الهجرة غير الشرعية (الاسباب و النتائج ووسائل الحد منها ) المقال الثانى

الهجرة غير الشرعية (الاسباب و النتائج ووسائل الحد منها ) المقال الثانى

0 المراجعات

انعكاســـات و أثـــــر الهجـــــرة غيـــــر الشرعيـــــة 

باتت قضية الهجرة غير الشرعية مشكلة تؤرق الدول المستقبلة لهؤلاء المهاجرين وعلى راسها دول أوربا التي تعتبر المقصد الأول للمهاجرين غير الشرعيين ، ودول الخليج العربي التي تعاني أيضا من تيارات الهجرة غير الشرعية إليها وما ينجم عن ذلك من آثار سلبية على هذه الدول .

والواقع أن النظرة المصاحبة للهجرة بصفة عامة ، والهجرة غير الشرعية بصفة خاصة في بداياتها كانت نظرة إيجابية ، حيث كانت هذه الهجرة مرغوبة من الطرفين ( المُصدر والمستقبل ) باعتبار أن هناك استفادة للطرفين ،فالدول المُصدرة للهجرة تتمتع بإنتاج بشري كبير وضعف اقتصادي، والدول المستقبلة تتمتع باقتصاد قوي وفائض مالي كبير وتفتقر للأيدي العاملة ، ولكن مع مرور الوقت واختلاف الظروف من عقد لآخر ، بدأ يظهر لهذه الهجرة غير الشرعية سلبيات وآثار لها تداعياتها على الطرفين.

وفيما يلي نتناول باختصار تلك الآثار المترتبة على ظاهرة الهجرة غير الشرعية.

1 -من الناحية الاقتصادية :

 تحدث الهجرة – سواء شرعية أو غير شرعية من الناحية الاقتصادية تأثيرات متنوعة بين الإيجابية والسلبية لكل من الدول المصدرة للهجرة أو المستقبلة لها .

فبالنسبة للدول المستقبلة للهجرة : 

هناك آثارا إيجابية حيث أصبحت هذه الأيدي المهاجرة هي القوة المنتجة والمثمرة في اقتصاديات هــذه الدول  والتي بفضلها استطاعت أن تحقق قدرًا كبيرًا من الاستغلال الاقتصادي للإمكانيات والموارد المتاحة لديها  مما ترتب عليه تحقيق درجة كبيرة من التطور الاقتصادي وزيادة في الدخل القومي حقق بالضرورة ازدهارًا ورفاهة لمجتمعاتها. ومع ذلك فإن الأمر لا يخلو من آثار سلبية من الناحية الاقتصادية للدول المستقبلة متمثلة في تفاقم مشكلة البطالة في هذه الدول لعدم توافر فرص عمل لأبناء الوطن نفسه ، إما لتزايد أعداد المهاجرين ، وإما لتميزهم وتفوقهم في كثير من الأعمال والحرف كما أشرت سابقا وتمسكهم بالفرص التي تتاح لهم . على أنه ينبغي أن نشير إلى أن الدول المستقبلة للهجرة غالبا ما لا تعترف بالدور الإيجابي للمهاجرين ، كما لا تقدم لهم المعاملة والمزايا التي تقدمها لمواطنيها ، ولا تسعى إلى دمج هؤلاء المهاجرين في المجتمع الذي يعيشون فيه.

والأخطر أنه في السنوات الأخيرة – ولا سيما بعد أحداث 11سبتمبر 2001م– تحولت النظرة إلى هؤلاء المهاجرين بوصفهم خطرا على الأمن والاستقرار ومطالبتهم بالرحيل.

أما بالنسبة للدول المُصدرة للهجرة :

 فإن إيجابيات هذه الظاهرة بالنسبة لها تتمثل في التحويلات المالية التي تتدفق عليها من مواطنيها المهاجرين  والتي تسهم بالتالي في عملية التنـمية الاقتصادية ، وتحسين مستويات المعيشة لباقي السكان. 

ومع ذلك فإن للهجرة آثارًا سلبية عديدة على الدول المُصدرة ، يمكن إجمالها فيما يلي :-

أن ارتفاع أعداد المهاجرين وخاصة من الحرفيين والمزارعين يؤدي إلى حدوث ندرة في الكفاءات والمتميزين في هذه المجالات وبالتالي حدوث خلل مهني في الكفاءة الإنتاجية لهذه البلاد .

