"هل كنت تعيش… أم تؤدي دورًا؟ ثورة على القناع والمقارنة وصناعة ذات لا تُقارن"

"هل كنت تعيش… أم تؤدي دورًا؟ ثورة على القناع والمقارنة وصناعة ذات لا تُقارن"

0 المراجعات

هل أنا أنجح حقًا؟ هل حققت شيئًا يستحق؟ هل أفعالي تعكس حقيقتي؟

أسئلة كالسيوف — معلّقة فوق أعناقنا — تلمع في صمت الليل، حين تسقط كل الضوضاء ويتعرّى الصمت من كل ستار.
هذه ليست مجرد أسئلة.
إنها زلازل — تهزّ أساس الهويات التي بنيناها على رمال التوقعات المتحركة.
كل "نعم" أو "لا" تُهمَس في الخفاء تحمل وزن شقّ خفي في جدار الروح — لا يُرى، لكنه يُحَسّ مع كل هبة شكّ.

هل نحن خائفون من أن نكون ما نحن عليه حقًا؟
أم أن الخوف الحقيقي هو أننا أصبحنا مرايا معوجّة، تعكس فقط ما يريد العالم أن يراه —
لا ما يشتعل في أعماقنا بصمت؟

هذه المرايا تتحطم كل يوم — تحت ضغط: "كن قويًا"، "كن ناجحًا"، "كن ما نريدك أن تكون…"
فنلصقها بشريط ابتسامة تقول: "أنا بخير".
لكن هذا "البخير" يشبه غرفة مغلقة تمتلئ ببطء بدخان نفس تحترق.

هل ندرك ذلك حقًا؟

كثيرون يسيرون على الأرض وهم أشباح لأنفسهم —
أتقنوا حوار أدوارهم حتى صار القناع وجهًا، والوجه كذبة.
يعيشون حياة موازية، كممثلين في نصّ لم يُتح لهم إنهاؤه.
كل صباح، يراجعون أدوارهم المستعارة:
الابن المثالي.
الموظف الطموح.
الصديق المضحي.
حتى يأتي اليوم الذي يسألهم فيه الصمت: "من أنت حقًا؟"
فيتلاشى الجواب في متاهة الأقنعة.

المأساة الحقيقية ليست في الزيف —
بل في الخوف من اليوم الذي ينكسر فيه المرآة، وتنطفئ الأضواء، ويتوقف التصفيق، ويهوي المسرح…

لتجد نفسك — عاريًا في مسرح خاوٍ، تحدّق في غريب كنت تختبئ وراء "نسخته المقبولة".

وهنا يولد السؤال الأصعب:
هل كنت أعيش… أم كنت أؤدي دورًا؟

لكن الآن —
نعلن التمرّد.

ثورة على فكرة أن كل إجابة يجب أن تلد سؤالًا جديدًا.
الحقيقة ليست لغزًا.
إنها نار.
إنها القرار الحارق بنزع القناع،
وبقول: كفى.
لن أسير على دروب رسمتها أيادٍ مرتجفة.
لن أرتدي جلد الذئب لمجرد أن القطيع يفعل.
لن أقارن ناري بشرارات تنطفئ قبل أن يكتمل الليل.

أنا لست نسخة من بطل منسي.
أنا لست صورة معادة في مرآة المجتمع.

أنا كائن تحت إعادة اختراع دائمة.
أنا المنفى والوطن في نفس النفس.
المسافر الذي يقبض على بوصلته بيد دامية.

هل هذه هي نسختي النهائية؟
بالطبع لا.
إنها محطة على قطار يسير فوق سكك لم يمدّها أحد قبلي.
طريق محفور بأصابع مثقوبة، مرصوف بأحلام مكسورة،
ومُزيَّن بالأحجار التي عثرت عليها وسقطت بسببها.

تلك هي عبقرية الوجود:
أن تبني طريقك من جراحك،
لا على أنقاض الآخرين.

الوعي ليس سؤالًا —
إنه لحظة عارية أمام مرآة الروح عند منتصف الليل.
حوار قاسٍ بين ما كنّا… وما نصبحه.

هذه المقارنة لا تُشعرنا بالخزي —
بل تعيدنا إلى الحياة.
كطائر الفينيق، نهمس: "انظر إلى هذه الندوب على أجنحتي. لقد عبرت العاصفة — لم أختبئ في القفص."

أن تقارن نفسك بالآخرين؟
ضوضاء تطمس لحن روحك.

لسنا هنا لنتغزّل في شعر خوفنا.
نحن هنا لننحت ذواتنا من حجر الشك.
لنشق طريقًا يستحق خطوات لم يجرؤ أحد على أخذها.

لسنا نسخًا.
لسنا ظلالًا.
نحن أبناء محطات مظلمة —
حيث يولد الضوء من أرحام الصمت.

المقارنة؟
سرقة — لقدر لا يشبه سواك.
التطابق؟
خيانة — لروح قد لا تنهض أبدًا إذا انكسرت.

الخطر الأعظم؟
أن نصبح تماثيل شمع في متحف توقعات الآخرين.
أن يدعهم يرسمون "النجاح"، "الكمال"، "الرقيّ"…
ويهمسون: "كن هذا."
كما لو أنك تقول لشجرة بلوط: "كن زهرة."

هذه خيانة أخلاقية:
أن ترفض جذورك،
أن تسدّ نهرَك،
لتزين حديقة شخص آخر.

لا.
أنا الصوت الذي يهدم جدران الصمت —
لا الصدى الذي يموت في الزوايا.
أنا الحضور — يملأ الفضاء —
لا انعكاس باهت على سطح عابر.

أنا الحقيقة،
القصيدة غير المكتوبة،
المدينة التي تنهض من ركام كل "مستحيل".

فلنقف الآن على حافة الذات —
ونسأل:
أين كنّا قبل عام؟
في أي عاصفة كنّا نغرق؟

وأين نحن اليوم؟
هل صعدنا درجة في سلّم الروح… أم هبطنا؟

هذه هي المقارنة الوحيدة التي تهم:
أنت… مقابل أنت قبل.

الفائزون لا يمسحون الحشود بأعينهم —
بل يسقون البذرة التي زرعوها في تربة وجودهم.
هل أصبحت شجرة؟

لن نتعذّب بعد الآن بسؤال:
"هل هذه نسختي الحقيقية؟"

الطريق الأفضل؟
أن تصنع نسخة تجبر الحقيقة نفسها على الركوع.

خذ إزميل الإرادة —
وانحت تمثالًا من رخام هشاشتك.
تذكّر:
العظمة لم تولد عظيمة.
لقد نُحِتت من عظام شكّها الخاص.

افهم هذا جيدًا:
الأرواح النادرة ليست سلعة.
ليست أرقامًا.
إنها شهب —
تضيء سماء لم يعرف أحد بوجودها.

وفي كل مرة يظنون أن رحلتك انتهت —
تحوّلها إلى انطلاقتك القادمة.

كن الشهاب —
لا الشرارة التي تموت في الغلاف الجوي ليستمتع بها الآخرون.

هكذا تُصنع الفرادة:
لا تبحث عن انعكاسك في عيون الآخرين.
أضئ مشعلَك في كهوف الشك.
سر في أماكن لم تشرق عليها الشمس.
واكتب حكايتك
على جلد قلبك الخام —
لا على ورق يحترق في نار النسيان.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة