال: “أحيانًا يا بني، تتعطل الطرق لأن الله يريد أن يريك طريقًا آخر.”
توقفت الكلمات في عقل سالم طويلًا. شكره وخرج، لكن العبارة ظلت ترافقه طوال اليوم. في اليوم التالي، عاد من الطريق نفسه، لا بسبب تعطل الحافلة، بل بدافع داخلي لا يفهمه. بدأ يتحدث مع الرجل العجوز أكثر، فكان يحدثه عن الحياة، عن الخوف، وعن الأحلام التي نموت ببطء حين نهملها.
قال له ذات يوم: “أكبر خسارة ليست الفشل، بل أن تعيش عمرًا كاملًا دون أن تحاول.”
كانت الكلمات كأنها موجهة مباشرة لقلب سالم. بدأ يفكر في نفسه، في سنواته التي مضت، وفي الفرص التي ضاعت لأنه خاف. ومع مرور الأيام، أصبح ذلك الطريق ملاذه، وأصبح الدكان محطة يعيد فيها ترتيب أفكاره.
وفي صباحٍ مفاجئ، وصل سالم فلم يجد الدكان مفتوحًا. انتظر، نادى، لكن لا جواب. اقترب من الباب فوجد ورقة معلّقة كتب فيها: “إن قرأت هذه، فقد حان الوقت أن تؤمن بنفسك. الطريق أمامك.”
عاد سالم إلى منزله وهو يشعر بثقل غريب، لكنه هذه المرة لم يكن ثقل الحزن، بل ثقل القرار. جلس مع نفسه طويلًا، وأخرج حلمه القديم من الظلام، وقرر أن يبدأ، دون أعذار، ودون انتظار.
لم تكن البداية سهلة، واجه صعوبات كثيرة، لكنه استمر. تعلّم، فشل، ثم نهض من جديد. ومع مرور الوقت، بدأ يرى نتائج تعبه، وبدأت حياته تأخذ شكلًا مختلفًا.
بعد سنوات، مر سالم من ذلك الطريق مرة أخرى. لم يجد الدكان ولا الرجل العجوز، لكنه ابتسم. أدرك أن بعض الأشخاص يظهرون في حياتنا ليوقظونا فقط، ثم يرحلون. وأدرك أن تعطل الطريق لم يكن عائقًا، بل كان بداية الحياة الحقيقية.
اكتشف سر سمكة الحظ الحديدية: الحل العبقري والبسيط لعلاج فقر الدم (الأنيميا) بدون أدوية. تعرف على قصة هذا الابتكار المذهل، رأي الطب فيه، وكيف يمكن لقطعة معدن صغيرة أن تغير صحتك وصحة عائلتك للأبد. مقال شامل يجمع بين العلم والتجربة