  -كما يؤدي هذا النقص في العمالة الماهرة من ناحية أخرى  إلى زيادة هائلة في معدلات الأجور للمتواجدين من هذه الفئات  الأمر الذي يؤثر على هيكل الأجور والتكلفة الاقتصادية للسلع والمنتجات

  وتؤدي هذه الهجرة أيضا إلى إحباط العمالة الوطنية التي لم تنجح في الهجرة  وفقدان الحافز لديها على التقدم والتطوير  بل وقد يصل الأمر إلى الشعور بعدم الولاء للمؤسسات الوطنية نتيجة للمقارنة بين ما يتقاضه في وطنه وما يتقاضه  أقرانه في دول المهجر.

  -ويشير البعض إلى سلبية أخرى تتمثل في أن بعض المهاجرين هجرة غير مشروعة قد يقبلون العمل في أعمال لا تتناسب مع مهاراتهم وقدراتهم المهنية مما يؤدي مع مرور الوقت إلى فقد هؤلاء لمهاراتهم وتوقفهم عن اكتساب مهارات جديدة.

 وأخيرا ، فإنه على الرغم مما تجلبه القوة المهاجرة من تحويلات مالية إلى البلد الأم تفيد في عمليات التنمية كما بينا في إيجابيات الهجرة غير أن هذا الأمر لا يخلو من سلبيات تتمثل فيما يلي:-

  -أن هذه التحويلات لا تذهب بالضرورة إلى قنوات الاستثمار الانتاجية ، ولكنها غالبا ما تذهب إلى المجالات ذات الربحية السريعة التي قد تتعارض مع متطلبات التنمية الحقيقية. 

 -التقلبات التي قد تحدث في قيمة التحويلات من سنة إلى أخرى، مما يؤدي إلى عدم استقرار في ميزان المدفوعات للدول المصدرة للعمالة .

 -دور هذه التحويلات في زيادة معدلات التضخم في الدولة الأم نتيجة نقل أنماط الإنفاق الاستهلاكي

2 - من الناحية الاجتماعية:-

  يرصد المحللون الاجتماعيون عديدًا من السلبيات الاجتماعية الناشئة عن ظاهرة الهجرة غير الشرعية ، سواء في البلاد المستقبلة للهجرة أو المُصدرة لها . وقبل أن نعرض لهذه السلبيات ينبغي أن نشير إلى حقيقة مؤداها أن 98 %من المهاجرين هم من الذكور الذين تتراوح أعمارهم من 20 – 45 سنة ، مما يترتب على وجود هذه الفئة في بلد المهجر الكثير من التداعيات ، كما يترتب على غيابها عن أوطانها سلبيات عديدة أخرى. 

وفيما يلي عرض لأهم هذه السلبيات : 

أ – بالنسبة للدول المستقبلة للهجرة :- 

- ظاهرة الزواج من أجنبيات ، نتيجة بحث المهاجر غير الشرعي عن مبرر مشروع يضمن له وجوده الآمن داخل الدولة. وغالبًا ما ينتج عن هذا الزواج انجاب يتلوه طلاق ، ومن ثم تظهر مشكلة نسب الأطفال ومع من يعيش الطفل ... ثم ظهور جيل من الشباب غير الأسوياء.

 - زيادة نسبة الذكور في بلد المهجر تثير بعض المشكلات المتمثلة في تكدس المسكن بكثافة من الذكور مما يولد ميلا للعنف والانحراف الأخلاقي والسلوك الاجرامي .

 - ظاهرة الأقليات ، الذين يتواجدون في أماكن معينة تجمعهم ثقافتهم الخاصة ، ويتجهون تدريجيًا نحو محاولة إثبات ذاتهم بالضغط على المجتمع للإعتراف بهم ، بالطرق المشروعة وغير المشروعة التي قد تصل أحيانًا إلى درجة العنف والتدمير .

