الهرمونات والمواد المنسقة: الأسس الكيميائية لتنظيم الحياة في الكائنات الحية

الهرمونات والمواد المنسقة: الأسس الكيميائية لتنظيم الحياة في الكائنات الحية

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

الهرمونات والمواد المنسقة: الأسس الكيميائية لتنظيم الحياة في الكائنات الحية

تتميز جميع الكائنات الحية بقدرتها على تكوين مواد كيميائية تنتشر في جسم الكائن وتلعب أدواراً مهمة في عملية التنسيق. ويطلق على هذه المواد اسم " مواد مُنسِّقَه" . ويمكن تعريفها بأنها مواد تدخل السائل الجسمي (الدم) إما من الوسط الخارجي أو من خلايا الكائن الحي النفسه، وبذلك تساهم في تركيب الوسط الداخلي للكائن الحي (أي السائل البيني المحيط بالخلايا مباشرة). ولا تقتصر هذه المواد فقط على الهرمونات بل تشمل أيضاً مواد كيميائية مختلفة يصعب أحياناً التفريق بينها وبين الهرمونات. ويطلق على هذه المواد اسم " شبيهة الهرمونات" . ومع أننا نجد من الصعب أحياناً – إن لم يكن من المستحيل – وضع حد فاصل بين الهرمونات من جهة والمواد الكيميائية الأخرى شبيهة الهرمونات من الجهة الأخرى، إلا أن مصطلح الهرمون يطلق فقط على المواد التي تتميز بالخصائص التالية:

1-           تُنتج الهرمونات في مناطق محددة ومعروفة من جسم الكائن الحي. وتُنتجها أعضاء متخصصة، هي الغدد الصماء، أو خلايا غدية متخصصة. ثم تنتقل الهرمونات إلى الدم مباشرة. فإذا ذكرنا هرمون الإنسولين مثلا اتجه تفكيرنا إلى غدة البنكرياس التي تُنتجه، وإذا ذُكر هرمون الثَّيروكسين فإننا نتجه بتفكيرنا إلى الغدة الدرقية، وهكذا.

2-           لا تحدث الهرمونات تأثيرها في نفس المنطقة التي أنتجتها، بل تؤثر في مناطق أخرى من الجسم. فمثلا الهرمون ضد إدرار البول يُفرز من قبل تحت سرير المخ، ويخزن في الفص الخلفي للغدة النخامية. ولكنه ينتقل بواسطة ال دلم إلى الكليتين وهناك يؤثر على خلاياها، فيزيد امتصاصها للماء، وبذلك يقل إفراز البول.

3-           لا يستفيد الجسم من الهرمونات في تحرير الطاقة.

4-           يعتبر وجود الهرمونات أساسيا ولكن بكميات صغيرة فقط.

والهرمونات إما أن يكون تأثيرها حافزاً أو مُثبطاً . ويتوقف هذا التأثير على عوامل شتى نذكر منها كمية الهرمون والحالة الفسيولوجية للنسيج الذي يتأثر بالهرمون. كما يتوقف التأثير في بعض الحالات على وجود هرمونات أخرى معينة بجانب الهرمون المُستَخْدم، أو وجود كميات كافية من بعض الفيتامينات. ولا نعرف إلى اليوم بصورة مؤكدة الطريقة التي يؤثر بها الهرمون على النسيج الخاص الذي يتأثر به، ولكن الثابت أن هناك علاقة ما بين التأثير الهرمون وبعض الأنزيمات، كما أن وجود بعض الفيتامينات بكميات صغيرة يعتبر أساسياً لتأثير الهرمونات والإنزيمات. وبعبارة أخرى فإن هناك علاقة وظيفية ثابتة بين الهرمونات والإنزيمات والفيتامينات.

