يا له من عرس جميل ومسرح رائع ولكن ....

يا له من عرس جميل ومسرح رائع ولكن ....

0 المراجعات

# يا له من عرس جميل ومسرح رائع ولكن .... #

*  كان ذلك في ليله مقمره هواؤها عليل من ليالي الصيف الجميله وكنت اشعر بالضجر والملل فتركت المنزل ونزلت الى الشارع اتجول فقابلت صديقي العزيز فعرضت عليه ان نذهب في جوله في هذه الليله الرائعه فوافق وانطلقنا نتجول وسط الحقول الخضراء .

 

وفجأه سمعنا اصواتا صاخبه تصخ الاذان وتقطع هذا الصمت وكانت تلك الاصوات تأتى من بعيد فقلت لصاحبي هلم بنا نلقي نظره ونشاهد ما يحدث انطلقت انا وصاحبي صوب هذه الاصوات وراينا الانوار من كثرتها وقوتها تكاد ان تغشي ابصارنا اضواء في كل مكان وبكل الالوان تخطف الابصار وتظهر مدى مهاره وحنكه من صممها بهذه الطريقه التي تجعل الابصار تتعلق بها وتجعل العيون تقف مشدوده امامها وكانها صنم تسمر امامه من بعيد من يعبده .

 

والذي جعلنا نستفيق من سكرتنا وانبهارنا بهذا المنظر كان شيئا اشد ابهارا منه  الا وهو ذلك المطرب الشدي الصوت الذي كان صوته يخطف الاذان من جماله حتى ان كثيرا من الرجال والنساء على حد سواء وقفوا مبهوتين امام المسرح يمتعون ابصارهم واذانهم باعذب الالحان ثم اندفع فريق منهم وكأنه مسحور او به مس من جن الى المسرح يعتليه ويبدا في نوبة رقص لا تنتهي حتى تبدا من جديد ثم قام العريس وعروسه على اثر تلك الالحان الشديه والموسيقه الناعمه وكانها ثعبان يتراقصان سويا في نوبه هي اشبه بالسكر اكثر منها في الوعي وكانت مكبرات الصوت تزيد من تاثير تلك الالحان حتى انك تجد الماره من الناس يتوقفون ثم يتسمرون ثم  وبلا وعي منهم يرقصون ويتمايلون .

 

ثم اندفع اصحاب هذا العرس يقدمون ما لذ وطاب من طعام وشراب للجمع الكريم والكل في حاله نشوى وفي حاله سعاده غريبه وكانهم كانوا اسرى للحزن ثم افرج عنهم فانطلقوا يعبون من السعاده عبا وكانها لم تستمر او ربما انها بئر ماء او نبع ماء سينضب من كثره الشاربين قلت لصاحبي هيا بنا فقد مللت المنظر فانا اكره الاصوات الصاخبه لذا انطلقنا نتجول في تلك المدينه ونستنشق ذلك الهواء العليل ونمتع اعيننا بالمناظر الخلابه للمدينه في هذا الليل البهيم .

 

واخيرا انتهينا من جولتنا عائدين الى قريتنا فمررنا على ذلك المكان الذي كان يضم العرس فهالنا ما راينا فقد راينا ظلاما بعد نور وصمتا موحشا بعد جلبه وراينا قمامه يعج بها المكان وكانه مولد وقد انقضى فقلت لصاحبي ما رايك فيما راينا في الحالتين :

فرد قائلا صديقي العزيز ان هذا العرس الذي رأينا بكل ما فيه من اضواء تخطف الابصار والحان تطرب الاذان وطعام وشراب وغير ذلك اشبه بهذه الدنيا فهي تخطفك من نفسك وتجعلك اسيرا لها بكل ما فيها من متع تلمع كالاضواء وشهوات مستعره تلهب فؤادك بانغامها وهي اشبه ما يكون بثعبان املس ناعم مرقط منظره جميل يخطف بصرك وملمسه ناعم يغريك لكي تقترب منه حتى اذا دنوت منه لم تجد منه الا السم الزعاف والموت المحتم والخساره الكبرى ثم تلك الاضواء المبهره بكثرتها وتنوعها تعميك عن رؤيه الحقيقه وانها لن تستمر الا لساعات معدوده ثم لا شيء .

ان هذه الدنيا قياسا على الاخره ما هي الا ساعه من نهار وتنتهي ولم تخلف وراءها الا ما ترى عيناك الان ظلام موحش وصمت رهيب ووحشه بعد اجتماع ووحده بعد تجمع فقلت له صدقت فوالله ان هذه الحياه انما هي اشبه بظل عابر يوشك ان يزول او هي اشبه بفيلم او مسرحيه نشاهدها في ساعات معدوده ثم تنتهي او هي اشبه بزرع النبته ثم كبرت ثم أثمرت  ثم ماتت ثم  لا شيء .

فقال صاحبي ان العاقل من ترك هذه الدنيا قبل ان تتركه وعمر قبره قبل ان يدخله وارضى خالقه قبل ان يلقاه فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل فهل من متعظ .

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

7

followers

10

followings

15

مقالات مشابة