ب – بالنسبة للدول المُصدرة للهجرة : -

غياب الزوج عن منزل الزوجية ، يفقد الأطفال الموجه الرئيسي في تربيتهم مما قد ينجم عنه نسبة كبيرة من الأطفال والشباب المنحرفين أخلاقيًا وسلوكيًا 

 - تزايد نسبة الطلاق لغياب الزوج مدة طويلة عن منزل الزوجية

 -إحساس الزوج  لدى عودته بالغربة بين أفراد أسرته نتيجة لضعف العلاقة وفقد الإحساس بالأبوة ، كما قد يجد نفسه مسلوب الشخصية أمام زوجته التي أصبحت أكثر قوة داخل الأسرة .

 -تأثر معدلات الخصوبة لدى الرجال المهاجرين نتيجة العمل في أعمال ضارة بالصحة وذات تأثير سلبي على مســـتوى الخصــوبة ( المناجم والمحاجر وغيرها) ، وفي المقابل قد ترتفع معدلات الخصوبة بالنسبة للرجال الباقين في بلادهم ويفشلون في الهجرة ، وترتفع دخولهم ويزداد اقبالهم على الإنجاب لتوافر الموارد المالية.

أضف إلى كل ما سبق ذكره الاثار الصحية حيث ان الهجرة غير الشرعية قد تكون مصدراً لنشر الامراض والاوبئة مثل الإيدز و السارس غيرها من الامراض بالإضافة الى أن المهاجرين غير الشرعيين لا تتوافر لديهم الامكانات اللازمة لمقابلة نفقات العلاج وغالبيتهم لا يدخلون تحت مظلة التامين الصحى إضافة لما قد يصيب المهاجر من أمراض نفسية فى حالة عدم تكيفه مع المجتمع فى البلاد المستقبلة للمهاجرين و إحساسه بالعزلة وعدم الانتماء الذى قد يؤدى به الى الانهيار النفسي أو الإصابة بالفصام .

بعض الاعمال السينمائية التى تناولت الهجرة وأثارها على  الهجرة غير الشرعية بالإيجاب أو السلب  .

السينما كما يقولون ذاكرة الامة ومرآة المجتمع فما يحدث فى الواقع لا بد وان تصيغه السينما بل وأحياناً يتنبأ الفن أو السينما بما يمكن أن يحدث فى الواقع وفيما يلى سوف ارصد بعض الاعمال الفنية التى تناولت ظاهرة الهجرة عموما والتأثير الإيجابي او السلبى لهذه الاعمال على ظاهرة الهجرة والهجرة غير الشرعية .

1 – فيلم النمر الاسود  انتاج عام 1984:-

   يصور هذا الفيلم قصة حياة بطله محمد حسن الشاب الفقير الذى كان يعمل عامل خراطة وفى ظل الظروف الاقتصادية والحالة المتردية التى كان يمر بها لم يجد أمامه سوى فكرة السفر للعمل بألمانيا وبالفعل 

يسافر ليعمل بأحد المصانع خراط على ماكينة خراطة ويقابل هلجا جميلة من جميلات المانيا التى تقع فى غرامه وهو الشاب الاسود البشرة وكذلك يقابل احد الاشخاص وهو كوستا الذى يكتشف موهبته فى الملاكمة ويقوم بتدريبه فى الوقت نفسه الذى يقوم محمد حسن بعمل تعديل على ماكينة الخراطة وهنا تتحول حياته حيث يبع اختراعه ويتحول الى واحد من اكبر رجال الاعمال والصناعة فى المانيا ليعود بعد ذلك الى مصر محققا لا كبر النجاحات والمكاسب المادية والزواج من اجمل الجميلات وهذا الفيلم كان له تأثير فى نفوس الشباب وولد لديهم الدافع للهجرة طمعا فى الوصول الى ما وصل اليه بطل الفيلم حيث صور لهم الفيلم بان السفر هو السبيل الوحيد امامهم  لتحقيق أحلامهم وأن الجنة فى انتظارهم فى بلاد المهجر وبالتلى لا يجد الشاب امامه سوى الهجرة بأي وسيلة كانت مشروعة او غير مشروعة .

