
مراسم التخرج في رياض الأطفال: تعزيز نفسي أم مظهر اجتماعي؟
مراسم التخرج في رياض الأطفال: تعزيز نفسي أم مظهر اجتماعي؟
في السنوات الأخيرة، أصبحت مراسم التخرج للأطفال في مرحلة رياض الأطفال مشهدًا شائعًا ومترسخًا في ثقافة العديد من المجتمعات. قبعات التخرج، الثياب الأنيقة، الشهادات المزخرفة، والاحتفالات المصورة كلها جزء من هذا الحدث الصغير في أعمار الصغار، لكنه كبير في رمزيته. لكن هل يُعدّ هذا التقليد وسيلة فعّالة لتعزيز الثقة لدى الطفل؟ أم هو مجرد صورة اجتماعية تحكمها الرغبة في المظاهر والاستعراض؟
ما بين الفكرة التربوية والتطبيق الاجتماعي
في جوهرها، حفلات التخرج للأطفال ليست سيئة، بل قد تكون أداة تربوية قوية إذا طُبّقت بشكل صحيح. فهي تمنح الطفل إحساسًا بالإنجاز، وتغرس فيه مفهوم الانتقال من مرحلة إلى أخرى، وتشجعه على حب المدرسة وتقدير جهده خلال العام الدراسي. فحين يُصفّق له الجميع وهو يتسلّم "شهادته"، يُولد داخله شعور إيجابي تجاه التعلم، قد يبقى معه طويلًا.
لكن في الجانب الآخر، حين تتحوّل المناسبة إلى استعراض مبالغ فيه، بملابس فاخرة، وكاميرات فخمة، وولائم تُنظّم وكأننا نحتفل بتخرج جامعي، فإننا نكون قد ابتعدنا عن جوهر التربية، واقتربنا من السطحية التي تُرضي الكبار أكثر مما تنفع الصغار.
الطفل محور الحفل... أم ضحيته؟
من المفترض أن يكون الطفل هو بطل هذا اليوم، لكن أحيانًا يُفرض عليه ارتداء ملابس ثقيلة لا يُحبها، أو الوقوف لساعات تحت عدسات التصوير، أو الالتزام ببرنامج لا يفهم منه شيئًا. وقد لا يُدرك أصلًا لماذا يحتفلون به، لأنه ببساطة ما زال صغيرًا على استيعاب مفاهيم التخرج والانتقال الأكاديمي. وهنا، يتحوّل الحفل من تجربة مُعزّزة إلى ضغط اجتماعي لا معنى له بالنسبة للطفل.
التوازن هو الحل
ليست المشكلة في الحفل ذاته، بل في كيفيّته. عندما يُصمم الحفل بما يُناسب عُمر الطفل، ويُركز على أنشطته، ويُشعره بالمرح والفرح، ويُظهر له تقدير جهده دون مبالغة، فإنه يصبح لحظة تربوية قيّمة ومليئة بالذكريات الجميلة. أما إذا طغت مظاهر التباهي والمقارنات بين العائلات، فقد تُفرغ الحفلة من معناها التربوي وتحوّلها إلى عبء.
الختام
مراسم التخرج للأطفال يمكن أن تكون فرصة ذهبية لتعزيز الثقة بالنفس وتحفيز حب التعلم، إذا بُنيت على أسس تربوية راقية تراعي مشاعر الطفل واحتياجاته. أما إذا أصبحت مناسبة للمظاهر والشكليات، فإن قيمتها الحقيقية تضيع، ويبقى منها فقط بعض الصور على جدران وسائل التواصل.
فهل نحتفل لأجلهم، أم نحتفل لنُرضي أنفسنا؟ الجواب يكشف الكثير عن طبيعة نظرتنا للتربية.
بقلم: د. ولاء بني يونس