الاحتلال الأوروبي للبلاد العربية

الاحتلال الأوروبي للبلاد العربية

0 المراجعات

الاحتلال الأوروبي للبلاد العربية

تعريف الاحتلال (الاستعمار) : هو إخضاع جماعة من الناس تحت الحكم الأجنبي، ويتم تسمية السكان بالمستعمرين، والأرض المغتصبة الواقعة تحت حكم الاحتلال بالمستعمرة، ويتم فصل معظم المستعمرات عن الدول المستعمرة بالبحار والمحيطات.

وغالبا ما تقوم الدول الأجنبية سكانا حتى يعيشوا في المستعمرات ويحكموها، ويستغلوا مصادر الثروة التي فيها، مما يجعل حكام هذه المستعمرات مفصولين عرقيا عن المحكومين.

دوافع الاستعمار في الوطن العربي

هناك عدة دوافع شجعت الاستعمار على الغزو على العالم العربي، وسلب خيرها وممتلكاتها، ويمكن إيجاز هذه الدوافع في خمس نقاط رئيسية كالتالي:

أولا: الموقع الجغرافي للدول العربية

نلاحظ أن الدول العربية في الوطن العربي تقع في موقع جغرافي مميز جذبت الاستعمار إليها للأسباب التالية:

امتدادها في قارة آسيا وقارة أفريقيا، وتقوم بالسيطرة على العديد من المضائق البحرية مثل: مضيق هرمز، وجبل طارق، وباب المندب، وقناة السويس.

هناك العديد من الدول العربية تطل على عدة بحار ومحيطات وخلجا، حيث أنها تطل على البحر المتوسط والبحر الأحمر، وبحر العرب والخليج العربي، وخليج عدن، وخليج العقبة، وخليج عمان، ومن المحيطات المحيط الأطلسي والمحيط الهندي.

نجد أن لديها موقع استراتيجي هام بين القارات السبع، فيجعلها تتحكم في طرق النقل العالمية الرابطة بين الشرق والغرب.

ثانيا: ضعف الدولة العثمانية

في القرن الثامن عشر الميلادي ظهرت حالة الضعف بعض أن ساءت الأوضاع في الدولة العثمانية، مما شجع الاستعمار على نهب خيراتها وممتلكاتها.

قامت الدول المستعمرة بوضع الخطط حتى تسيطر على الدولة العثمانية ومن ثم السيطرة على أراضيها.

وقامت منافسة بين الدول الأوروبية على تقسيم الأراضي العثمانية، وخصوصا الدول العربية التي يوجد بها العديد من الثروات والخامات ، التي رفعت سقف الطموحات لدى الدول الأوروبية.

قام المؤرخون الأوروبيون بتسمية التنافس باسم المسألة الشرقية، وهي من مظاهر انهيار الدولة العثمانية.

ثالثا: مصادر الثروات المختلفة في الوطن العربي

مع زيادة الرغبة الأوروبية في زيادة المواد الخام لديها بعد قيام الصناعة فيها، بدأت بالزحف إلى الدول العربية المليئة بالخيرات والمواد الأولية الخام.

زيادة الإنتاج في الصناعة جعلهم يبحثون عن أسواق لبيع المنتجات الصناعية، والدول العربية ستساعدهم على ذلك.

رابعا: المكانة الدينية

من المعروف أن العالم العربي هو مهبط للأديان السماوية، حيث أن أغلب الأديان السماوية بدأت فيها.

استغلت الدول الأوربية هذا الأمر بحجة حمايتها للأماكن المسيحية المقدسة في البلاد العربية، مما جعلها تتدخل في شؤونها فاحتلت معظم أقطارها.

خامسا: خوف الدول الأوروبية من قيام دولة عربية متحدة

خافت الدول الأوروبية وخاصة بريطانيا في عهد محمد علي من نجاح نهضة مصر، والتي قد تجمع الدول العربية وجعلها موحدة، مما تقف أمام طموحاتها في استعمار الدول العربية والسلب خيراتها.

أنواع الاستعمار الأوروبي

هناك أنواع مختلفة للاستعمار وتم تصنيفها حسب الأهداف والطريقة المستخدمة، وتم تقسيمها من قبل المؤرخون إلى خمس أنواع أساسية وهي:

الاستعمار الاستيطاني: حيث تقوم الدول المستعمرة بتشجيع أبنائها على الهجرة إلى الدول التي يريدون استعمارها، ومن ثم نهب الثروات والاستيطان فيها بسلب مجموعة من الأراضي، ومن ثم يبدؤوا في التكاثر، والاستثمار في هذه الأرض، وبعد ذلك يقوموا بقتل السكان الأصلين، وفي أغلب الأحيان يقوموا بطردهم من خارج بلادهم.

الاستعمار العسكري: ويكون من خلال هجوم جيش الدول المستعمرة على الدول الضعيفة وسلب أراضيها والسيطرة على جميع ما فيها من دون مقدمات، وهم واثقون أن هذه الدول لن تستطيع أن تصمد أمام قوتهم.

الاستعمار الحمائي: وهذا النظام متبع إلى الآن، وفيه تقوم الدول المستعمرة على إجبار الدول الضعيفة على توقيع معاهدة حتى تحميهم، وتدعي الدول المستعمرة أنها تقوم بحمايتهم، ومن ثم تقوم بالسيطرة على جميع البلاد.

استخدام خطة محكمة الذكاء من الدول المستعمرة، حيث تشارك هذه الدول في ثروات الدول التي تريد أن تستعمرها، وتقوم بالادعاء على أنها تساعدها وتعمل على ازدهار أراضيها، وتبدأ بسلبهم تدريجيا مع مرور الأيام.

تعد الوصاية الاستعمارية التي توصي بحماية البلاد هي بديلا عن الانتداب الذي لا يختلف عنه، حيث تقوم بالسيطرة على أراضي هذه البلدان، وتجعلها ملكا لها.

آثار الاستعمار الأوروبي

مرت الدول العربية بالعديد من الأزمات، مما جعلها تمر في حالة من الضعف وجعلها في حالة يرثى لها، حيث دمرتها الحروب، وتزاحمت عليها الدول الأوروبية حينما كانت لها قوة وسيرة كبيرة واتبعت أسلوب الاستنزاف حتى تحقق ما تريد، وقد غزت العالم العربي بالفكر والقوة، وحاولوا أن يدخلوها من جميع الاتجاهات.

ومع دخول الاستعمار أي دولة، فإنه يقوم بترك بصمة خلفه سلبية من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكما نعلم أن خروج هذه المستعمرات أمر ليس بسهل وقد يكون أصعب من دخولها لهذه الأراضي، ومن الآثار التي تتركها خلفها هي:

أولاً: الآثار السياسية للاستعمار الأوروبي

الدول الاستعمارية لا تهتم بأمر الشعوب أو حقوقها أو حتى بالحكومات، ولا تهتم إلا بمصلحتها الخاصة، فتجتهد على تشويه الأمور السياسية في الدول التي تحتلها حتى تضعفها، ولا  تستطيع أن تقف أمامها.

وتقوم الدول المستعمرة على تشكيل حكومات جديدة بيديها حتى تضمن الولاء الكامل لأعضاء الحكومات، ولا تجعل في أيديهم أي قدرة على تغلب أي مصاعب يواجهوها، وبالتالي ترجع للدولة المستعمرة مما تجعل لها الكلمة الأولى والأخيرة.

ثانيا: آثار الاستعمار على الحدود السياسية

قديما كانت الحركة سهلة بين الدول العربية، ولا تشكل الحدود السياسية أي مشاكل، ولكن بعد الحرب العالمية الأولى، لم تستطع الدولة العثمانية الصمود وفقدت السيطرة على العالم العربي، وقامت الدول المستعمرة بالهجوم على الوطن العربي، وقامت بتقسيم الدول العربية إلى دول منفصلة، وقامت بوضع الحدود السياسية بين الدول العربية حتى تعرف كل دولة أوربية الأراضي التي استعمرتها.

