الفارابي: لا يكفي أن نقول إنه  الرياضي والفلكي، والموسيقار، وإنما هو كل ذلك مجتمعاً في عقل.

الفارابي: لا يكفي أن نقول إنه الرياضي والفلكي، والموسيقار، وإنما هو كل ذلك مجتمعاً في عقل.

0 المراجعات

لا يكفي أن نقول عن الفارابي إنه الفيلسوف ، وصاحب كتاب (المدينة الفاضلة) الذي غرفه به كل من ألم بنذر من الثقافة العامة.. ولا يكفي أن تقول إنه الرياضي والفلكي ، والموسيقار .. وإنما هو كل ذلك مجتمعاً في عقل، يقول عنه إنه – وأعني العقل – طاقة تستطيع أن تستوعب وأن تبتكر، وأن تختزن كل ما ترغب أنت في الوصول إليه.

يسميه علماء الغرب (المعلم الثاني). وعندهم أن المعلم الأول هو (أرسطو).. وذلك لأن قروناً طويلة مرت دون أن يظهر في عالم الفكر من ضارع الفارابي علماً وفلسفةً وفناً، وقدرة على التعمق في آراء جميع من سبقوه من رجال الفكر اليوناني والهنود والفرس.

وكما قيل عن دانتي أنه قد أخذ فكرة الكوميديا المعروفة باسمه من رسالة الغفران لأبي العلاء المعرى، فقد قيل إن الفيلسوف الإنجليزي (فرانسيس بيكون)، قد أخذ فكرة كتابه (الأتلانتيد الجديد) من دراسته لكتاب الفارابي (آراء أهل المدينة الفاضلة).

والفارابي هو الذي اخترع آلة (القانون) وكان يجيد العزف عليها، ويعرف الأصوات التي تسمى في أيامنا (الألحان).. ومما يحكي أنه كان يستطيع أن يعزف صوتاً، فإذا بمن حوله كلهم قد استغرقوا في برزخ من أحلام .. ثم يعزف صوتاً آخر، فإذا بالقوم يتزاحمون على الدروع والسيوف وكأنهم يستعدون لمعركة من معارك الغلاب بينهم وبين الأعداء.. ولعلهم قد أسرفوا في المبالغة حين يحكي بعضهم أن موسيقاراً من مشاهر الفنانين المسلمين في الهند ، في أيام الإمبراطورية الإسلامية فيها، كان يحفظ لحناً من ألحان الفارابي، يعزفه على الآلة الهندية المعروفة باسم (السيتار)..

وفي حفلة من الحفلات التي كان يقيمها الإمبراطور، وفي حديقة من حدائقه الأسطورية بما فيها من الزهر والشجر وأنواع الطير، وفنون التنسيق، قال الموسيقار أنه سيعزف اللحن الذي يحفظه عن الفارابي.. في وقت حدده. فإذا بلغ مرحلة اللحن، فلا بد أن تتجمع الطيور بأنواعها حول الجالسين، فإذا بلغ النهاية منه .. فإن من المحتمل أن تغيم السماء وأن تمطر رذاذاً .. وألا يملك العيون كلها إلا أن تذرف الدمع الهتون.

قالوا.. والحكاية تدخل في باب الأساطير طبعا، أن كل ما قاله الموسيقار قد وقع..

ولكن الموسيقار نفسه وقع مغمى عليه أيضاً. . ولم يصح من  غشيته إلا في اليوم التالي.. وليس مستبعداً على أية حال، أن يكون الكثير من ألحان الفارابي ما يزال يعيش في باكستان وإيران وأفغانستان إذ للقوم هناك عناية بالتراث الفني قبل أن نجد لها نظيراً في العالم العربي.

ومما يذكر للفارابي، أن له كتباً ما تزال تدرس في جامعات أوروبا.. منها كتابه (أجوبة أفلاطون وأرسطو) .. ويذهب كثير من العلماء إلى أن ميكافيللي، صاحب كتاب (الأمير) قد نظر في مؤلفات الفارابي في الحكم والسياسة قبل أن يؤلف كتابه .

تتنازع جنسية الفارابي ونسبه، تركيا – وإيران -والعالم العربي بالطبع.. وأياً كان نسبه، فإنه قد ألف كتبه باللغة العربية.. بالرغم من أنه كان يجيد اليونانية كأحد أبنائها، بل كأحد علمائها، ويجيد التركية والفارسية والسريانية، والسنسكريتية..

ويدور ذهن الواحد منا حين يعلم أن الرجل ترك أكثر من مئة مؤلف، في مختلف العلوم والفنون..

ويبدو لنا أن نتوهم أن حركة الزمن قد تغيرت .. بحيث نقول لعل الساعة في أيامهم كانت يوماً.. ولعل السنة الواحدة كانت عشر سنوات.. ألا يمكن أن ينجز فرد واحد.. كل هذا الذي نسمع به عن الفارابي.. وعن غيره من أصحاب الكتب التي نسميها (الأمهات).

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

175

متابعهم

583

متابعهم

6652

مقالات مشابة