التحرش والعنف ضد المرأة
القضايا المجتمعية مشكلة التحرش والعنف ضد المرأة
المقدمة

مشكلة التحرش والعنف ضد المرأة ظاهرة عالمية واسعة الانتشار، تتخذ أشكالاً متعددة (جسدية، جنسية، نفسية، عبر الإنترنت) وتحدث في كافة الأماكن (المنزل، العمل، الشارع، الفضاء الرقمي) وتؤثر سلباً على حياة النساء وتمنعهن من المساهمة الكاملة في المجتمع، وتتفاقم بسبب اختلال توازن القوى بين الجنسين والمعايير الاجتماعية الضارة، وتتطلب مواجهتها نهجاً متعدد الأبعاد يشمل سن قوانين حماية وتوعية وتغيير المواقف المجتمعية وتقديم الدعم للناجيات، وذلك بحسب بيانات الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية.
يُعَدُّ العنف والتحرش ضد المرأة من أخطر أشكال انتهاك حقوق الإنسان؛ إذ لا يؤثر فقط على الضحية، بل يمتد أثره ليشمل الأسرة والمجتمع بأكمله. هذا البحث يهدف إلى تقديم عرض شامل عن المفاهيم، نطاق الانتشار، الأسباب، الآثار، والأُطر الوقائية والقانونية، مع اقتراح توصيات عملية قابلة للتطبيق.
أشكال التحرش والعنف
- جسدي وجنسي: ضرب، اعتداء جنسي، عنف من شريك حميم أو غيره.
- نفسي وعاطفي: تهديدات، إذلال، إهانات، تحكم.
- رقمي: التشهير، نشر صور بدون موافقة (Deepfakes)، مضايقات عبر الإنترنت.
- في أماكن عامة: تعليقات غير لائقة، تحرش في المواصلات العامة.
أسباب انتشار الظاهرة
- اختلال توازن القوى: سيادة الأفكار الأبوية التي تمنح امتيازات للرجال.
- عوامل فردية: تدني التعليم، التعرض للعنف في الطفولة، تعاطي الكحول، سلوكيات رجولية ضارة.
- عوامل مجتمعية: معايير تهمش النساء، قوانين تمييزية، ضعف فرص العمل.
- الأزمات: تزيد الظروف الاقتصادية والنزاعات من مستويات العنف المنزلي.
آثار العنف على المرأة والمجتمع
- صحية: اكتئاب، قلق، أمراض منقولة جنسياً، حمل غير مخطط له.
- اجتماعية وشخصية: فقدان الثقة، نوبات هلع، عزلة، عار، تراجع الأداء الوظيفي.
- اقتصادية: تراجع مشاركة المرأة في العمل والاقتصاد.
- مجتمعية: يعيق تنمية المجتمع ويحرمه من مساهمة نصف سكانه.
سبل المواجهة
- تغيير القوانين: سن تشريعات تحمي النساء من التحرش والمطاردة (خاصة الرقمية).
- التوعية وتغيير الثقافات: حملات لتغيير المواقف تجاه العنف القائم على النوع الاجتماعي.
- دعم الناجيات: توفير خدمات الحماية والإحالة والمساعدة القانونية.
- تمكين النساء: زيادة فرص وصولهن للتعليم والعمل والمشاركة السياسية.
- مبادرات دولية: حملات مثل "#اصغوا_إليّ_أيضا" (#ListenToUs) لتسليط الضوء على المشكلة.
2. تعريفات ومفاهيم أساسية

2.1 تعريف العنف ضد المرأة
العنف ضد المرأة هو أي فعل عنيف يقوم به فرد أو مجموعة ويؤدي إلى أذى بدني أو جنسي أو نفسي أو معاناة اقتصادية للمرأة، ويشمل أعمالًا داخل الأسرة أو في المجتمع أو من قبل الدولة أو المجموعات غير الحكومية.
2.2 تعريف التحرش الجنسي
التحرش الجنسي هو سلوك غير مرغوب فيه من طراز جنسي (لفظي أو جسدي أو بصري) يؤثر على كرامة الضحية ويخلق بيئة معادية أو مسيئة لها — ويحدث في العمل، الأماكن العامة، التعليم، أو عبر الإنترنت.
2.3 أشكال العنف

* العنف الجسدي (ضرب، إيذاء)
* العنف الجنسي (اغتصاب، اعتداء جنسي، استغلال)
* العنف النفسي/العاطفي (إهانة، تهديد، تحقير)
* العنف الاقتصادي (منع الوصول للمال، التحكم في الموارد)
* العنف الرقمي (نشر صور خاصة، مضايقات عبر الشبكات الاجتماعية، تهديدات رقمية)
3. المنهجية (مصادر البحث)
تم الاعتماد على مصادر دولية ومنظمات صحية وإقليمية وتقارير محلية (منظمات حكومية ومنظمات مجتمع مدني) ومقالات أكاديمية وتقارير صحفية. حيث تدعم الهيئة العالمية للأرقام والإحصاءات بيانات الانتشار العالمية، بينما تقدم تقارير محلية صورة أكثر تفصيلاً عن السياق الوطني.
