لماذا يواجه جيل الألفية قلقًا ماليًا أكثر من آبائهم؟

لماذا يواجه جيل الألفية قلقًا ماليًا أكثر من آبائهم؟

0 المراجعات

لا بدّ وأنك صادفت ميم “Meme” كارتوني شهير بعنوان "أنا مقابل والدي - Me vs. My Parents"، والذي يقارن "والداي في عمر 29 عامًا" بجيل الألفية في نفس العمر ("أنا"):


حيث يظهر الآباء، وقبل بلوغهم الثلاثين، يتخذون قراراتٍ مصيرية (شراء منزل، أو إنجاب طفل، أو الإدخار التقاعدي)، بينما يفكر جيل الألفية في الحصول على قطة أو نبتة!

والمقصد أن جيل الألفية لن ينضج. أو لا يستطيع تحمّل تكلفة الوصول لعمر النضج (اعتمادًا عمّن تسأل).

لقد كان جيل الألفية المفلس موضع سخرية منذ دخل سوق العمل أواسط مطلع الألفية. أصبحت كليشيهات السخرية قديمة، ومع ذلك ما زلنا نصادفها!

اُعتبر جيل الألفية، مواليد بين عامي 1981 و1996، ذات يوم بشائر للنهضة الاقتصادية في البلاد العربية (وربما العالم)، وذاك لكونهم الجيل الأكثر تعليماً والأكثر تنوعاً. لكن الآن، حتى على نطاق حياتهم المهنية، يتخلف معظمهم عن الإنجازات المالية والعائلية التي حققتها الأجيال السابقة!

بحلول الوقت الذي كان فيه آباؤنا (جيل طفرة المواليد “Baby boomers”) في مثل سننا، كان معظمهم مسؤولين عن طفلٍ أو اثنين بالفعل. لكن غالبية جيل الألفية لم يتزوجوا بعد [ناهيك عن إنجاب الأطفال!].

أحد الأسباب -بلا شكّ- عدم توفر المال

 

في ظل الركود الاقتصادي 2008، كان متوسط دخل جيل الألفية في عام 2016 أقل بنحو 20% مما كان يحصل عليه جيل طفرة المواليد في نفس المرحلة من حياتهم.

وتلقي هذه الفجوة في الأجور بظلالها على ما يستطيع جيل الألفية ادخاره واستثماره:

فمع حلول عام 2019، كان المولودون في الثمانينيات متأخرين بنسبة 11% عن توقعات الثروة بناءً على الأجيال السابقة. وفي الوقت نفسه، تحكم القروض حياتهم؛ فنسبة الدينالدخل أعلى من أي وقتٍ مضى، مما يجعلهم عرضة للخطر إلى انتكاسات مالية. 

الآن بعد أن أصبح معظم جيل الألفية في الثلاثينيات من العمر، وهي النقطة التي تمكن فيها العديد من آبائهم من امتلاك منازل، فإنهم محصورون بين أسوأ معدلات التضخم في حياتهم، وأسعار المساكن الباهظة، وتداعيات الوباء المحفوفة بالمخاطر.

أمضيت الأشهر القليلة الماضية في التحدث إلى أكثر من 30 فردًا من جيل الألفية (ما بين أصدقاء ومعارف) حول مواردهم المالية. كانت مخاوفهم واضحة ومألوفة بشكل مؤلم، حيث شعر العديد منهم بأنهم متخلفون عن الركب ومثقلون بالديون وغير قادرين على الارتقاء إلى مستوى التوقعات الملقاة على عاتقهم. حتى أولئك الذين كانوا في حالة جيدة كانوا حذرين!

 

حتى المهن القويّة .. لم تعد كذلك

كان من بين الذين حادثتهم العديد من الأطباء والمهندسين والمعلّمين الذين تخلّوا عن وظائفهم بالكليّة لأنهم محترقون وظيفيًا [Burned out] أو يتقاضون أجورًا زهيدة أو لشعورهم بعدم الأمان الوظيفي (بسبب الجائحة).

أكدّ بعضهم على منح أولوية أعلى لصحتهم النفسية مقارنة بوالديهم، وغالبًا ما كانوا مُضطرين لذلك؛ باعتبار انعدام الأمن المالي مدمّرًا للأعصاب.

