أولياء الأمور يصرخون: التعليم في مصر بين الحضور الإجباري والدروس الخصوصية

أولياء الأمور يصرخون: التعليم في مصر بين الحضور الإجباري والدروس الخصوصية

تقييم 5 من 5.
7 المراجعات

أولياء الأمور يصرخون: التعليم في مصر بين الحضور الإجباري والدروس الخصوصية

 image about أولياء الأمور يصرخون: التعليم في مصر بين الحضور الإجباري والدروس الخصوصية

مقدمة:

خلال السنوات الأخيرة، أصبحت منظومة التعليم في مصر حديث الشارع، ومصدر قلقٍ دائمٍ للأسر المصرية التي تبحث عن مستقبل أفضل لأبنائها. فبين حضورٍ إلزامي لا يضيف جديدًا، وتقييماتٍ غامضةٍ لا تعكس المستوى الحقيقي للطلاب، يشعر أولياء الأمور بأنهم في معركةٍ يوميةٍ مع نظامٍ لا يسمع صوتهم.

معاناة أولياء الأمور:

image about أولياء الأمور يصرخون: التعليم في مصر بين الحضور الإجباري والدروس الخصوصية

تبدأ المعاناة منذ أول يوم في العام الدراسي، حين تُطالب المدارس الطلاب بالحضور الكامل، رغم أن العملية التعليمية داخل الفصول أصبحت شكلية في كثير من الأحيان. المعلمون أنفسهم فقدوا الحماس، وبعضهم يعتمد على الدروس الخصوصية كمصدر دخلٍ رئيسي، مما جعل الاهتمام بالشرح داخل المدرسة يتراجع بشكلٍ واضح.

ويجد أولياء الأمور أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ طائلة في الدروس الخصوصية، حتى يضمنوا لأبنائهم مستوى تعليميًا مقبولًا. ومع ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، تحوّلت الدروس إلى عبءٍ ماديٍ ثقيل، يضغط على ميزانية كل بيت. البعض يصف الأمر بأنه «تعليم بمصاريف مضاعفة» لا يرحم الفقير ولا يوفر العدالة في فرص التعلم.

أما التقييمات الشهرية والامتحانات المستمرة، فقد أصبحت مصدرًا آخر للجدل. فالكثير من أولياء الأمور يرون أن النظام الجديد لا يقيس قدرات الطلاب بدقة، بل يعتمد على أسلوبٍ سطحيٍ في التقييم، لا يراعي الفروق الفردية، ولا يعطي للطالب المجتهد حقه الكامل. كما يشكون من غياب التواصل الحقيقي بين المدرسة والأسرة، حيث تكتفي الإدارات التعليمية بإرسال تنبيهات وتعليمات دون نقاشٍ أو استماعٍ لمشاكل الميدان.

الأزمة لا تتوقف عند أولياء الأمور فقط، بل تمتد إلى المعلمين أنفسهم، الذين يعيشون حالة من الضغط بين مطالب الوزارة ومطالب أولياء الأمور. فمرتبات المعلمين لم تعد تكفي لتغطية احتياجاتهم، ما جعل الكثيرين يلجأون للدروس الخصوصية لتعويض النقص المادي. وبهذا، تداخلت المصالح، وضاع الهدف الأساسي من التعليم: بناء الإنسان.

ومع كل عام دراسي جديد، تتزايد التساؤلات حول مدى جدوى النظام الحالي، وحول قدرة الدولة على إعادة الانضباط إلى المدارس. فغياب الاهتمام داخل الفصول، وانتشار الغياب بين الطلاب، وضعف الإشراف، كلّها عوامل جعلت المدرسة تفقد مكانتها القديمة كمصدرٍ للعلم والتربية معًا.

من ناحية أخرى، يحذر بعض الخبراء من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى حالة استنفارٍ مجتمعيٍ واسعة، إذ يشعر أولياء الأمور بالعجز أمام نظامٍ لا يمنح أبناءهم التعليم الذي يستحقونه. البعض يتحدث عن «ثورة تعليمية قادمة»، ليس بمعناها السياسي، بل في شكل مطالب جماعية بإصلاح حقيقي وشامل، يعيد للمدرسة دورها الأساسي، ويرفع من كفاءة المعلم، ويعيد الثقة بين الأسرة والمؤسسة التعليمية.

وفي ظل هذا الواقع، يظل الأمل قائمًا في أن تتخذ وزارة التربية والتعليم خطوات جادة نحو الإصلاح. الإصلاح الذي لا يبدأ بالشعارات، بل بخططٍ عمليةٍ واضحةٍ لتحسين المناهج، وتدريب المعلمين، وتطوير طرق التقييم، وإعادة الاعتبار للمدرسة كمنارةٍ للعلم.

فلا يمكن لأي دولة أن تنهض دون تعليمٍ قويٍ يعيد بناء الإنسان قبل المناهج. وأولياء الأمور اليوم لا يطالبون بالمستحيل، بل فقط بتعليمٍ يحترم عقول أبنائهم، ومعلمين يجدون التقدير والدعم، ومدارس تؤدي دورها الحقيقي لا أن تتحول إلى مبانٍ فارغةٍ بلا روح.

ربما يكون صوت الغضب الذي يعلو الآن هو جرس إنذارٍ قبل أن يتحول إلى أزمةٍ أكبر. فالتعليم ليس رفاهية، بل أساس كل تقدم، وإذا لم نُصلحه اليوم، فلن نجد غدًا ما يستحق البناء عليه.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Ahmed Abdelsamea تقييم 4.98 من 5.
المقالات

16

متابعهم

38

متابعهم

63

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.