هل الإنسان القوى هو من لا يضُعف أبداّ ؟

هل الإنسان القوى هو من لا يضُعف أبداّ ؟

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

القوة الحقيقية تأتي من تحمل الضعف

image about هل الإنسان القوى هو من لا يضُعف أبداّ ؟

1.التعامل مع لحظات الضعف يكشف من انت 
إذا أردنا أن نفصل النفس البشرية سنتحدث عن أوصاف متباينة و مختلطة مثل سعادة، حزن، فرح، دموع، انتصارات، انكسارات، نشوة،خمول، سكينة، خوف، راحة، تعب وغيرها الكثير من الأشياء التى نجربها ونعيشها فى حياتنا، نعيش لحظات السعادة والنجاح تارة ونمر أيضاً فى طريق الفشل والإخفاقات تارة أخرى، هذه حقيقة أعتقد أننا نسلم بها جميعاً، لذلك نستطيع أن نتساءل هل الإنسان الذى يُقال عنه قوى لا يمر بلحظات معقدة فى حياته ؟ هل لا يجرب الخسارة، الإنكسار والألم ؟ بالطبع لا هو فى النهاية إنسان أيضاً لكنه أخذ على عاتقه أن يتحمل الضعف، يتعلم من الفشل ويخرج أقوى من كل مرحلة حزن.

 

٢. توقف عن جعل الفشل كلمة سيئة 
كثير منا لا يزال ينظر إلى الفشل على أنه أمر سئ، لنتوقف لحظة ونتخيل أننا ننجح فى كل أمر نفعله طوال الوقت، هل حقاً سنشعر بقيمته ؟ هل سيكون بنفس قيمته لو أننا فشلنا فيه تسع مرات ونجحنا في العاشرة ؟ أعتقد بأن الإجابة ستكون لا، للتأكد من ذلك، استمع إلى خطاب شخص صعد إلى المسرح ليتسلم جائزة ما، سترى أنه مباشرة بعد شكره لمن أعطاه الجائزة وأسرته سيتحدث عن الوقت الذى كان " فاشلاً " فيه لا يملك شيئاً وربما لا أحد يعرفه من الأساس ويؤكد بأن ذلك الوقت من حياته هو من أوصله لهذه الجائزة. صدقنى النجاح ليس أول ما سيتبادر إلى ذهنك عندما تحقق نجاحاً أو مجداً بل كل لحظة ضعف وانكسار مررت بها ولم تستسلم لها، ستكون فخوراً بنفسك حينها بأنك لم تستسلم لأى من كل تلك اللحظات. توقف بالتالى عن اعتبار الفشل كلمة سيئة، فالفشل ليس عكس النجاح على الإطلاق بل ببساطة هو ما يكمله وهو نصفه الآخر.

 

٣. الفيروسات والتنقل بين القوة والضعف 
لن أخرج عن سياق الموضوع ولكن سأخذك لفكرة لفتت انتباهى وستكون مهمة للغاية ومحور الفقرة القادمة، عند بداية اكتشاف الفيروسات، كان الباحثين والمختصين فى حيرة شديدة من أمرهم، فى أى خانة يتم تصنيفها، فريق منهم رأى بأنها كائنات حية واستدل بذلك بمجموعة من خواص الكائنات الحية كالقدرة على التكاثر وتخليق البروتين لكن فريق آخر رأى بأنها عبارة عن أشياء غير حية ليس لها أى قدرة على "الحياة " خارج نطاق خلية العائل الذى تصيبه وأن كل تلك الصفات الحية التى تملكها  العائل هو المسبب المباشر لها  في المقام الأول. فى النهاية اتفق الفريقان على تعريف شمولى ولنقل وسطى بين الطرفين، الفيروسات هى "بوابة" بين الحياة وعدم الحياة.

 

٤. ما بين الحياة وعدم الحياة 
نعرف جميعاً أن كل ما هو حى بعد مرحلة الحياة سينتقل لمرحلة الموت، هذا أمر مفروغ منه ولا جدال فيه، لكن هنا سأحدثك عن مرحلة أخرى نمر نحن البشر بها فى مرحلة ما من حياتنا، مرحلة " عدم الحياة " تلك المرحلة التى تأتى بعد تجربة قاسية عشناها، ألم فقد شيء أو شخص نحبه، عدم نجاحنا في الحصول على شئ كافحنا طويلاً للحصول عليه، نحن بعد كل هذه التجارب لم نمت ولكن فى نفس الوقت نشعر بأننا ناقصين من الحياة، هذه المرحلة أُحب حقاً تسميتها ب " عدم الحياة " كأننا فى المنتصف بين الحياة والموت تماماً مثل الفيروسات ولكن إن كانت الفيروسات لا تملك الإختيار أو الإرداة، فنحن البشر خُلقنا بهما، مع كل نقطة فى مرحلة "عدم الحياة" هذه سواء كان الأمر ضعفاً، ألماً، حزناً، خسارةً، فقداً، تعباً ومعاناةً،نستطيع أن نصمد، أن نتماسك وأن نخرج أقوى لنعود من جديد لمرحلة الحياة.

