جهاد النفس عن الذنوب
ترك النفس لاتعباع المعاصي
في كل درب نمشيه، وفي كل خطوة نخطوها، تكمن حكاية صراع أزليّ بين العقل والقلب، بين الروح والجسد. قصة بطلها إنسان، وشخصيتها المحورية هي النفس، التي تُزين لنا كل ما هو زائل، وتُغوينا ببريق الفتن.
يا صاحبي، حاسب نفسك قبل ما تتحاسب. النفس دي، زي الطفل اللي لو سبته على هواه، هيعمل أي حاجة تخطر بباله، صح وغلط. بتجمل لك كل حاجة وحشة، وتوهمك إنها هي الطريق الصح للسعادة، لكن في الحقيقة هي بس بتجرك لمتاهة مش هتخرج منها بسهولة.
في لحظة كده، اسأل نفسك: هل كل اللي نفسي فيه هو ده الخير ليا بجد؟ ولا أنا بس ماشي ورا شهواتي ورغباتي اللي بتيجي في دماغي؟ النفس دي لو سبتها للهوى، هتوصلك لطريق نهايته الندم، وهتندم على كل خطوة مشيتها وراها.
يا جدع، ما تخليش نفسك تتحكم فيك. أنت أقوى منها، وأنت اللي بتقودها مش هي. حاول تقوي إرادتك، وتشد على نفسك شوية، وما تسيبش شهوات اللحظة دي تضيع عليك راحة العمر كله.
افتكر دايمًا إن جواك نور بيوريك الطريق الصح، ما تطفيش النور ده بإيدك. خليك شجاع وواجه نفسك، وحاول تخلي قلبك دايمًا في المكان الصح، بعيد عن أي حاجة ممكن تضله أو تفسده.
الكلام ده مش مجرد نصيحة وخلاص، ده كلام من قلب شاف كتير ناس ضعفت قصاد نفسها، وتاهت في بحر من الشهوات ما عرفتش تخرج منه. فاختر طريقك بحكمة، وما تسيبش النفس تاخدك في سكة نهايتها مش كويسة.
النفس دي زي البوصلة، لو سبتها من غير توجيه هتوديك أي مكان، وممكن توديك لمكان عمرك ما كنت تتخيل إنك توصل له. عشان كده لازم تخليها تحت إيدك، وتوجهها للطريق اللي يرضي ربك ويريح ضميرك. لا تتبع شهواتها، ولا تنخدع بوعودها الكذابة. إنها تخدعك اليوم، لتندم عليها العمر كله.
كن سيدًا على نفسك لا عبدًا لها، فهذه هي القوة الحقيقية. القوة مش في إنك تنال كل ما تشتهيه، لكن القوة الحقيقية هي إنك تقدر تتحكم في نفسك، وتقول لها "لا" لما تكون على خطأ.
دلوقتي، بعد ما اتكلمنا عن النفس وإغواءاتها، لازم نعرف إن المعركة دي ما بتنتهيش. الصراع اللي بينك وبين نفسك ده دايم، ومحتاج منك قوة وإصرار كل يوم. النفس دي زي العدو اللي ما بييأسش، بيستنى أي لحظة ضعف عشان يرجع يهاجمك تاني. لكن أنت كمان ما تيأسش. خليك أقوى من أي وسوسة، وأذكى من أي فخ ممكن تنصبه لك.
كل لحظة تنجح فيها إنك تقاوم شهوة، أو تمتنع عن محرم، دي انتصار ليك. والانتصارات الصغيرة دي هي اللي بتبني القوة اللي هتحتاجوها عشان تقابلوا التحديات الأكبر. ما تخليش الشيطان يلعب في دماغك ويقول لك "خلاص فات الأوان"، أو "أنت ضعيف ومش هتقدر". لا، أنت تقدر. طالما فيه نفس، فيه فرصة للتغيير للأحسن.
خليك دايماً فاكر إن الحياة مش بس شهوات ولذات عابرة. الحياة فيها حاجات أسمى وأعمق بكتير. فيها راحة الضمير، وفيها الرضا الداخلي، وفيها القرب من ربنا. الحاجات دي كلها ما بتيجيش غير لما تكون مسيطر على نفسك، ومش هي اللي مسيطرة عليك.
النفس دي زي الجمل، لو ركبتها هتوديك أي مكان، لكن لو ركبتها صح، هتوديك الجنة. اختار أنت بقى هتسوقها فين. لو لقيت نفسك بتغلط، ما تيأسش. قوم بسرعة، وصحح مسارك، واستغفر ربنا. الغلط مش عيب، العيب إنك تفضل في الغلط.
أنا مش بقول الكلام ده عشان أنظر عليك، أنا بقوله لنفسي قبلك. كلنا بنغلط، وكلنا بنحارب نفسنا كل يوم. بس المهم إننا ما نستسلمش. خلي عندك إيمان بنفسك وقدرتك على التغيير، وخليك متأكد إن ربنا معاك وبيساعدك طالما بتحاول.
