الجاحظ: هو المؤسس الحقيقي لعلم البلاغة

الجاحظ: هو المؤسس الحقيقي لعلم البلاغة

0 reviews

 هو أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني ، ولد في البصرة ، في خلافة أبي عبدالله محمد المهدي بن المنصور " 158-169هـ" والمؤرخون مختلفون في تاريخ مولده، ولكنهم يكادون يتفقون في تاريخ وفاته وهو سنة 255 للهجرة في آخر خلافة المهتدي بالله بن الواثق ، وأنه عاش نحو ست وسبعين سنة.

ويعد المؤسس الحقيقي لعلم البلاغة ، وهو أول أديب عربي توسع في دراسة علم البلاغة وأعطاه المزيد من نشاطه الأدبي والفكري، وهو أول من جمع ما يتصل به من كلام سابقيه ومعاصريه وشرحه.

فكل ما أخذه من قضايا البيان والبلاغة عن سابقيه ومعاصريه، وكل ما اهتدى إليه من حقائق بلاغية كان له أثره الواضح في تاريخ البلاغة.

فالجاحظ كاتب عرف قدر نفسه، وألم بحقيقة المكانة السامية التي حتلها بجدارة في ميدان التفكير والتعبير؛ وجاءت مصنفاته محاضرات ثرة بألوان المعرفة، تلقى على مريديها، لا محاولات متعثرة بضروب التعمل المبنوي الذي يحجب كل جمال معنوي لطيف.

وقد اشتهر كاتبنا بلقبه، أكثر مما ا شتهر باسمها لصحيح، فهو " الجاحظ" وهو " الحدقي"، وذلك بالنظر لجحوظ عينيه، وبروز حدقتيه. ولا ريب في أن البصرة التي كانت حاضرة للفكر والمعرفة، ومركزا أدبيا ممتازاً، فتحت عيني أديبنا الجاحظ على صنوف العلم والدين والأدب، فنهل أكبر قدر مستطاع، وأقبل على التحصيل إقبالا منقطع النظير لازمه حتى آخر لحظة من  عمره.

وكان الجاحظ يختلف إلى المساجد ومنازل العلماء، وإلى سوق" المربد" الشهيرة حيث تلقى أفنانين الخطابة عن بلغاء العرب وفصحائهم؛ كما كان يستأجر دكاكين الوراقين أثناء الليل لتمضية وقته في المطالعة، والبحث الدقيق.

حدث أبو هفان، قال:" لم أر قط ولا سمعت من أحب الكتب والعلوم أكثر من الجاحظ، فإنه لم يقع بيده كتاب قط إلا استوفى قراءته، كائنا ما كان ، حتى إنه كان يكتري دكاكين الوراقين، ويبيت فيها اللنظر؛ والفتح بن خاقان، فإنه كان يحضر لمجالسة المتوكل ، فإذا أراد (المتوكل) القيام لحاجة، أخرج (الفتح) كتاباً من كمه أو خفه، وقرأه في مجلس المتوكل إلى حين عوده إليه، حتى في الخلاء؛ وإسماعيل بن إسحاق القاضي، فإني ما دخلت إليه إلا رأيته ينظر في كتاب، أو يقلب كتباً، أو ينفضها.

تتلمذ في اللغة والأدب على أبي  عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري، وفي النحو على الأخفش، وفي علم الكلام على أبي إسحاق إبراهيم بن سيار البلخي ا لمعروف بالنظام المتكلم المشهور.

ومما تفرد به الجاحظ قوله بأن" المعرفة طباع، وهي مع ذلك فعل العبد على الحقيقة"، وقوله بأن سائر الأفعال التي تنسب إلى العباد، إنما " وقعت منهم طباعاً ، وإنها وجبت بإرادتهم، وليس بجائز أن يبلغ أحد ولا يعرف الله تعالى". وقد تحدث الجاحظ عن نفسه فقال:" قلت لأبي يعقوب الخزيمي : من خلق المعاصي؟ قال: الله. قلت: فمن عذب عليها ؟ قال: الله. قلت: فلم؟ قال: لا أدري، والله".

وتاريخ الجاحظ في الواقع تاريخ قرن كامل هو زهرة الدولة العباسية، وكان من حظه، وإن شئت فقل كا من حظ الثقافة العربية، أن يعيش في العصر الذهبي للأمة، عصر الرشيد والمأمون، حيث العلوم والآداب يومئذ تزخر بها معاهد العلم في سائر عواصم العالم الإسلامي، وحيث حركة العلم والتأليف والترجمة نشيطة، والتشجيع عليها كثر من ذوي السلطان والمال.

وفاته:

أصيب الجاحظ في أواخر حياته، بفالج نصفي أقعده عن السعي، فعاد إلى ا لبصرة، مسقط رأسه، يمضغ داءه، ويقطع أيامه بالمطالعة واستقبال الراغبين في أدبه وعلمه.

وقد ذكر محمد بن يزيد المبرد حال الجاحظ في أخريات أيامه ، فقال:

" دخلت على الجاحظ في آخر أيامه، فقلت له:" كيف أنت؟ فقال: " كيف يكون من نصفه مفلوجٌ لو حُزَّ بالمناشير ما شعر به، ونصفه الآخر منقرس، لو طار الذباب بقربه لآلمه، وأشد من ذلك ست وتسعون سنة أنا فيها".وأنه لما توفي الجاحظ، رثاه أبو شراعة القيسي بأبيات منها:

في العلم للعلماء، إن *** يتفهموه، مواعظُ

وإذا نسيت وقد جمعــ *** ــت، علا عليك الحافظُ

ولقد رأيتُ الظرف دهــ *** ــراً ما حواهُ اللافظُ

حتى أقام طريقهُ *** عمرو بنُ بحر الجاحظُ

ثم انقضى أمدٌ به *** وهو الرئيسُ الفائظُ

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

231

followings

588

followings

6654

similar articles