
ما الذي يدفع الشباب إلى الهجرة غير الشرعية؟
ما الذي يدفع الشباب إلى الهجرة غير الشرعية؟
في السنوات الأخيرة، أصبحت الهجرة غير الشرعية ظاهرةً منتشرة بشكل واضح، خاصةً بين فئة الشباب. نسمع كثيرًا عن قوارب الموت، وغرق المهاجرين في البحر، وحكايات الألم التي تبدأ من بلادهم ولا تنتهي على حدود الدول الأخرى. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يدفع شابًا في مقتبل العمر إلى أن يخاطر بحياته ويغادر وطنه بهذه الطريقة الخطيرة؟
1. غياب الفرص وضعف الأمل
أحد أهم الأسباب التي تدفع الشباب إلى الهجرة غير الشرعية هو غياب فرص العمل المناسبة. كثير من الشباب يشعرون بأنهم مهما اجتهدوا أو حصلوا على شهادات، فإنهم لن يجدوا فرصة حقيقية تضمن لهم حياة كريمة. البطالة تصبح عبئًا ثقيلًا، ومع مرور الوقت يتحول الإحباط إلى قرار بالرحيل، حتى وإن كان الطريق غير قانوني ومليئًا بالمخاطر.
2. الفقر والظروف الاقتصادية الصعبة
في بعض المناطق، يعيش الناس في فقر شديد، لا يجدون ما يكفي لتأمين احتياجاتهم الأساسية. يرى الشاب أن أسرته بحاجة إلى من يعولها، وأنه لن يتمكن من مساعدتهم إلا إذا سافر إلى الخارج. ولأن السفر الرسمي يتطلب أوراقًا وشروطًا لا يستطيع توفيرها، يلجأ إلى الهجرة غير الشرعية كخيار أخير.
3. تأثير الإعلام والقصص المبالغ فيها
وسائل التواصل الاجتماعي و"كلام الناس" تلعب دورًا كبيرًا في تغذية فكرة الهجرة. تنتشر قصص النجاح التي تتحدث عن شباب سافروا وعادوا بأموال كثيرة، أو تمكنوا من الاستقرار في دول أوروبية. في المقابل، لا يتم الحديث كثيرًا عن من فشلوا أو ماتوا في الطريق، فيظن بعض الشباب أن الهجرة طريق مضمون نحو الجنة، دون إدراك للمخاطر.
4. ضغوط المجتمع والتوقعات العالية
في بعض الأحيان، يشعر الشاب بأنه مطالب بتحقيق نجاح سريع، وأنه إن لم يفعل، فسيصبح مصدر خيبة لأسرته أو مجتمعه. هذه الضغوط قد تدفعه إلى اتخاذ قرارات متهورة، منها الهجرة غير الشرعية، أملاً في تحسين صورته أمام الآخرين.
5. انعدام الثقة في التغيير
عندما يشعر الشاب أن المستقبل في بلده غامض، وأنه مهما تغيّرت الحكومات أو السياسات فلن يتحسن الوضع، يبدأ بفقدان الأمل. الإحساس بعدم الاستقرار السياسي أو غياب العدالة الاجتماعية يزيد من شعور الرغبة في الرحيل، بحثًا عن بيئة تحترم الإنسان وتوفر له أبسط حقوقه.
ولكن، هل الهجرة غير الشرعية هي الحل؟
رغم أن الدوافع كثيرة ومؤلمة، فإن الهجرة غير الشرعية ليست حلاً آمنًا. الطريق إليها محفوف بالمخاطر: الغرق في البحر، الوقوع في أيدي تجار البشر، أو التعرض للاستغلال في دول الوصول. والأسوأ من ذلك أن بعضهم يصل ليجد واقعًا مختلفًا تمامًا عن أحلامه، فيُضطر للعمل في مهن شاقة بأجور زهيدة، أو يعيش في خوف دائم من الترحيل.
ما الحل؟
الحل يبدأ من الداخل. لا بد من توفير بيئة اقتصادية واجتماعية تحفظ كرامة الشباب وتفتح لهم أبواب الأمل داخل أوطانهم. كما يجب نشر الوعي بمخاطر الهجرة غير الشرعية، وتشجيع البدائل القانونية مثل برامج الهجرة الرسمية أو التدريب على مهارات يحتاجها سوق العمل المحلي والدولي.
وأخيرًا، من المهم أن يعرف كل شاب أن قيمته لا تحددها حدود جغرافية، وأن الهروب ليس دائمًا علامة على القوة، بل أحيانًا الصبر والبناء من الداخل هو الطريق الحقيقي نحو التغيير.