4. حجم وانتشار الظاهرة (إحصاءات عالمية ومحلية)
* على المستوى العالمي، تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن **نحو 1 من كل 3 نساء (حوالي 30%)** تعرضن للعنف الجسدي و/أو الجنسي على يد شريك حميم أو غير شريك على مدار حياتهن. ([منظمة الصحة العالمية][1])
* تقديرات أحدث (تقرير عالمي 2025) تُظهر أن ما يقرب من **840 مليون امرأة** تعرضن لعنف شريك أو اعتداء جنسي خلال حياتهن، وأن نحو **316 مليون امرأة** تعرّضت لاعتداء بدني أو جنسي من شريك خلال آخر 12 شهرًا في تاريخ التقرير. ([منظمة الصحة العالمية][2])
* فيما يخص القتل المرتبط بالنوع (الـ femicide)، أفادت تقارير الأمم المتحدة ومنظمات غيرها بأن متوسط **حوالي 140 امرأة/فتاة يُقتَلن يوميًا** على يد شركاء أو أفراد من الأسرة في عام 2023. ([AP News][3])
* في السياق المصري، سجّلت مراكز رصد ومنظمات محلية زيادةً في حوادث العنف والقتل والخوف من التحرش في الأماكن العامة؛ تقارير مرصدة تحدثت عن آلاف الحالات المبلغة وتفاوت بين ما يُبلَّغ وما يحدث فعليًا بسبب حاجز الصمت والوصمة. تقارير محلية (مثل تقارير المرصد القومي أو منظمات المجتمع المدني) تسجل ارتفاعًا في التبلّغ عن حالات العنف السيبراني والتحرش في السنوات الأخيرة. ([edraak-eg.org][4])
5. أسباب العنف والتحرش
يمكن تصنيف الأسباب إلى عوامل بنيوية واجتماعية ونفسية وقانونية وثقافية:
* الأدوار الجندرية والصورة النمطية للرجولة والأنوثة.
* غياب الوعي والتثقيف الجنسي السليم.
* الإفلات من العقاب والصول القانونية الضعيفة أو التطبيق المتذبذب.
* العنف الوراثي/التعليمي داخل الأسرة وفيما بين الأقران.
* ضغوط اقتصادية وسكر/تعاطي مواد مخدرة لدى بعض الجناة.
* تأثيرات وسائل الإعلام وتطبيع الابتزاز أو الترهيب.
* في العصر الرقمي: سهولة استهداف النساء عبر الإنترنت واستخدام التكنولوجيا لنشر محتوى مسيء أو لابتزازهن.
6. مظاهر العنف والتحرش في المجتمع
* التحرش الشفهي واللمس في الشارع ووسائل النقل.
* المضايقات في أماكن العمل والتحرش المهني.
* العنف داخل الأسرة (زوجي، أبوي).
* استغلال القاصرات والزواج المبكر وأشكال الاستغلال الجنسي.
* الاعتداءات المنظمة أو الجماعية في مناسبات عامة.
* العنف الرقمي: نشر صور/معلومات خاصة، تهديدات، ابتزاز إلكتروني.
7. الآثار الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية
* تأثيرات صحية: إصابات بدنية، حمل غير مرغوب فيه، مشاكل صحة إنجابية.
* آثار نفسية: اكتئاب، اضطراب ما بعد الصدمة، عزلة، انتحار أحيانًا.
* أثر اجتماعي واقتصادي: فقدان فرص العمل، انخفاض مشاركة المرأة في الفضاء العام، أعباء علاجية ونفقات على الأسرة والدولة.
8. العوامل المساندة لاستمرار الظاهرة
* آليات ثقافية تحمّل النساء مسؤولية العنف (لوم الضحية).
* ضعف آليات الإبلاغ والحماية (مخاوف من الانتقام، عدم الثقة في الجهات المختصة).
* غياب خدمات دعم نفسية وقانونية كافية.
* نقص برامج التعليم المبكرة حول المواصلة، الاحترام والمساواة.
* التأخير في تحديث القوانين أو تنفيذ توصيات المعاهدات الدولية في بعض البلدان.
9. الأطر القانونية والسياسات (دوليًا ومحليًا — مصر كمثال)
* على المستوى الدولي: اتفاقيات مثل اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW) والتزامات الدول في حماية حقوق المرأة. تقارير أممية توصي بسن قوانين واضحة وتعزيز آليات التنفيذ. ([data.unwomen.org][5])
* في مصر: توجد تشريعات جزائية تُعاقب الاعتداءات والاغتصاب والتحرش، وتعمل مؤسسات حكومية (مثل المجلس القومي للمرأة) ومنظمات مجتمع مدني على إنشاء خطوط ساخنة ومراكز إيواء وإحالات طبية وقانونية. رغم ذلك، تقارير رصد محلية تشير إلى ثغرات في التطبيق واحتياج لضمان حماية أفضل للناجيات وزيادة الوصول إلى العدالة.
