قوة الملل والابداع

قوة الملل والابداع

0 المراجعات

قوة الملل والابداع

هل فقدنا فن "الملل" في عصر السرعة؟ 

في عالمٍ يتحرك بسرعة البرق، أصبحت كلمة "ملل" مرادفًا للفراغ الذي يجب ملؤه فورًا،نفتح هواتفنا كلما شعرنا بثانية من الهدوء، ننتقل بين التطبيقات كما ننتقل بين القنوات في تلفاز قديم، لا لشيء إلا لنملأ ذلك الفراغ المؤقت لكن هل خطر ببالنا يومًا أن الملل قد يكون نعمة؟ بل ربما مهارة ضائعة تستحق الاسترجاع؟

الملل كمساحة للتفكير 

في الماضي، كان الناس يعيشون لحظات من السكون الطبيعي ىنتظرون الحافلة دون النظر إلى الشاشات، يجلسون في مقهى يراقبون الحياة من حولهم، يتأملون السقف لعدة دقائق دون هدف،في هذه اللحظات كان العقل يسرح، يتأمل، يخترع، ويبدع،الملل لم يكن حالة سلبية بقدر ما كان "حاضنة" للأفكار، وفرصة حقيقية للتأمل الداخلي وإعادة ترتيب الأولويات.

أين ذهب وقت الفراغ؟ 

أصبح وقت الفراغ مليئًا بما يُسمى بـ"الأنشطة القاتلة للوقت" نحن لا نملّ، لأننا لا نعطي عقولنا فرصة للفراغ،حتى الأطفال اليوم لا يعرفون طعم الملل،أمامهم ألعاب إلكترونية، شاشات، فيديوهات قصيرة تشد الانتباه لثوانٍ ثم تترك العقل مشوشًا،بينما في الماضي، كان الطفل يخلق لعبة من لا شيء، من حجر أو عصا أو ظل الشمس.

الملل كوقود للإبداع 

كثير من الابتكارات جاءت من عقول ملّت من الواقع فقررت تغييره،أليس الإبداع في جوهره محاولة للهروب من التكرار؟ جك رولينغ، مؤلفة هاري بوتر، خطرت لها فكرة القصة أثناء انتظار قطار تأخر كثيرًا. ربما لو كان معها هاتف ذكي، ما كانت لتكتب تلك السلسلة التي غيرت حياة الملايين.

هل يجب أن نعيد برمجة علاقتنا مع الملل؟ 

الإجابة نعم، نحن بحاجة لأن "نتعلم" الملل من جديد، أن نجلس دون هدف، دون هاتف، دون صوت، لدقائق يوميًا. ربما يشعر الإنسان بعدم الراحة في البداية، لكنه سيلاحظ مع الوقت تغيرًا في صفاء ذهنه، في نوعية أفكاره، وربما في قراراته. الملل يمنح العقل مساحة لإعادة التوازن.

كيف نسترجع فن الملل؟ خصص وقتًا يوميًا للسكون عشر دقائق فقط دون أي محفزات بصرية أو صوتية. امشِ بلا هدف: دع قدميك تقودك في طريق دون خطة مسبقة. اكتب ما يخطر ببالك أثناء اللحظات الفارغة،ستتفاجأ بالأفكار التي تظهر حين لا تطارد شيئًا.أعد تعريف "الوقت الضائع": ليس كل وقت بلا إنتاج هو وقت مهدور

 في الختام

الملل ليس عدوًا كما نظن، بل صديق قديم نحتاج أن نتصالح معه. في زمنٍ لا يهدأ، يصبح الهدوء عملًا ثوريًا وربما يكون الملل اليوم هو البوابة الأخيرة نحو استعادة إنسانيتنا، نحو العودة إلى الداخل بعد أن ضيّعنا أنفسنا في زحام 

 

لعلنا نحتاج لإعادة النظر في علاقتنا بالفراغ، فهو ليس ضعفًا بل فرصة. حين نصمت، تبدأ أفكارنا بالحديث،في زحام الحياة، يصبح الهدوء مساحة نادرة تستحق الحمايةلحياة مستقرة وطبيعي ومريحة. 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

9

متابعهم

1

متابعهم

0

مقالات مشابة