قراءة نقدية لقانون الايجار القديم رقم 164 لسنة 2025 “الحق في السكن في الدستور والشريعة الإسلامية باعتبارها المرجعية العليا للتشريع
قراءة نقدية لقانون الايجار القديم رقم 164 لسنة 2025
“الحق في السكن في الدستور والشريعة الإسلامية باعتبارها المرجعية العليا للتشريع”
تمهيد
يُعد **حق السكن** من أهم الحقوق التي تمس الحياة اليومية للمواطن، لأنه يرتبط مباشرة بكرامة الإنسان وأمنه واستقراره الاجتماعي. وقد أولت الدساتير العربية عمومًا، والدستور المصري خصوصًا، أهمية كبيرة لهذا الحق، فنصّت على التزام الدولة بتوفير السكن الملائم لكل مواطن. ومع إعلان الشريعة الإسلامية مصدرًا رئيسيًا للتشريع، أصبح من الضروري تحليل هذا الحق من زاويتين: **الرؤية الدستورية**، و **الأساس الشرعي الإسلامي**. هذا المقال يقدم قراءة تحليلية من 1000 كلمة تجمع بين القانون والفقه الإسلامي، مع مراعاة معايير السيو وأهم الكلمات المفتاحية المتعلقة بموضوع "الحق في السكن، الدستور، الشريعة الإسلامية، حقوق الإنسان، السكن الملائم، واجب الدولة".

أولًا: مفهوم الحق في السكن وأهميته في المنظور القانوني
يُعرّف حق السكن بأنه قدرة الإنسان على الحصول على مكان آمن وملائم يضمن الاستقرار والحماية من المخاطر ويحفظ الخصوصية والكرامة. وهو حق من حقوق الإنسان الأساسية التي أقرتها الاتفاقيات الدولية مثل **العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية**، والذي يربط بين السكن الملائم وبين مستوى المعيشة الكريمة.
ويقوم حق السكن على عدة عناصر أساسية:
1. **الأمن القانوني للانتفاع بالسكن** دون خوف من الطرد التعسفي.
2. **توفر الخدمات الأساسية** مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي.
3. **الملاءمة الهيكلية** للمسكن من حيث المتانة والصلاحية.
4. **الموقع المناسب** الذي يتيح للسكان الوصول إلى المدارس والعمل والخدمات.
5. **القدرة المالية** بحيث يستطيع المواطن الحصول على سكن دون أعباء فوق طاقته.
هذه العناصر تُعد الأساس الذي بُني عليه النص الدستوري في مصر، مما يجعل الحق في السكن ليس مجرد مطلب اجتماعي بل **التزامًا دستوريًا ملزمًا للدولة**.
ثانيًا: حق السكن في الدستور المصري
أكّد الدستور المصري في عدة مواد على **التزام الدولة بتوفير السكن الملائم** لكل المواطنين، وهذا النص لا يُعد مجرد توجيه سياسي بل هو التزام قانوني يجب تحقيقه من خلال السياسات الحكومية. ومن أبرز المبادئ الدستورية:
1. السكن الملائم جزء من كرامة الإنسان
الدستور ينطلق من مبدأ أن المواطن يجب أن يعيش حياة كريمة، ولا تتحقق الكرامة بدون مسكن آمن يحفظ النفس والمال والعِرض. ولذلك صيغ النص الدستوري بحيث يُلزم الدولة بتوفير السكن، وليس فقط تنظيم سوق العقارات.
2. الأولوية للفئات غير القادرة
يُقر الدستور أولوية واضحة لمحدودي الدخل والفئات المهمشة، ما يعني أن الدولة ملزمة بتقديم دعم فعلي لهذه الفئات سواء عبر السكن الاجتماعي أو الدعم التمويني أو الإعفاءات السعرية.
3. الشريعة الإسلامية مرجع للتشريع
تنص المادة الثانية على أن **الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع**. وهذا يجعل أي قانون ينظم العلاقة الإيجارية أو يضع شروطًا لتنظيم السكن مرتبطًا بمبادئ الشريعة في العدل والتكافل ورفع الحرج.
4. منع الاحتكار والغلاء
يلتزم الدستور بمنع الاحتكار العقاري وغياب العدالة في توزيع الأراضي. وهذا أساس مهم لتدخل الدولة في ضبط العلاقة بين المالك والمستأجر.
ثالثًا: الأساس الشرعي لحق السكن في الإسلام
تُعد الشريعة الإسلامية من أغنى المنظومات القانونية التي تناولت قضية السكن باعتبارها حاجة إنسانية ضرورية. ويمكن تلخيص الأساس الشرعي لحق السكن في عدة نقاط أساسية:
1. القرآن الكريم يقرّر السكن كحق أصيل
وردت في القرآن آيات عديدة تؤكد أهمية السكن، ومنها قوله تعالى:
> **"وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا"** (النحل: 80).> فالآية تُقرر بوضوح أن السكن نعمة من الله وحق أساسي للإنسان، وليس رفاهية.
