معلمو حصة التاريخ خاطئون
معلمو حصة التاريخ خاطئون
جميع معلمو حصة التاريخ خاطئون لم يرسموا خارطة العالم بالشكل الصحيح ، لم يعلمونا قيمة التمسك بالوطن بل ولم يعلمونا أن التمسك به يعني السحق والموت الفوري .
علمونا أن هناك بقعة من الأرض على الخريطة تسمى دولة فلسطين رسموها لنا بعد ما رأوها لكنهم لم يروا الأهم من شكلها ، لم يروا ما كان أعمق ولم يسمعوا همس صغار و شباب و كبار يصرخون مستغيثين من قلب هذه البقعة ، لم يروا قلب أم ينتفض بعد سماع صرخة استشهاد ابنتها ، لم يروا دمية تسقط من يد طفل صغير بعدما صوب على رأسه السلاح ، لم يروا عائلة تختبئ تحت طاولة الطعام خوفاً والطعام بالأعلى مازال دافئاً ، لم يروا دمعة تسيل من عين أب صوب السلاح على راسه ليترك ابنته للذئاب البشرية بل للوحوش البشرية ، لم يروا رصاصة تخترق قلب شاب كان يساعد أصدقائه الشهداء والدماء تسيل من شتى أنحاء جسده ، لم يروا قلب طفل صغير يتوقف من الذعر ليسقط أرضاَ بين باقي الشهداء ، لم يروا دماء تسيل على كل صخرة في أراضي فلسطين ، لم يروا أشلاء طفلة ما عاد نبض بها يحملها أخيها على كتفه مستنكراً وفاتها و مستنجداً بالمسعفين ، لم يروا شاب عيناه نزفت دماء بدلاً من الدموع وهو يضمد جراح صديق طفولته ورفيق دربه ، لم يروا إصرار رجل زاحفاً لأسرته بعدما اخترقت الشظايا جسده بالكامل فقط ليحميهم ، لم يسمعوا صرخة استنجاد صغير من بين الرُكام عالقاً تحت الأنقاض ،وأخيراً لم يروا أشلاء اختلطت بالتراب لدرجة بات يصعب فصلهما ، الطين ليس تراب وماء كما علمونا في الصف الأول الابتدائي ، الطين في فلسطين تراب ممتزجاً بدماء وأشلاء شهداء .

ألقي نظرةً على المتبقي من شعبها كل شخص هناك ستجد فيه ندبةً وجرح وخيط خُلد لن يُمحى أثره لقصة قاسية لن تُنسى ، ستجد الجميع يحمل الكثير من الألام التي لن نستطيع على تطيّبها لهم مهما فعلنا فما حصل أقسى من أن نُصلحه أو تداويه الكلمات، هناك لن تجد أسرة واحدة مكتملة فالجميع ينقصه شخص شخصان وربما أكثر ، الجميع بلا استثناء عاش مرارة الفَقد ، هناك ستجد الجميع بحاجة لطرف صناعي لم ينجو إلا معدودين قليلون ورغم ذلك مازال الخطر يلاحقهم وينغص عليهم حياتهم، هناك ستجد كل شخص يحتفظ بجزء منه أتتصورون؟
جزءٍ منه لا جزء من طعام يسد جوعهم ، بل جزءاً من خصلة شعر من قطعة عظام من قطعة جلد ، كل ما يحدث أقل مايقال عنه أنه يشيب الشعر بل ويشيب القلب ،رحمهم الله برحمته.
ختاماً تبقى فلسطين اسمها فلسطين لو غيروا اسمها من كل مكان ، وتبقى نوراً لو كسوها بالظلام ، وتبقى على خارطة العالم بل ولا خارطة للعالم دونها ، هي نحن ونحن هي ، هي قضية كل عربي على وجه الأرض .
كتبته : شيماء حسن جمال.