
نقاط الضعف في القانون الاجراءات الجنائية الجديد
نقاط الضعف في القانون الجديد
جاء القانون الجديد مقحف للحقوق وقد قام
اعطاء صلاحيات واسعة للنيابة العامة والقضاة في الحبس الاحتياطي
رغم أن مشروع القانون يقلّص الحد الأقصى للحبس الاحتياطي في بعض الحالات (مثلاً من 6 إلى 4 أشهر في الجنح، من 18 إلى 12 شهراً في الجنايات)... إلخ، إلا أن هذه المدد ما تزال طويلة وغير متناسبة مع المعايير الدولية.
أيضاً يسمح القانون بتمديد الحبس الاحتياطي بدون رقابة قضائية مستقلة لفترات قد تصل إلى 150 يومًا في بعض الحالات.توسيع صلاحيات ضباط الضبط القضائي وجهات إنفاذ القانونالقانون يُوسع من صلاحيات مأموري الضبط القضائي (من ضباط الصف، الأمن الوطني، وغيرها) للقيام بإجراءات تحقيق واستجواب، وهو ما يخشى أن يؤدي إلى استغلال هذه الصلاحيات، خصوصًا في ظروف الاحتجاز غير الرسمية أو الغامضة.في بعض الحالات يُستثنى المحامي عن الحضور خلال التحقيق إذا رأت النيابة أن ذلك "ضروريًا لكشف الحقيقة"، مما يُضعف حق الدفاع.الجلسات عن بعد / استخدام الفيديوكونفرنس
القانون يقنن ويوسّع استخدام جلسات المحاكم أو التحقيق عن بعد، بما في ذلك جميع مراحل الإجراءات الجنائية.
المعارضة ترى أن استخدام الفيديو يؤثر سلبيًا على قدرة المتهم والمحامي على التعامل الفعّال، ويصعّب التحقق من مدى سلامة الاعترافات وظروف الاحتجاز.
انتهاك الحق في المحاكمة العادلة وحق الدفاع
من ضمن الاعتراضات أن القانون يُضعف ضمانات المتهم، مثل أن يكون له محامٍ منذ بداية التحقيق، الحق بالاطلاع على ملف القضية، القدرة على استدعاء الشهود، مواجهة الأدلة... إلخ.
مواد تتعلق بإخفاء شخصية الشاهد وبياناته عن المتهم والمحامي في بعض الحالات، مما يثير تساؤلات عن الشفافية والإمكانية الفعلية للدفاع.
سرية المحاكمة وحظر نقل أو إذاعة وقائع الجلسات
توجد مواد في القانون المقترح تقوم بتوسيع الحظر على نقل أو إذاعة الجلسات القضائية بدون موافقة خطية من رئيس المحكمة. هذا الحظر يُعدّ تقييدًا لمبدأ علنية المحاكمة، الذي يكفّله الدستور.
الفجوة في الشفافية التشريعية وتعديل مشروع القانون في اللحظات الأخيرة
اعتراضات على أن بعض التعديلات تمت "في اللحظات الأخيرة" قبل التصديق، دون أن تُعرض للنقاش العام أو تُشرح للمجتمع المدني والرأي العام، مما يقلل من الرقابة العامة ويثير مخاوف من القانونيات والعدالة في المداولة.
إمكانية الإفلات من المساءلة القانون لا يُعالج بما فيه الكفاية الإفلات من العقاب على الانتهاكات التي يرتكبها أفراد من الأجهزة الأمنية أو جهات إنفاذ القانون.تقييد حق الضحايا في استئناف قرارات النيابة العامة التي ترفض توجيه التهم للموظفين العموميين.
استخدام الحبس الاحتياطي كقاعدة وليس استثناءً رغم بعض التعديلات، ما زال الحبس الاحتياطي يُستخدم على نطاق واسع، في قضايا سياسية أو حين تُثار شبهات أمنية، وأحيانًا لفترات طويلة جدًا.