توقعت حفلة شفقة (فجيل الألفية موصوم بهشاشته النفسية، أليس كذلك؟). ولكن عوض ذلك، كانت شكواهم تنتهي هنا. ربما لإدراكهم أنهم ليسوا وحدهم.
لقد سلحتنا شبكة الإنترنت بمعرفة (مشكوك فيها كثيرًا) حول ما يجب أن نفعله بأموالنا. ولكنها كسرت -أيضًا- الحظر عن مناقشة الشؤون المالية.

إن كنت من مواليد الألفية، فستلاحظ ندرة حديث عائلتك حول المال؛ كان ذاك يثير حالة عدم ارتياح. لكن اليوم، تشجّع مجموعات فيسبوك والمؤثرون على شبكات التواصل الاجتماعي متابعيهم على مشاركة حجم الديون التي سددوها ونشر النصائح حول طرق إعداد الميزانية. قد تكون دعوات المقارنة تلك محبطة، ولكنها أيضًا تعزز الحوار المجتمعي.

 

فيما يليّ، مقتطفات من تلك الحوارات (مع حفظ الخصوصية طبعًا)::

(سهى ع.) - 30 عامًا- نائبة مدير شركة لمنتجات الشعر

عندما أنهيت دراستي الثانوية، أجلستني عمتي وقالت: “لن تملك عائلتك المال لإلحاقك بجامعة خاصّة. ولم تحصلي على منحة دراسية، لذا ما رأيك لو دخلتِ معهد التمريض؟

وبالفعل، أنهيت دراستي هناك، ورفضت كل الخاطبين، إذ أصررت على العمل بشهادتي. إلى أن تزوجت وحملت بـ (حسام).
في ذلك الوقت، أسس زوج عمتي شركة لمنتجات الشعر، فسألتها: "مرحبًا، هل يمكنك تدبّر وظيفة ليّ ريثما أنجب؟" ولئلّا أُطيل عليك، لا زلت مستمرة بالعمل في الشركة حتى اللحظة.

لم يتملكني أي ندم على عدم العودة إلى التمريض. خاصة أنني أسمع الآن قصصًا من زميلاتي السابقات، حول ما مر به الممرضون أثناء الجائحة.وحاليًا، أكبر التزاماتي هي أقساط المنزل (حوالي 150$ شهريًا). حالتي المادية مستقرة، لكن أختي لديها خمسة أطفال، لذا أفعل كل ما بوسعي من أجلها.

 

(أحمد ر.) -38 عامًا - مصمم جرافيك

عندما بدأت الدراسة الجامعية، رغبت في دراسة الموسيقى، لكن والدي اعترض على رغبتي: "أحترم شغفك، لكن ماذا ستفعل بعد التخرّج؟ هل سيكفيك راتب مدرّس موسيقى في إحدى المدارس يا تُرى؟!". لذلك درست الهندسة الطبية الحيوية. وبعد مرور عام، حوّلت إلى الإعلام، حيث تعرفت على التصوير الفوتوغرافي وتصميم الجرافيك وتصميم الويب والطباعة.

بعد تخرجي،  حصلت على وظيفة في أحد المعاهد، حيث درّست التصوير الفوتوغرافي والتصميم. كانت تلك المرة الأولى التي أحصل فيها على وظيفة بدوام كامل. كنت أجني حوالي 300$ شهريًا. حتى جاء عام 2020 الذي شهدت فيه تحولًا حقيقيًا في دخلي. كانت هذه هي السنة الأولى التي أحقق في شهر من مشاريع التصميم ما كنت أحققه خلال عام. 
وهو العام الذي اجتاحني خلاله القلق كإعصار {ماذا لو كسرت ذراعي ولم أعد أستطيع التصميم؟}، لكن أحدهم أشار إلى أن عقليتي لا تزال ثابتة عند عام 2017، عندما لم يكن لدي الكثير.

 

 

 إذا أعجبتك التدوينة، فسأكون ممتنًا لتسجيلك عن طريقي، ومتابعة حسابي ليصلك كل جديد

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

12

متابعين

6

متابعهم

0

مقالات مشابة