ثالثا: آثار الاستعمار على الاقتصاد

يعد الطموح الاقتصادي من أهم الدوافع إلى الاستعمار، وهذا ما جعلها تحاول أن تنهب الأراضي التي يحتلوها فور الاحتلال حتى يستفيدوا من كل الخيرات بكل السبل الممكنة، سواء كان من أراضي خصبة للزراعة، أو الممرات المائية والمضائق، أو نهب كل حقول النفط ومناجم الذهب، ويعد هذا الأمر من أهم الأهداف التي تسعى إليه.

ويعد الآثار الاقتصادية هو أكبر أثر تركته الاستعمار في الوطن العربي، حيث قامت بنهب جميع خيراتها، وتركته في وضع اقتصادي ضعيف، فلم تستطيع أن تنهض بالاقتصاد بعد ذلك.

رابعاً: آثار الاستعمار على الثقافة

نستطيع أن نقول أن الآثار الناجمة من الاستعمار على الثقافة كانت من غير قصد، ولكنها نشأت بسبب الانتشار الواسع للاستعمار في المنطقة، وتركت من خلفها أثار غير مرضية، وجعلت بعض الدول تفقد هويتها، ولكن هناك بعض الدول كان لها تأثير إيجابي في تطوير البلاد ووضع الطراز الأوربي عليها، وتعلم بعض الحرف والمهن التي طان يحتكرها الدول الأوروبية فقط.

ومن الآثار الثقافية التأثير على بعض العادات التقاليد في بعض الشعوب، وكان ذلك أثر في ملابسهم وحياتهم الاجتماعية وأنماطهم وغير ذلك.

خامسا: آثار الاستعمار على اللغة

أدى الانتشار الواسع للاستعمار الأوروبي وانتشار الجنود في بقاع كبيرة، وتحدثهم باللغة الأم فقط وعدم التحدث باللغة العربية إلى نشر اللغة التي يتحدث بها المستعمر بين الشعوب، فقد حرص الاستعمار على تعليم السكان الأصلين لغتهم حتى يتمكن من جعلها لغة الأم للبلاد، ونتيجة لهذا الاستعمار لا زال هناك العديد من الدول العربية تجعل اللغات الأوربية لغة رسمية بجوار اللغة العربية.

الخاتمة

لقد تعرضت الكثير من الدول العربية إلى خطر الاستعمار الأوروبي الذي حاول الحصول على الثروات العربية لفترات طويلة، ولكن لم ينجح في ذلك، وتحتوي العديد من الكتب التاريخية على كل ما يخص هذا الأمر.

الغزو الإيطالي لليبيا

بدأ الغزو الإيطالي لليبيا في عام 1911، عندما قامت القوات الإيطالية بغزو ولاية ليبيا العثمانية (كانت ليبيا جزءًا من الإمبراطورية العثمانية آنذاك) مما أشعل الحرب الإيطالية التركية

تعود مطالبات إيطاليا بخصوص ليبيا إلى المناقشات التي دارت بعد مؤتمر برلين (1878)، والذي وافقت فيه فرنسا وبريطانيا العظمى على احتلال تونس وقبرص على التوالي، وكلاهما كانا جزئين من الإمبراطورية العثمانية التي كانت على وشك الانهيار آنذاك. 

عندما ألمح دبلوماسيون إيطاليون إلى معارضة محتملة لحكومتهم بشأن ذلك، أجاب الفرنسيون بأن طرابلس ستكون مشابهةً لإيطاليا. في عام 1902، وقعت إيطاليا وفرنسا معاهدة سرية والتي منحت لإيطاليا حق التدخل في منطقة طرابلس والمغرب. 

