الكوارث ...كيف يتحملها  الأطفال ؟

الكوارث ...كيف يتحملها الأطفال ؟

0 المراجعات

الكوارث سواء كانت طبيعية أو من فعل الإنسان  تؤثر تأثيرات  مختلفة ومتباينة  على مختلف أفراد المجتمع …ولكن من الثابت أن تأثيرها على الأطفال يكون أكثر وقعا  وأكثر رسوخا فى الذاكرة ..وبالتالي  أكثر امتدادا فى الزمن …ولانتجاوز القول اذا ما قلنا إنها تغدو أكثر تأثيرا فى قرارات المستقبل إذ  تمتد بتأثيرها الجامح على تفكير و قرارات قادة المستقبل الذين هم اليوم الأطفال الذين ينظرون بعيون منكسرة وأجساد مرتعشة !

# ماهو الفرق بين كارثة  طبيعية وأخرى من صنع الإنسان : 

الفرق يتمثل فى أن  المردود النفسى للكارثة الطبيعية يختلف تماما عن الكارثة المتسبب فيها البشر 

.خذ مثالا قريبا على المدى الزمنى :      كارثة مدينة درنة  الليبية وهى الغرق فى البحر ..وكارثة الاجتياح  الإسرائيلي  لغزة ..

إن اختلاف رد الفعل النفسى  على الحادثتين يتمثل فى مدى التقبل النفسى والرضا الداخلي عما تواجهه النفوس البشرية الواقعة تحت الضغط المباشر للحدث ..فى الحالة الأولى _  حادثة مدينة درنة _  سبق الإيمان بالقضاء والقدر إلى إلى القلوب والعقول فتداركها بالتثبيت واسباغ نوع من التقبل لقضاء الله وبالتالي التكيف ولو تدريجيا معه …ثم المضى قدما مع تفاوت  بين نسب التقبل والتكيف وفقا لقوة الإيمان   وضغط الحدث وحجم الدعم الإجتماعى  والأسرى المقدم من المحيطين بالناس الذين واجهوا الكارثة ..

بينما فى كارثة كالإجتياح الإسرائيلي  لغزة ..يصبح السلاح المتطور و شدته وهول الخسائر البشرية الناتجة عنه ( أكثر من ثلاثون ألف شهيد وخمسين ألف مصاب وتدمير ما نسبته ثمانون  بالمئة من البيوت والبنى التحتية ) عامل قوى وخطير فى تحول رد الفعل النفسى عند الجميع إلى  مايشبه الأثر النفسى الدائم الذى لن يخبو أبدا عند الجميع  وسيمتد فى الذاكرة الجمعية للمجتمع ككل إلى المستقبل كله بكل تفاصيله !

# الأطفال …ماذا ستلتقط ذاكرتهم :

عند التعرض لمثل هذه النكبات تحفر الصدمة فى ذاكرة الأطفال مايشبه الزلزال ..إن أعينهم الصغيرة لا تتوقف عن التقاط الصور والمشاعر والكلمات وردود  أفعال المحيطين بهم ..تلتقطها بكل دقة وبكل التفاصيل التى قد تفوتها  ذاكرة الكبار تحت وقع المسؤوليات الجسيمة التى يفرضها  الحدث عليهم ..فالأب  الذى انهار بيته على أولاده وأخذ ينبش بين الركام فلا يخرج من بين الحجارة و إطار النافذة إلا بقدم ابنته أو أشلاء ولده …سيبقى منحنيا على ذلك الركام مستمرا والكبار فى تسمع الأصوات  حرصا على إنقاذ  طفل آخر ربما …بينما الصغير القابع  هناك  مرتجفا يشاهد الجميع ويخفق قلبه رعبا ..لا يستطيع أحد من الناس مجاراة عقله الصغير فى عمق الأسئلة الرهيبة التى يلقيها على نفسه فى صمت ولا يتلفظ بها وحتى إن فعل قد لا يجد حوله من يجيب 

# أمثلة من أسئلة الأطفال لأنفسهم وللمحيطين بهم :

أغلب تلك الأسئلة ..قد تنطلق من الشفاه الصغيرة وأغلبها لا تفلته الألسن ..فالكبار أنفسهم حالتهم لا تسمح بالجواب ولا بالإحتواء ..هذا إذا افترضنا وجودهم أصلا  ..فهناك أطفال فقدوا جميع أفراد أسرتهم ..ولم يتبق أحد ..فأصبحت كل الوجوه المحيطة بالطفل فجأة وجوه غريبة عنه ..هى نفسها مكلومة باكية ..

نطق بعض الأطفال  فقالوا : 

إين الأهل …هل دفنتموهم ؟ 

ألن نعود إلى مدارسنا أبدا ؟ 

أين بيتى …بين هذا التراب ؟ 

أين أخى الصغير ؟..أين أختى؟

أين الطعام ..والدفء…والأحضان ؟

كل الأسئلة تدور حول سؤال أعمق بكثير :

أين عالمى ..ولماذا دمرتموه ؟ 

إن طفولة منهكة بالأحداث الجسيمة …متهالكة تحت وطأة الخسارة والفقد. والحرمان من أبسط القواعد التى يحظى بها أطفال  القطط وصغار الحشرات لهى طفولة ستتحول فى مستقبل أيامها إلى مخزون هائل من الألم والحزن العميق الذى لا يمحوه شىء 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

10

متابعين

5

متابعهم

4

مقالات مشابة