إدارة المخاطر في سياسة الأفعالِ والخواطر.
« آداب النظر والفهم»
سبحانَ من زين الإنسان بالعقلِ وكملهَ بالفهمِ والفطنةِ
وأجرى عليه ينابيع الحكمة من فضلهِ وجوده عليهِ .
فالعاقل يتعب من شدة حذرهِ
والأحمق مستريحٌ بِطمئنينتهِ
والفرق بين تعب العاقل وراحة الأحمق
أن تعب العاقل ينتهي إلى راحة ، وراحة الأحمق تنتهي إلى تعب
فمن فاتهُ حظهُ من العقل والفطنةِ حُرِم ثوبَ العزةِ والكرامة
واقتربت جميعُ أحوالهِ من التهلكةِ
فمن لم يُفكر فيما له وعليهِ
ماتَ ما تبقى عنده من أثر الفطنةِ فطالت حسرته وعميت بصيرته.
فعليكَ تقديمَ النظر الصحيح قبل جميع الأفعال ، واختبار جميع الأحوال بالعبرة .
فلا تفعل من الأشياء مالا منفعة في فعلهِ فإنه الفضول بعينهِ
والفضول هو الذي حذرت الحكماء من الوقوع فيه
فإذا فعلت الأشياء العاريةَ من النفع وتكلفت بما لا يعود عليك بحظٍ
وقعت فيما تتقيهِ .
فإذا أرت أن تفعلً شيئا أو تتركه
فانظر أيهما أنفع في الحال والمآل ، الفعل أم الترك
وانظر للمضرة المترتبة عليك اذا فعلت أو تركت ، واحذر من سوء العاقبة .
فقد تكون الأشياء نافعةً في بدايتها ومضرة في عاقبتها
أو نفعت من وجه وأضرت من وجه آخر
واستخدم الحيلة في دفع الضرر المترتب على الفعل والترك ، قَدرَ استطاعتك
فمن دقائق الحكمة النظر في الفعل والترك ، وهو أن تفعل ما ينفعك وتترك ما يضرك .
أما اذا كان الضرر والمنفعة يترتب على الفعل والترك معاً
هنا يُنظر إلى أضر الضررين
وأنفعُ النفعين
وهذا يحتاج منك بذل التأمل والمعرفة
فإذا كنت تتفقد أفعالك دائماً من هذه الوجوه
واستعملت الفطنة في جميع الأفعال
عندها تنالُ نصيبكَ من الحكمة
وتتقن فنَّ السياسة
واعلم أن اليقظة وصحةُ الفهم هي أوعظُ واعظٍ يدعو النفس إلى الحذر.
وإذا علمت القرارات الخاطئة التي اتخذتها في مضى من أفعالك
إستقبلتَ القادمَ منها بيقينِ الصوابِ .
فعن طريق التجربة والتدريب تنالُ حظكَ من العلمِ والإجادة
وهذا يتوجب عليك التدربَ على الصعاب قبلَ نزولها بكَ
فإذا نزلت بك هذه الصعاب ، كنتَ على حلها وتجاوزها أقدر
ولن تشغل نفسكَ بالحزن على المصيبة وتَندُبِ حظكَ
وسيكون شغلك الشاغلُ تطبيقَ الحيلة التي تلتمس بها الخلاص من هذه المصائبِ والصعابِ .
