التفاؤل والواقعية : هل يمكن سلك الإثنين معاً أم أن هذا درب من الخيال

لنأمل دائماً أن الغد أجمل
١. التفاؤل فى الطبيعة البشرية :
نحن البشر نميل فى أغلب الأحيان إلى الاعتقاد بأن الأمور ستصبح على ما يرام، بأن كل شىء سيسير فى الإتجاه الذى نريد، بأننا سنحصل على كذا وكذا وكذا وأن الحياة ستعطينا شيئاً لطالما أردناه بشدة، أستطيع القول بأن هذا شىء فى طبيعتنا البشرية، بأن نمتلك الأمل والتفاؤل حتى عندما لا تكون الظروف الحالية بالضرورة الأفضل.
٢. هل التفاؤل طوال الوقت حقاً سذاجة ؟
نجد فى كثير من الأحيان تلك التوجهات عند بعض الأشخاص الخاصة بالحكم على شخص ما فقط لأنه دائما متفائل ويدعونه بأن " يعود إلى الأرض " أو يكون واقعياً ويتخلى عن سذاجته.. حسناً هل حقاً الأمر كذلك ؟ هل الإنسان الذى يؤمن بأن غداً أفضل ساذج ؟ هل من يرى بأن المستقبل مشرق حتى ولو افترضنا بأن الواقع بائس هو إنسان حالم ؟ اعتقد بأن الإجابة على تلك الأسئلة تكمن فى فهم الواقعية بشكل صحيح، لأنى متأكد بشكل كبير أن هؤلاء الأشخاص لا يفهمونها كما يجب.
٣. ما هى الواقعية
أن تكون متفائلاً لا يعنى أنك لست واقعياً أو تجهل بما يدور فى الواقع، بالطبع لا، انت تعلم وتدرك جيداً ماذا يدور من حولك، تدرك بأن ربما ليست الأمور الآن بأفضل حال، انت اول الأشخاص الذين يقرون ويعترفون بذلك لكنك تقول لا بأس، ما المشكلة ؟ انا متفائل بأن كل تلك المشاكل، الصعاب والعقبات الآنية استطيع ونستطيع أن نجد لها حلاً، أن نخرج منها أقوى، أن نحقق ما نريد، أن نجعل المستقبل أكثر إشراقا وأحسن حالاً. أستطيع القول بما لا يدعو مجالاً للشك بأن الإنسان المتفائل هو واقعي بل فى الحقيقة قد يكون أول الواقعيين لكن بالتأكيد الإنسان الواقعى المتشائم هو ليس واقعياً بالأساس.
٤. ما دام هناك حياة، هناك أمل :
يُقال بأن الحياة خير معلم، حسناً ما النفع إذا كان الطالب كسولاً أو غير مستعداً للتعلم ؟! المقصد من ذلك هو أننا يجب أن ندرك جيداً أن الحياة مليئة بالفرص، الحياة دائما ما تعطينا الضوء فى آخر النفق، هذا الضوء هو ببساطة الأمل، التمسك به يعنى أن لديك من الإرادة والصلابة النفسية الكثير، لكن ما الفائدة إذا كنت " واقعياً " أقصد بالمعنى الخاطئ الذى ذكرناه فى الفقرة السابقة لا ترى سوى البؤس، الألم والمعاناة، ربما تعطيك الحياة شيئاً جميلاً لكنك لن تدرى أساساً بسبب واقعيتك المتشائمة هذه.تمسك بالأمل ودع التفاؤل يكون الماء لزهور بستان حياتك.
٥. عقلية الأشخاص المتفائلين
أعتقد أننا وصلنا لنقطة استطيع إخبارك فيها بأن الأشخاص المتفائلين ليسوا ساذجين وإنما يمتلكون عقلية بناءة و إيجابية مختلفة عن الآخرين، يرون الحياة بصورة جميلة، بالنسبة لهم الأيام الممطرة تجعلهم يشعرون بجمال الأيام المشمسة وأن الاثنين يكملان بعضهما البعض، يفهمون بأن صعاب الحياة تجعل الأوقات الجيدة المليئة بالرخاء أكثر قيمة وثمناً، يدركون بأن شخصياتهم تكتمل بالمرور بالعثرات والتخبطات قبل المرور بالنجاحات والإجازات... هل بهذه عقلية وهكذا منظور سيجد التشاؤم واليأس سبيلاً إلى أنفسهم ؟
٦. دعم ومساندة من حولك
بالتأكيد كل شخص يحتاج لدعم من حوله، أسرته، أصدقائه وكل المقربين منه هذا بالتأكيد إضافة إلى دعم نفسه، نعم دعم نفسه لنفسه، أن يذكر نفسه باستمرار بأنه قادر دائما على تخطى الصعاب والأوقات الصعبة، قدرتنا على الصمود فى مواجهة التحديات تعكس مقدار قوة شخصياتنا، لأن فى النهاية مقياسنا الحقيقى هو ماذا نفعل وكيف نتصرف فى الأوقات الصعبة وليس عندما تكون الأمور بخير ويكون كل شيء سائراً فى الطريق الذي نريده.
فى النهاية، نعم يمكننا أن نكون واقعيين متفائلين فى نفس الوقت ولا تعارض على الاطلاق بين الأمرين، انا أدرك أن الواقع ربما يكون مظلماً لكن فى نفس الوقت متفائل بأن لديه كل الإحتمالية بأن يضئ ويلمع لأنني أستطيع كفرد ومعاً نستطيع كمجتمع جعله كذلك.