التوازن بين العقل والعاطفة تجنباً لإستغلال المشاعر
التوازن بين العقل والعاطفة تجنباً لإستغلال المشاعر
في كل زمان ومكان، هنلاقي الشخص اللي قلبه حنين زيادة عن اللزوم. إنسان طيب بطبعه، بيتعامل مع الناس بنقاء وصفاء نية، وبيفكر في مشاعر غيره أكتر مما بيفكر في نفسه. هو الشخص اللي ممكن يسهر علشان يريح غيره، ويتعب علشان يسعد اللي حواليه، ويقدّم من قلبه بدون ما ينتظر مقابل. الناس بتحبه، وبتثق فيه بسرعة، وبتحس معاه بالأمان، لأنه صادق ومخلص في كل تصرفاته.
لكن رغم كل ده، الشخص العاطفي ده بيتعب كتير. لأن الحي بتقدّر القلوب الطيبة، ومش كل الناس بترد الجميل. بالعكس، في ناس بتستغل طيبته، وتعرف إزاي تلعب على وتر مشاعره الحساس. بيستخدموا عاطفته لمصلحتهم، وبيخلوه دايمًا في دايرة من العطاء المستمر من غير تقدير. هو في الأصل شايف إنه بيعمل خير، بس في الحقيقة بيستنزف نفسه ببطء.
الحنية الزايدة بتخليه فريسة سهلة لأي شخص يعرف يدخل له من باب العاطفة. بيصدق كل كلمة، ويتأثر بأي دمعة، وبيتحرك دايمًا بدافع الرحمة، حتى لو كان على حساب راحته. وساعات بيظلم نفسه وهو مش واخد باله، لأنه بيتعود يفضل راحة غيره على راحته.
ومع مرور الوقت، يبدأ يحس بالتعب النفسي. بيحس إنه دايمًا بيدي ومش بياخد، وإن محدش بيهتم بيه زي ما هو بيهتم بالناس. بيحس بالوحدة رغم إنه وسط الكل، وبيبدأ يفقد جزء من نفسه في سبيل الآخرين.
لكن، هل الطيبة دي غلط؟
أكيد لأ. الطيبة مش ضعف، والعاطفة مش خطأ. لكن لازم تكون بوعي وحدود. الطيبة الحقيقية مش إنك تظلم نفسك علشان تسعد غيرك، لكنها إنك تعرف إمتى تساعد، وإمتى تحافظ على نفسك. لأن اللي بيحب الناس صح، لازم يبدأ بحب نفسه أولًا.
تأثير الطيبة الزايدة على الشخص:
١ـ استنزاف عاطفي ونفسي مستمر.
٢ـ إحساس دائم بالخذلان من الناس.
٣ـ صعوبة في قول كلمة "لأ" حتى لما يكون محتاجها.
٤ـ فقدان التوازن بين العطاء والراحة الشخصية.
أما العلاج فهو ببساطة: إنك تتعلم تحط حدود.
تتعلم تقول "كفاية" من غير ما تحس بالذنب.
تدي اللي تقدر عليه، لكن من غير ما تجرّد نفسك من الراحة.
تتعامل بعقلك زي ما بتتعامل بقلبك، لأن التوازن بين الاتنين هو سر الراحة الحقيقية.
وممكن كمان تبدأ تراجع دوائرك. تشوف مين فعلاً بيقدّرك ومين بياخدك كأمر مُسلّم به . العلاقات الصح لازم تكون مبنية على الأخذ والعطاء، مش على طرف يدي طول الوقت. لما تبدأ تحط نفسك في مكانها الصح، هتكتشف إن الطيبة مش بتقل، لكنها بتتحول لقوة. قوة إنك تختار، وإنك تدي بحكمة، وتحافظ على سلامك الداخلي قبل أي شيء.
في النهاية، القلب الطيب الحنين هيفضل دايمًا أجمل ما في الإنسان، لكنه محتاج عقل يحميه من الإرهاق النفسي، وحدود تحفظه من الاستغلال. فحافظ على طيبتك ، بس ما تسيبهاش تكسرك.
