رحله الإنسان مع نفسه
رحلة الإنسان مع نفسه… الحرب اللي محدش بيشوفها

في حياة كل إنسان، في معركة محدش بيسمع صوتها، ولا يعرف تفاصيلها، ولا يحسّ بيها غير صاحبها…
معركة اسمها: النفس.
النفس دي مش حاجة واحدة ثابتة…
دي عالم كامل جوا الإنسان، عالم مليان تناقضات، ورغبات، وخوف، وطموح، وضعف، وقوة.
وعشان كده الناس اللي بتفهم نفسها بجد…
هما أكتر ناس قادرين يعيشوا براحة، مش لأن حياتهم سهلة…
لكن لأنهم عرفوا يهدّوا الصوت اللي جواهم قبل ما يهدّهم.
---
النفس… بين اللي إحنا عايزينه واللي نقدر عليه
فيه دايمًا فرق بين "اللي نفسي فيه" و"اللي قادر أعمله".
النفس عايزة كل حاجة:
عايزة نجاح سريع، وراحة، وإنجاز، وثقة، واهتمام، وحب، وفلوس، وتغيير…
لكن الجسد والعقل ليهم حدود.
ولما المسافة بين الاتنين تكبر…
بيظهر التعب.
النفس عايزة تجري…
والقدرة ماشية على مهَل.
وعشان كده الإنسان يتعب…
مش من الحياة نفسها،
لكن من الصراع بينه وبين نفسه.
---
النفس بتحب الراحة… بس بتتعب منها
غريب إن نفس الإنسان تحب الراحة جدًا…
وتزهق منها بسرعة.
الراحة اللي بنهرب ليها — النوم، التشتت، التلفون، السكون —
بتدينا إحساس مؤقت بالهرب…
لكن بعدها النفس تزهق وتطلب أكتر.
النفس مش بتنبسط بالكسل…
النفس بتنبسط لما تحس إنها بتتقدم.
مهما كانت الخطوة صغيرة.
مهما كانت بطيئة.
الإنجاز — حتى لو بسيط —
بيطمن النفس أكتر من ألف ساعة راحة.
---
النفس بتكبر من الوجع… مش من السعادة
مفيش حد بيكبر في لحظة فرح.
الفرح جميل… بيزيّن القلب…
لكن ما بيعلمش.
اللي بيعلم؟
الخسارة.
الفراق.
الخيانة.
الظلم.
الحيرة.
اللحظات اللي الإنسان يحس فيها إنه لوحده.
النفس بتتكوّن من الوجع…
وبيكبر جواها وعي جديد،
قوة جديدة،
نظرة تانية للحياة.
الوجع يعمل نقلة…
نقلة محدش يفهمها غير اللي عاشها.
---
النفس مش شريرة… النفس محتارة
كثير ناس بتفتكر إن النفس شيء سيّئ:
"نفسي ضعيفة"،
"نفسي بتوديني في الغلط"،
"نفسي مش ثابتة".
بس الحقيقة؟
النفس مش شريرة.
النفس بتدور على اللي يفيدها…
بس ساعات بتدور غلط.
ساعات تختار الطريق الأسهل بدل الطريق الصح.
ساعات تندفع ورا إحساس لحظي…
وتنسى النتيجة بعدين.
النفس مش محتاجة جلد…
النفس محتاجة توجيه.
حد يوقفها ويقول لها:
“إهدي… اختاري صح… ما تستعجليش.”
---
أكتر صراع مرهق… هو صراع الإنسان مع نفسه
فيه صراع في الحياة ضد الناس، ضد الظروف، ضد التعب…
لكن أقسى صراع؟
الصراع الداخلي.
الصراع اللي بين:
– جزء منك عايز ينجح
– وجزء خايف يفشل
– جزء عايز يتغير
– وجزء مرتبط بالماضي
– جزء قوي
– وجزء حساس
– جزء واعي
– وجزء مندفع
وإنتِ واقفة في النص…
بتحاولي توازني كل دول،
وتطلعي نسخة مستقرة من نفسك.
وده مش سهل…
عشان النفس مش مستقيمة،
النفس بتميل…
وكل يوم محتاجة تتعدل.
---
النفس تسمع كلامك… أكتر ما تسمع كلام الناس
أي حد في الدنيا ممكن يقول لك:
“قومي”، “اتغيري”، “اعملي”، “كمّلي”.
لكن النفس؟
مش هتتحرك إلا لما الكلمة دي تيجي منك إنتِ.
النفس ما تتربّاش بالضغط…
تتربّى بالرفق.
لو عايزة نفسك تتغير…
كلميها كأنها صديقة صغيرة.
اقولي لها:
“أنا فاهمتك…
أنا عارفة تعبك…
بس يلا نحاول.”
الكلام الطيب مع النفس…
مش ضعف.
دا علاج.
---
النفس أحسن لما تتسامح مع نفسها
فيه ناس تمشي على كلمة: “أنا لازم أبقى كاملة.”
ودي أكتر كلمة بتهدم النفس.
النفس مش كاملة…
ولا هتكون كاملة.
النفس تخطئ، وتغلط، وتضعف، وتكسر، وتضيّع وقت، وتتعجل، وتخاف…
وكل دا طبيعي جدًا.
اللي مش طبيعي…
إن الإنسان يكره نفسه عشان غلط.
أو يفضّل يجلد نفسه بدل ما يساعدها.
النفس ما بتتشافاش إلا لما تقولي لها:
“غلطتي؟ عادي.
هنتعلم ونكمل.”
الغفران للنفس…
هو أول خطوة للنضج.
---
النفس تتقي الله لما ترتاح… مش لما تتوتر
ساعات ناس تفتكر إن الطريق الصح هو الطريق اللي فيه ضغط نفسي شديد…
لكن الحقيقة مختلفة.
النفس القريبة من ربنا…
مش اللي مضغوطة ومكسورة طول الوقت،
لكن اللي هادية،
راضية،
فاهمة،
ومتزنة.
النفس لما تهدي…
تعرف تسمع.
تعرف تفكر.
تعرف تتصلح.
وتقرب لربنا بحب…
مش بخوف.
---
النفس مش بتدور على الكمال… النفس بتدور على السلام
أكبر راحة للنفس مش إنها تبقى “مثالية”…
لكن إنها تبقى صالحة.
صالحة مع نفسها…
مع ربها…
مع الناس…
من غير تناقض كبير،
ولا ضغط كبير،
ولا محاولة إنها تبقى نسخة مش بتاعتها.
النفس الهادية…
بتكبر.
النفس الصادقة…
بتتطور.
النفس اللي بتتقبل نفسها…
بتتصلح يوم عن يوم.
---
في النهاية… كل نفس لها رحلتها
كل واحد فينا ماشي في رحلة خاصة جدًا…
رحلة محدش شايف تفاصيلها غير ربنا.
رحلة فيها مراحل ضعف… ومراحل قوة.
مراحل اختفاء… ومراحل ظهور.
مراحل هدوء… ومراحل ضياع.
ومراحل فيها النفس تتبدل…
مش مرة…
كتير.
المهم مش إن النفس توصل بسرعة،
ولا إنها تبقى بلا عيوب،
لكن المهم:
إن النفس تكون ماشية…
تتقدم ولو قليل…
وتتغير بوعي…
وتحاول على قد ما تقدر.
واللي يعرف يمشي مع نفسه…
يفهمها…
يهدّيها…
ويحبّها…
هو أكتر واحد في الدنيا يعرف يعيش بسلام.