وفي آية أخرى:
> **"أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُم"** (الطلاق: 6).> ورغم أن الآية في سياق النفقة إلا أنها تُشكل أساسًا فقهيًا عامًا لوجوب توفير المسكن.
2. السنة النبوية تؤكد وجوب توفير السكن**
ورد في الحديث الشريف:
"من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له" — وهو دليل على التكافل، ومن باب أولى توفير السكن للمحتاج.
3. مقاصد الشريعة**
حق السكن يندرج تحت مقاصد الشريعة في:
* **حفظ النفس**: لأن عدم وجود سكن يعرض الإنسان للضياع.
* **حفظ النسل**: فالأسرة لا تستقر بدون مسكن.
* **حفظ الكرامة**: وهو مقصد عظيم كرّسته الشريعة.
4. واجبات الدولة (ولي الأمر)**
رابعًا: العلاقة بين الدستور والشريعة في ضمان حق السكن**
توجد نقاط التقاء واضحة بين الدستور والشريعة في هذا الحق، أهمها:
1. الكرامة الإنسانية محور التشريع
الدستور والشريعة كلاهما يعتبران أن السكن جزء من كرامة الإنسان.
2. أولوية الفقراء
الشريعة تُقرّ مبدأ التكافل الاجتماعي، والدستور يعكس هذا المبدأ في سياسات الإسكان الاجتماعي.
3. منع الضرر عن المواطنين
قاعدة **"لا ضرر ولا ضرار"** أصل في الشريعة ينعكس في سياسات منع الطرد التعسفي أو فرض الإيجارات المبالغ فيها.
*4. تنظيم السوق العقاري
الدستور يُعطي الدولة حق التدخل لمنع الاحتكار، والشريعة ترفض الغبن والاحتكار والاستغلال.
5. واجب الدولة في الحماية والرعاية
كلا النظامين يتفقان على أن السكن ليس مسؤولية المواطن وحده، بل هو التزام على الدولة.
خامسًا: متطلبات تفعيل حق السكن في ضوء الدستور والشريعة
لتطبيق حق السكن بصورة عملية وفعالة، يجب أن تقوم الدولة بعدة خطوات أساسية، منها:
1. التوسع في برامج الإسكان الاجتماعي
بما يشمل زيادة عدد الوحدات السكنية، وتوفير بدائل ميسّرة لمحدودي الدخل.
2. تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر
بما يتوافق مع الشريعة التي تحمي حقوق الطرفين، وتمنع الظلم والغلاء الفاحش.
3. حماية المستأجر من الطرد التعسفي
استنادًا إلى قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" ومقاصد الشريعة.
4. تطوير العشوائيات
بحيث تتحول إلى مناطق صالحة وآمنة للعيش الكريم، وهذا من صميم واجبات الدولة في رفع الحرج.
5. منع الاحتكار العقاري
بتفعيل الرقابة الصارمة على السوق العقاري ومنع رفع الأسعار دون مبرر.
للاستزادة والافادة عن قانون رقم 164 لسنة 2025 ومايجرى بشانه
1- *الطعن على قرارات لجان الحصر وفقًا لقانون 164 لسنة 2025 بين الواقع والتطبيق* الرابط https://public.amwaly.com/blog/159950
2- ماذا تعرف عن قرار رئيس الوزراء رقم 2789 لسنة 2025 الخاص بحصر مناطق سكنى الايجار القديم والطعن عليه على الرابط الاتى https://public.amwaly.com/blog/159820
3- تأييد المحكمة الدستورية اليوم لحبس كل من يتعدى على حيازة آخر كمستأجر مع شرح الحكم وتأثيره وأسبابه.الرابط الاتى https://public.amwaly.com/blog/159336
4- س و ج :قانون تحرير الإيجار القديم 2025: كل ما تحتاج معرفته بأسلوب مبسط على الرابط الاتى https://public.amwaly.com/blog/159298
5- تحميل نسخة دستور جمهورية مصر العربية لاخر تعديل فى 2019 https://www.presidency.eg/media/46122
خاتمة
إن **الحق في السكن** ليس مجرد نص دستوري، بل هو قيمة شرعية وقانونية واجتماعية أصيلة. فالدستور المصري أكد على توفير السكن الملائم للمواطن، والشريعة الإسلامية اعتبرت السكن من ضرورات الحياة التي يجب توفيرها لكل إنسان. وبين الاثنين يتشكل نظام تشريعي متوازن يقوم على **العدل، والتكافل، وحفظ الكرامة الإنسانية**.
ولذا فإن على الدولة أن تواصل تطوير سياساتها الإسكانية بما يرتقي إلى مستوى هذا الحق الدستوري والشرعي، لضمان حياة كريمة لكل المواطنين، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي الذي تُعد السكن أساسه الأول.