10. دور الوسائط الرقمية وظهور العنف السيبراني
* في السنوات الأخيرة ازداد استهداف النساء عبر الإنترنت — من ترويع وابتزاز إلى استخدام محتوى مُزوَّر (deepfakes). تقارير دولية أحصت ارتفاعًا ملحوظًا في إساءة استخدام الوسائط الرقمية ضد النساء في الأماكن العامة والخاصة، مع تأثير مباشر على سلامتهن الشخصية.
11. جهود المجتمع المدني والهيئات الحكومية والمنظمات الدولية
* منظمات دولية (UN Women, WHO, UNODC) تقدم بيانات، إرشادات وبرامج دعم. ([unwomen.org][8])
* منظمات محلية في مصر تعمل على خطوط ساخنة، مراكز دعم نفسي وقانوني، حملات توعية في الشارع والمدارس.
* مبادرات توظيف التكنولوجيا لتسهيل الإبلاغ والحماية، لكن يحتاج الأمر لضمان الخصوصية وفعالية التنفيذ.
12. برامج الوقاية والحماية
* التعليم المبكر حول الاحترام والمساواة وحقوق الإنسان.
* تدريب لرجال الأمن والشرطة والقضاة على حساسية النوع الاجتماعي.
* مراكز دعم متكاملة (طبية، نفسية، قانونية) واستراتيجية إحالة سريعة للناجيات.
* تشريعات صارمة وتطبيق فعّال للعقوبات مع حماية الشهود والضحايا.
* سياسات مكان العمل (شكاوى داخلية، حماية المبلغات، تعويضات).
* حملات توعية عامة مستمرة تستهدف الرجال والشباب كحلفاء في الوقاية.
13. دراسات حالة مختارة (ملخّصات)
13.1 حالة: رصد محلي لزيادة العنف في فترة محددة
قامت مرصدات محلية بتوثيق زيادة في حالات العنف والأخبار المتعلقة بجرائم قتل المرأة في سنوات ما بعد 2020، مع اختلاف بين ما يتم الإبلاغ عنه فعليًا وما يحدث.
13.2 حالة: عنف رقمي يتحول إلى عنف واقعي
تقارير حديثة أظهرت أن نسبة كبيرة من النساء العاملات في الحياة العامة تعرّضن لعنف رقمي أدى إلى تهديدات أو اعتداءات خارج الإنترنت، ما يستلزم ربط سياسات الحماية الرقمية بحماية في العالم المادي.
14. توصيات عملية
**قانونية وتشريعية**
* تحديث وتوحيد القوانين لمواجهة كل أشكال العنف والتحرش، بما في ذلك العنف الرقمي.
* إنشاء آليات سريعة للتحقيق وحماية المبلغات.
**تربوية وتوعوية**
* إدراج مناهج تعليمية عن المساواة والاحترام وإدارة النزاع في المدارس.
* حملات مستهدفة لتوعية الرجال والشبان بأدوارهم كمناصرين للمساواة.
**خدماتية وصحية**
* توفير مراكز دعم متكاملة في كل محافظة تشمل خدمات طبية ونفسية وقانونية.
* خطوط ساخنة متاحة على مدار الساعة مع تدريب العاملين عليها.
**تقنية وإعلامية**
* فرض قواعد على منصات التواصل لمكافحة المحتوى المسيء والابتزاز، مع حواجز إبلاغ سهلة وفعالة.
* تأهيل الإعلام لنقل قضايا العنف بصورة تراعي كرامة الضحايا وتساهم في كسر الوصمة.
**بحثية ورصد**
* دعم بحوث وطنية دورية واستحداث قواعد بيانات موحَّدة لرصد العنف بدقة ومتابعة الاتجاهات الزمنية.
15. الخاتمة
العنف والتحرش ضد المرأة مشكلة معقّدة الجذور ومتشعبة الأوجه. مكافحتها تحتاج لتكاتف تشريعي، تعليمي، مؤسسي، ومجتمعي. الحلول الفعّالة تقوم على الوقاية (تغيير الثقافة والقوانين) والحماية (خدمات فورية وقضاء عادل) ومحاسبة الجناة. تحقيق ذلك سيُحسّن صحة المجتمعات واقتصادها ويُعيد الحقّ للضحايا في الأمان والكرامة.
16. المراجع :
1. World Health Organization — Violence against women (fact sheet). ([منظمة الصحة العالمية]
2. WHO — Violence against women prevalence estimates, 2023 / lifetime toll (Nov 19, 2025). ([منظمة الصحة العالمية]
3. UN Women — Facts and figures: Ending violence against women / Global reports (UN Women). ([unwomen.org][8])
4. UNODC / UN Women — Femicides in 2023 (global briefs). ([مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات]
5. تقارير محلية / مرصد العنف ضد المرأة في مصر (Observatory report 2021 وغيرها).
6. تقارير وصحافة: Associated Press وThe Guardian عن العنف الرقمي وتأثيره.
7. تقارير وطنية: المجلس القومي للمرأة ومراكز بحثية مصرية حول العنف ضد المرأة.