أسباب اعتراض الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان
مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أعربت عن قلق بالغ حول المواد التي تمنح النيابة العامة سلطة تقديرية كبيرة في الحبس الوقائي، اعتراض الاتصالات، وحظر السفر.القلق أيضاً من تأثير القانون على الحق في التمثيل القانوني الفعّال، ومساءلة الموظفين العموميين عن سلوكهم، بما في ذلك أولئك المعنيين بتنفيذ القانون.منظمة العفو الدولية ومنظمات دولية أخرى قالت إن القانون لا يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، خصوصًا فيما يتعلق بالاحتجاز التعسفي، وضمانات المحاكمة العادلة، ودور المحامي، وحقوق المدّعى عليه.
اللجنة الأممية لمناهضة التعذيب أيضاً انتقدت أن بعض أحكام القانون قد تسمح بانتهاكات (تعذيب، اختفاء قسري، إساءة معاملة) بشكل منهجي أو تقنينها، دون ضمانات كافية.مسألة الامتثال للالتزامات الدولية لمصر في مجال حقوق الإنسان (اتفاقيات مناهضة التعذيب، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، إلخ) أثارتها الأمم المتحدة؛ القانون الجديد يُشتبه بأنه لا يلتزم بتلك الالتزامات.
قانون الإجراءات الجنائية المصري من وجهة نظر المحامي
يُعد قانون الإجراءات الجنائية المصري من أهم القوانين التي تنظم سير العدالة الجنائية في مصر، فهو بمثابة "الدستور الإجرائي" الذي يحدد كيفية تحريك الدعوى الجنائية، وطرق التحقيق والمحاكمة، وضمانات المتهم، وصولًا إلى تنفيذ الأحكام. ومن واقع عملي كمحامٍ، أرى أن فهم هذا القانون بدقة هو حجر الأساس لممارسة مهنة المحاماة الجنائية بفاعلية.
- أهمية قانون الإجراءات الجنائية
القانون الجنائي في جانبه الموضوعي (قانون العقوبات) يبين الجرائم والعقوبات، لكنه يظل حبرًا على ورق ما لم يُفعَّل من خلال الإجراءات. وهنا تأتي أهمية قانون الإجراءات الجنائية الذي يضع الآلية العملية لتطبيق العقوبة أو إثبات البراءة.
فالمحامي لا يستطيع الدفاع عن موكله دون الإلمام بالضمانات التي قررها القانون، مثل:
الحق في حضور المحامي أثناء التحقيق.
بطلان أي إجراء تم بالمخالفة للقانون (كالتفتيش أو القبض غير المبرر).
ضمانات علانية الجلسات وعلانية النطق بالحكم.
3- أبرز الضمانات التي يراها المحامي
افتراض البراءة: المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم نهائي.
الحق في الدفاع: وهو حق أصيل لا يجوز المساس به، ويشمل تمكين المحامي من الاطلاع على ملف القضية.
التحقيق القضائي النزيه: فالمشرع أوجب أن تتسم إجراءات الاستدلال والتحقيق بالحياد والموضوعية.
4- التحديات العملية
رغم وضوح نصوص القانون، إلا أن الواقع العملي يكشف عن تحديات:
أحيانًا يتعرض المتهم للقبض دون إذن أو مبرر قانوني.
قد يُحرم المحامي من الاطلاع الكافي أو يحضر في توقيت متأخر من التحقيق.
طول أمد التقاضي يمثل عبئًا على العدالة والمتهم معًا.
وهنا يبرز دور المحامي الحقيقي في التمسك بالضمانات القانونية، والدفع ببطلان أي إجراء غير مشروع.
5- الخلاصة
قانون الإجراءات الجنائية المصري ليس مجرد نصوص جامدة، بل هو شبكة من الضمانات لحماية الحريات الفردية وتحقيق التوازن بين حق المجتمع في العقاب وحق الفرد في الدفاع عن نفسه.
ومن وجهة نظري كمحامٍ، كل مادة في هذا القانون هي أداة يمكن أن تُنقذ بريئًا من الظلم أو تضمن عدالة العقوبة للجاني.
✍️ بقلم:
المحامي/ ابراهيم رفيق