ومع ذلك، فإن الحكومة الإيطالية لم تفعل سوى القليل من أجل استغلال هذه الفرصة، وظلت معرفتها بالأراضي والموارد الليبية محدودة خلال السنوات التالية.

بدأت الصحافة الإيطالية حملة تأثير إعلامية ضخمة للتمهيد لاجتياح ليبيا في نهاية مارس 1911. تم تصوير ليبيا على أنها ولاية غنية بالمعادن، وفيرة الماء، ولا يحميها سوى 4000 جندي عثماني فقط. أيضاً كان السكان يعتبرون معادين للإمبراطورية العثمانية ويتعاملون بلطف مع الإيطاليين. ومن ثم اعتبروا الاجتياح المحتمل بأنه مجرد "نزهة عسكرية" أو أكثر من ذلك بقليل.

أظهرت الحكومة الإيطالية نوعا من التردد في البداية، ولكن بحلول الصيف تم الانتهاء من تحضيرات الاجتياح، وبدأ رئيس الوزراء جيوفاني جيوليتي تقصي ردود أفعال القوى الأوروبية العظمى الأخرى على الاجتياح المحتمل لليبيا. كان للحزب الاشتراكي تأثيراً قوياً على الرأي العام. ومع ذلك، كان في صفوف المعارضة وشهد أيضاً انقساماً في الرأي حول هذه القضية. لقد تعامل الحزب الاشتراكي بطريقة غير فعالة في مواجهة ذلك التدخل العسكري.

تم تقديم إنذار أخير إلى حكومة حزب الاتحاد والترقٍي العثمانية في ليلة 26 – 27 سبتمبر. من خلال الوساطة النمساوية كان رد الحكومة هو اقتراح تسليم السيطرة على ليبيا من دون حرب مع الإبقاء على سيادة عثمانية شكلية فقط. كان هذا الاقتراح مشابهاً للوضع في مصر، التي كانت تحت السيادة العثمانية الشكلية، لكن فعلياً كانت السيادة للمملكة المتحدة. رفض جيوليتي الاقتراح، وأُعلنت الحرب في 29 سبتمبر 1911.

نتائج الحرب

كان اجتياح ليبيا مغامرة مكلفة بالنسبة لإيطاليا. فبدلاً من التكلفة المادية المقدرة في البداية بـ 30 مليون ليرة شهريًا، وصلت تلك التكلفة إلى 80 مليون ليرة شهريًا، واستمرت الحرب لفترة أطول بكثير من التقديرات الأصلية. هذا تسبب بحدوث اختلالات في الاقتصاد الإيطالي. من منظور سياسي، أظهر قيام ليبيا الإيطالية (بالنسبة لمراقبين مثل بينيتو موسوليني) أنه إذا كانت لدى الأقلية قوة ضغط نشطة وقوية فإنه يمكن أن يكون لها قوة عظمى في البلاد، كما سيتجلى ذلك بظهور الفاشية بعد الحرب العالمية الأولى.

أما بالنسبة لليبيا نفسها، فقد ظلت السيطرة الإيطالية على جزء كبير من أراضيها غير فعالة إلى حد كبير حتى نهايات العشرينات، عندما قام الجنود الإيطاليون تحت قيادة الجنرال بادوغليو وغراتسياني بشن حملات عقابية من أجل تسكين غضب الشارع والتي تحولت إلى أعمال قمع فظيعة. لم تهدأ المقاومة الشعبية إلا بعد إعدام زعيم المقاومين عمر المختار في 15 سبتمبر 1931.

في أعقاب ذلك، تمت السيطرة على ليبيا بالكامل من قبل الإيطاليين واستطاعوا توحيدها مع إيطاليا تحت اسم ليبيا الإيطالية واعتبروها بمثابة "الساحل الرابع" في إيطاليا إلى أن قامت الحرب العالمية الثانية.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

44

followers

5

followings

1

مقالات مشابة