الوعي بالذات نقطة تحول
رحلة البحث عن الذات هي الرحلة التي تبدأ من الداخل.. عبر صوت آت من بعيد، ذلك الهمس الروحي الذي لا يهدأ، ولا يَكل ولا يمل، ولا يتوقّف، والذي يدعونا كل يوم عبر نداءات داخلية وأحلام متكررة تغزو منامنا، وتدعونا إلى النهوض والتحرك، هذه الرحلة أصبحت من ضرورات الحياة، التي أصبحنا فيها نعيش في عالم من الابتكار والإبداع والتجديد والتغيير الذي لا يهدأ، هذا التغيير الذي سرق منا هوية ذواتنا الحقيقية، وانسلخنا عن أنفسنا وعن عوائلنا وعن مجتمعنا، وأصبحنا جزءًا من عالم واسع كبير، نلهث فيه لتحقيق ذواتنا.
إن مفهوم الذات يتشكل منذ الطفولة، وعبر مراحل النمو المختلفة، وفي ضوء محددات معينة، حيث يكتسب الفرد خلالها وبصورة تدريجية فكرته عن نفسه، أي أن الأفكار والمشاعر التي يكونها الفرد عن نفسه، ويصف بها ذاته، هي نتاج أنماط التنشئة الاجتماعية، والتفاعل الاجتماعي، وأساليب التعزيز والعقاب، واتجاهات الوالدين، وما إلى ذلك من الخبرات والتجارب التي يمر بها خلال أطوار الحياة.
أولى مراحل هذه الرحلة هو الوعي بالذات واكتشافها، فهذه مرحلة تتطلّب منّا الفهم والإدراك بذواتنا، فالوعي بالذات هو القدرة على رؤية نفسك بوضوح وموضوعية من خلال التفكير، وإدراك الشخص لذاته وسماته ومدي وعيه بأوجه القوة والضعف في شخصيته، ومن الحِكم حول الذات : حكمة سقراط:( اعرف نفسك) تتعلق بحجر الزاوية في الذكاء الوجداني.
الوعي بالذات هو أساس النمو الشخصي والنجاح المهني؛ لتتعرّف على قدراتك ومهاراتك، وما لديك من إمكانيات متوفرة، وما تمتلكه من هوايات تستطيع من خلالها توظيفها واستثمارها الاستثمار الأمثل.
الوعي بالذات مرحلة مهمة
اكتشاف الذات مهارة؛ للتّعرّف على قدراتك، ومهاراتك، واتجاهاتك، واكتشاف ميولك الشخصية، ومعرفة نقاط القوة لديك، والبحث عن نقاط الضعف التي تجدها في نفسك، ثم تتقبّــل الوضع بما هو لديك من قدرات، وبما لديك من عيوب، فعندما تتقــبّــل ذاتك، فأنت تُــعطي لذاتك قيمة، وتكون قادرًا على الإنتاج والتّــقدّم والإنجاز، وسوف تجد تقديرًا من الآخرين، فالفكر هو المؤثّــر على تقديرك لذاتك.
هذا الاكتشاف ومصارحة النفس يكون لك الانطلاقة الأولى؛ لاتخاذ قرارات أفضل، والاستجابة الفورية لتحديات الحياة بكل حكمة وعقلانية.
لطالما لديك خطة مرسومة ورسالة سامية وأهداف راقية وهِــمّة عالية، فلا تتردّد في الإقدام والسير إلى الأمام، وفي هذا المعنى قال الشاعر أبو الطيب المتنبي:
إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ
فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ
فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ
كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ [1]
[1] ) موقع الديوان تم إنشاء الديوان في عام 2013م تحديدًا، لتوفير وقت وجهد الباحثين في الشعر والشعراء. والشعر العربي له دورٌ بارز وهام في حياة الشعوب العربية الفكرية والأدبية، ولأنه، وكغيره من جوانب الحياة، دائم التطور بحسب تطور الشعوب والأمة العربية، وعلاقاتها بالأمم، والتي كانت فيما مضى الفرس والروم والبربر وغيرها، والآن لا تُعد ولا تُحصى، فقد ولدت فكرة الموسوعة، التي ارتأينا من خلالها المحافظة على كل ما هو قديم، وإبراز كل ما هو حديث، مع فرصة للمستخدم بالتعبير عن ذاته. وسيلحظ المتصفح للموسوعة فنون الشعر المتطورة التي برزت من عدة نواحي مثل المضمون، والأسلوب، والمفردات، وكيف تغيرت القوافي والأوزان، ومراحل تطور الشعر من الوصف، إلى الأطلال، ومن ثم الغزل العذري، والشعر السياسي، ليتبعه الصوفي، والوطني، والاجتماعي، إلى الموشحات، ومن ثم وصولًا إلى الشعر العربي المعاصر والحديث.