وإذ توفرت الهرمونات بالكميات المطلوبة فإنها تؤدي عملها على أكمل وجه وتعمل في توافق تام ينعكس على شكل حياة صحية طبيعية عامرة بالنشاط والحيوية. أما إذا أفرز الهرمون بكميات قليلة غير كافية، أو أفرز بكميات كبيرة زائدة عن الحاجة إنتاب الإنسان المرض وظهرت عليه أعراض مرضية غير طبيعية تختلف من هرمون إلى آخر. وإذا أخذنا هرمون الثيروكسين كمثال فإننا نميز ثلاث حالات من تأثير هذا الهرمون. الحالة الأولى وهي وجود الهرمون بكمية كافية، فيؤدي عمله بصورة طبيعية، وتسمى هذه الحالة يُوثايْرويِديزم ، والحالة الثانية إذا وُجد الهرمون بكمية قليلة غير كافية فإن ذلك يؤدي إلى ظهور بعض الأعراض المرضية، وتسمى هذه الحالة هيبوثايرويديزم ، والحالة الثالثة هي وجود الهرمون بكميات زائدة عن الحاجة، مما قد يؤدي إلى ظهور أعراض مرضية، وتسمى هذه الحالة هيبرثايروديزم .

وقد تمكن العلماء من معرفة التركيب الكيميائي لمعظم الهرمونات. وقد وجد أن بعضها – مثل هرمون الأنسولين – يتكون من بروتين، وبعضها الآخر – مثل الهرمونات الجنسية والهرمونات التي تفرزها الغدة الكظرية (فوق الكلية) – يتكون من إسترويدات، وهناك مجموعة ثالثة من الهرمونات تتكون من مشتقات الفينول، مثل هرمون الإينفرين (أو الأدرينالين) الذي يُفرزه نخاع الغدة الكظرية.

وقد وجد العلماء أن استخلاص الهرمونات من مصادرها الطبيعية يستلزم خطوات كثيرة معقدة ينتج عنها كميات ضئيلة من الهرمون. ولذلك اتجه نشاط العلماء في السنوات الأخيرة – وبعد معرفة التركيب الكيميائي للهرمونات – إلى تحضير مركبات تشبه الهرمونات في تركيبها الكيمياوي.

وقد وُجد أن بعض هذه المركبات يتفوق على الهرمونات الطبيعية من حيث مفعولها. وهناك هرمونات قليلة لم يُعرف تركيبها الكيميائي بعد، ولهذا فإن تحضيرها معمليا غير متيسر في الوقت الحاضر.

وقد أمكن دراسة تأثير الهرمونات على جسم الحيوان بطرق شتى نذكر منها:

1-           استئصال غدة صماء معينة من جسم الحيوان، وملاحظة ما يطرأ عليه من أعراض مرضية قد تنتهي بوفاة الحيوان.

2-           إعطاء الحيوان الذي استئصلت منه غدة صماء معينة الهرمون الذي تفرزه هذه الغدة، أو خلاصة الغدة نفسها، وملاحظة ما يحدث للحيوان وهل تختفي الأعراض المرضية التي ظهرت عليه بعد استئصال الغدة. وقد وجد أنه فيما عدا بعض  الهرمونات التي يمكن إعطاؤها عن طريق الفم فإن معظم الهرمونات تتلف إذا أعطيت عن هذا الطريق، ولهذا يتم حقنها تحت الجلد أو في العضلات أو الوريد.

هذا ويوجد في الحيوانات التي بلغت درجة عالية من الرُّقي خلايا أو أنسجة أو أعضاء غدية تخصصت جميعها لإفراز هرمونات تعمل لفائدة الجسم كله .. ويطلق على هذه المجموعة من الخلايا والأنسجة والأعضاء اسم جهاز الغدد الصماء أو الجهاز الهرموني. ويوجد مثل هذا الجهاز فقط في الديدان الحلقية والمفصليات والرخويات والفقاريات، وقد درس هذا الجهاز دراسة مستفيضة في ثلاث مجموعات فقط من هذه الحيوانات، هي الحشرات والمفصليات والفقاريات. وقد وجد أن هرمونات كل مجموعة من هذه الحيوانات تختلف عن هرمونات المجموعات الأخرى.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

805

متابعهم

610

متابعهم

6670

مقالات مشابة
-