التعليم لا يُطعم خبزًا: مأساة الخريجين

التعليم لا يُطعم خبزًا: مأساة الخريجين

0 reviews

التعليم لا يُطعم خبزًا: مأساة الخريجين

في الماضي، كان يُقال إن التعليم هو مفتاح المستقبل، وأن من يتعلّم، يجد عملاً محترمًا، ويعيش حياة كريمة. لكنّ الواقع اليوم يُكذّب هذا الحلم الجميل. فكثير من الخريجين، بعد سنوات طويلة من الدراسة والتعب، يجدون أنفسهم في صفوف العاطلين عن العمل، أو يعملون في وظائف لا علاقة لها بتخصصهم، وبرواتب لا تكفي لسد احتياجاتهم الأساسية.

سنوات من السعي.. بلا ثمرة

تبدأ القصة من المدرسة، حيث يُطالب الطالب بالاجتهاد والمذاكرة لتحقيق مجموعٍ عالٍ يُدخله كلية مرموقة. يدخل الطالب الجامعة وهو يحلم بمستقبل زاهر، يظن أنه بمجرد تخرّجه، ستفتح له أبواب الشركات والمؤسسات، وسيُقبل عليه أصحاب العمل، لكن بعد التخرّج، يصطدم بالحقيقة المُرّة: لا وظائف، ولا فرص، ولا حتى تقدير حقيقي لما تعلمه.

شهادة بلا قيمة عملية

أصبحت الشهادة الجامعية في كثير من الأحيان ورقة لا تُغيّر شيئًا، لأن سوق العمل لا يحتاج إلى هذا الكمّ من الخريجين في نفس التخصصات النظرية. فالتعليم لم يتطور بما يناسب متطلبات العصر، والجامعات تخرّج الآلاف كل عام، دون أن تجهّزهم بشكل حقيقي لسوق العمل، لا مهارات، ولا خبرات عملية، فقط معلومات محفوظة لا تنفع في الواقع.

الخريج بين مطرقة البطالة وسندان الغربة

الكثير من الشباب بعد تخرجهم يلجؤون إلى الهجرة، بحثًا عن فرصة خارج الحدود، أو يقبلون بأي عمل حتى لو كان بعيدًا عن مجال دراستهم، فقط من أجل لقمة العيش. بعضهم يعمل في أعمال شاقة لا تليق بتعليمه، لكنّه مضطر، فالشهادة لا تطعم خبزًا، كما يقولون.

من المسؤول؟

المشكلة لا تقع على عاتق الخريج فقط، بل هناك خلل واضح في السياسات التعليمية والتخطيط لسوق العمل. التعليم في كثير من الدول العربية ما زال يعتمد على الحفظ والتلقين، لا يُنمّي الإبداع أو التفكير النقدي، ولا يُدرّب الطلاب على المهارات المطلوبة في العصر الحديث.

كذلك لا توجد علاقة قوية بين الجامعات وسوق العمل، ولا يتم تحديث المناهج لتناسب التطورات السريعة في التكنولوجيا والاقتصاد. أما الدولة، فتُقصّر في توفير فرص العمل، وفي تشجيع الشباب على ريادة الأعمال أو العمل الحر.

الأمل لا يموت

ورغم هذا الواقع الصعب، هناك شباب نجحوا في كسر هذه الدائرة، فتعلموا مهارات جديدة عبر الإنترنت، أو بدؤوا مشاريعهم الخاصة، أو أعادوا توجيه مسارهم المهني. الحل ليس في الشكوى فقط، بل في الوعي، وتطوير الذات، والتعلّم المستمر. لكن هذا لا يُعفي الدولة من مسؤوليتها في إصلاح التعليم، ودعم الخريجين، وربط الدراسة بسوق العمل.

في الختام

"التعليم لا يُطعم خبزًا" لم تعد مجرد جملة عابرة، بل صارت حقيقة مؤلمة يعيشها آلاف الشباب. ولعل الاعتراف بالمشكلة هو أول خطوة نحو الحل. علينا أن نعيد التفكير في شكل التعليم، في محتواه، وفي هدفه. فالتعليم الذي لا يقود إلى عمل، ولا يخلق فرصة، هو تعليم يحتاج إلى ثورة حقيقية.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

31

followings

2

followings

3

similar articles