2- فيلم همام فى أمستردام إنتاج عام 1999:-

تدور أحداث الفيلم حول همام الشاب الذى لم يجد امامه سوى فكرة السفر الى خاله فى امستردام للعمل هناك بعد ان فقد كل الآمال فى العمل فى مصر وفى ظل فقده لحبيبته التى تزوجت شاب غيره أكثر ثراء وأيضا نظرا لظروفه العائلية وحجم أسرته الكبير ومسكنهم الغير مناسب وبالفعل يسافر همام ليقابل بعض الصعاب التى يتغلب عليها بمعاونة مجموعة من أصحابه المصريين بأمستردام ليتحول الى صاحب اكبر مطعم فى امستردام ويحقق النجاح هو وجميع أصحابه ويعود لمصر بعد فترة محملاً بالنجاحات ومعه زوجته الجميلة كذلك هذا الفيلم كان دافع ومحفزا للشباب على الهجرة سواء كانت شرعية او غير شرعية .

3- فيلم المدينة انتاج عام 1999:-

  يحكى الفيلم قصة شاب مصرى ترك البلاد وسافر الى فرنسا من أجل تحقيق حلمه بأن يصبح نجما سينمائيا رغم اعتراض والده الذى كان يريده ان يسافر الى الخليج ليصبح ثريا ويقول ناصر عبدالرحمن كاتب الفيلم أن عرض هذا الفيلم تزامن مع عرض فيلم همام فى امستردام وأن فيلمه لم يحقق أى إيرادات بعكس فيلم همام الذى حقق الملايين وعلل ذلك بان الجمهور يحتاج أمل على الشاشة ولو كاذبا فبطل فيلمه عاد الى الوطن حافيا بينما عاد همام بمستوى جيد بعد تجربة ناجحة وحسب رأى المؤلف هذا الفيلم لم يكن له تأثير .

4- فيلم الرهينة انتاج عام 2006 :- 

بطل الفيلم مصطفى شاب مصرى حاصل على ثانوية رياضية لم يعثر على عمل وقضى 6 سنوات على القهوة كان يتواصل مع عماد صديق طفولته الذى سافر الى اوكرانيا منذ 7 سنوات و استطاع أن يحرز تقدم ونجاحا كبيرا وتحسنت احواله المادية و امتلك أكبر بازار سياحى فى اوكرانيا وبناء على عزومه مراكبية من عماد لصاحبه مصطفى سافر مصطفى الى اوكرانيا ليلقى صدمه كبيرة بعد ان يكتشف أن عماد يعانى من نفس الظروف والوضع السئ فى أوكرانيا و أنه يسكن فى شقة صغيرة مع 20 من المصريين الضائعين والذين يبحثون عن عمل بعد أن كسروا الفيزا ويتهربون من البوليس ويعانون من المشاكل وهذا الفيلم كان له تأثير على تغيير الصورة المرسومة فى أذهان الشباب عن الحياة بدول المهجر و بانها ليست الجنة المرسومة على الارض و ان الشباب هناك يعانون وأن طريقهم ليس محفوف بالورود بل بالمخاطر والتعب والمشقة .

5- فيلم مركب الموت انتاج عام 2017 :-   

يتناول الفيلم أوضاع المهاجرين الفارين من الحروب الدامية فى بعض الدول العربية التى نشأت فيها الحركات المتشددة والذين حالفهم الحظ واستطاعوا عبور البحر فى عدد مــــن دول أوروبا مــثل اليونـــان و

إيطاليا وبلجيكا والسويد والمعاناة التى عاشوها فى خلال تلك التجربة التى اكد الجميع على عدم تكرارها مرة أخرى والفيلم يتناول الاسباب التى تجعل الكثير من الشباب العربى بل عائلات بأكملها تغامر بأرواحهم بالاقدام على الهجرة غير محسوبة العواقب ورحلة محفوفة بكثير من المخاطر ويستعرض الفيلم فى لقطاته الواقع الذى ساهم فى خلق هذه الظاهرة وفى مقدمتها الحروب الدائرة وبروز الحركات المتشددة داخل المجتمعات العربية وهذا الفيلم يظهر ويجسد اسباب الهجرة والاتار السلبية لها  ويعمل على تغيير الفكر لدى الشباب المقدمين على فكرة الهجرة ويحد منها .

==============================

انتظر باقى الموضوع فى المقال القادم 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

24

متابعين

79

متابعهم

97

مقالات مشابة