 

٥. القوة بعد كل انكسار
من الطبيعي أنه ليس من السهل أن نجد الطاقة لنخرج من اللحظات الصعبة المظلمة لانه فى كثير من الأحيان يكون الألم أكبر من قدرتنا على التحمل، لنا كامل الحرية فى أن نعيش ضعفنا، أن نتألم وحتى أن نبكى لنفرغ كل ما بداخلنا من حزن و معاناة لكن ما يحدد جوهر كل إنسان هو ماذا سيختار، هل  سيستمر ضعيفاً متألماً دائما أم سينهض من جديد ويعود أقوى من السابق، الإنسان القوى بالتالي هو من لا يضعف على الإطلاق بل هو من يعيش لحظات الضعف ثم يقف على قدميه ويجابه الحياة مرة أخرى حتى لو كان الألم لا يُطاق.

 

٦.كيفية إيجاد القوة في لحظات الضعف

حسناً انتهينا من أن إيجاد القوة والطاقة بعد كل ألم وضعف هو ما يحدد الإنسان القوى لكن كيف نجد هذه الطاقة والقوة من الأساس ؟ الإجابة من وجهة نظري تكمن فى بضع نقاط أولها وأعتقد أهمها بأن نتقبل بأننا سنضعف أحياناً وستتغلب مشاعرنا علينا فى مرحلة ما، تصالحنا وتقبلنا لهذه الحقيقة ستجعلنا نعرف كيف نتصرف عندما نمر بهذه اللحظات لكن إعتقادنا بأننا لا نقهر سيجعلنا نسقط بشكل كارثى عند أول اختبار مؤلم، ثانياً أن نواجه هذه اللحظات الصعبة بتمسكنا وبقاؤنا بالقرب من الأشياء والأشخاص الذين نحبهم.. فعل الأشياء التى نحبها حتى لو كانت بسيطة ستساعدنا في الخروج من عزلتنا وتخلصنا من كل ألم، التحدث مع كل شخص نحب التحدث معه والدخول في محادثات عميقة طويلة نعبر من خلالها عن ما بداخلنا سيكون بمثابة فهم حقيقى لما نشعر به وإفراغ لكل ما بداخلنا من طاقة سلبية وتجعلنا مستعدين لنبدأ من جديد، أخيراً لنجد قوتنا دائماً علينا أن نتحدى مخاوفنا الخاصة وأن نخرج من الأماكن التى تشعرنا بالراحة، أن نجرب أشياء جديدة وأن نتحدى أنفسنا، ربما فى وسط هذه الرحلة نجد ولو شيئاً واحداً جديداً يجعلنا نلجأ إليه هرباً من كل لحظة قاسية سنمر بها، الهروب نعم ليس حلاً لكنه قد يكون بداية الحل خصوصاً عندما تكون التجربة مؤلمة بشدة، فى البداية من الممكن أن نهرب منها، بالطبع لن نتجاهل حدوثها لكن سننساها لبعض الوقت نعيش فيه ضعفنا، ألمنا وإنكسارنا ثم نعود من جديد بالمثابرة والإرادة الكافية للمواجهة بكل شجاعة لأننا نعلم جيداً بداخلنا أننا لن نسقط أبداً ولن نسمح لأى حزن، ألم أو ضعف بأن يقللوا من عزيمتنا.

 

 ما أريد قوله فى النهاية بأنه من الطبيعي أن نتعب، نضعف، نتألم، نحزن، نعانى، نخسر، نعرق وننزف لكن الأهم أن نعود من جديد أقوى، أكثر صلابة وأكثر شجاعة، لأن القوة الحقيقية تأتى من خلال المرور بكل تلك التجارب، شخصيتنا ستكون تحت المجهر ليس عندما نحتفل بالإنتصار ولكن عندما نعانى مرارة الهزيمة والألم المصاحب لها، هل سنظل متعثرين ساقطين أم سننهض من جديد ونعود أقوى؟  انت لديك الحرية والإرادة لكى تختار…

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Ahmed تقييم 0 من 5.
المقالات

2

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.