الطريقة الصحيحة لتقديم الاستشارات المثالية .

«الطرقية الصحيحة لتقديم الاستشارات المثالية »

 

 

من مكارم ِ الأخلاقِ وصفاءالنيةِ أن تُتطلبَ منكَ المشورةُ فتصدقَ فيها. 

فيا من تُقدم مشورةً إلى غيركَ ، إنك مشاركٌ في عقلكَ ومروءتكَ، والذي طلبَ منكَ المشورةَ قد وثق بدينكَ وأمانتِكَ، فلا تخن في رأيك ولا تُقصر من جُهدِكَ في صِدقِ المشورةِ ، فإن خنتَ وقصرتَ فقد حَططتَ من قدرِكَ وانتفت عنكَ أجملُ خصالِكَ الحميدةُ ، ولا خَيرَ في العيشِ بعدَ الخيانةِ والغشِ .

فاحرص على تقديمِ النصيحةَ بصدقٍ وتحرى الصوابَ فيها قدرَ استطاعتِكَ ،وإذا أشرتَ على أحدٍ بمشورةٍ فصدقت مشورتُكَ لَهُ ، وكانَ النجاحُ حليفاً لمشورَتِكَ ، فلا تُكثرِ من الافتخارِ برأيك والاحتجاجِ بذلك َ على فسادِ رأي غيركَ، فإن ذلكَ من سوءِ الأدبِ ، وتوبيخ الأصحابِ، فإذا أشرتَ وكانَ النجاحُ حليفاً لمشورتكَ، فلا تَزيدنَّ على الصمت والتوقر ، والشكر لمن حولكَ بالتخشع والتلطف، فلا بد لهم من أن يشكروكَ وأن يقودَهمُ الحالُ إلى الاعترافِ بسدادِ رأيكَ ، وبذلكَ تزدادُ محبةً في قلوبهم، وتبقى ممدوحاً بما أشرتَ عليهم من صوابِ رأيكَ.

واعلم أنك إذا أشرتَ على أحدٍ ، فلم يأخذ بمشورَتِك وأخذَ بمشورةِ غيركَ ، فهذا ليسَ لعيبٍ فيكَ أو لفضلكَ قادحاً ، فلا تُقابِلَ الاعراضَ عن مشورتِكَ بالإنكارِ والاحتجاجِ ، وكثرةِ المراءِ ، والغضبِ الظاهرِ ، وتبدو بأفعالكَ مكابراً ، فإن هذا ليس من أخلاق الأشرافِ ، ولا هو من الإنصافِ بمكان. وإذا كانت أراءُ من تُحبُ مخالفةً لرأيكَ، فلا تُزين له المُحال من آرائهِ، فإن ذلكَ هو الغشُ بعينهِ، وغايةُ الخديعةَ، ولا تُجاهدهُ على الرجوعِ إلى رأيك بكرههِ، فإن هذهِ طريقةٌ وَعِرةٌ تدعو صاحبكَ إلى النفورِ عنكَ ، فتكونَ بذلكَ معيناً لهُ على غلطهِ، ولكن نبههُ على الصوابِ من رأيهِ ، واتركهُ حتى يظهر على غلطهِ ، فإن ذلك يجعله ُ يتبعكَ ، ويزيدهُ معرفةً بقدركَ.وإذا قَدرتَ أن يتبنى أصحابك صوابَ رأيكَ فافعل، فإن ذلك أجملُ لكَ. 

وإن أشار عليكَ أحدٌ برأيٍ أفضى منهُ إلى الغلطِ ، وحاد بهِ عن الصواب،  فلا تُأنِيبَهُ وتوبخهُ، فإنَ الآراءَ ربما خفيت وجوهها ، وغابت أسبابها، وليس كلُّ رأيٍ مقطوعاً على صوابِهِ. 

فإن كنتُ ترى أنكَ لا تستطيع تقديمَ الاستشارة المثلى لصاحبها ، فاعتذر ولا توهم أحداً بصواب برأيك .