ابن المقفع...الأديب المغدور

ابن المقفع...الأديب المغدور

0 المراجعات

ولادته:

ولد عبد الله عبد الله بن المقفع حوالي سنة 106 هجرية ببلاد الفرس، اشتهر في شبابه بسعة ثقافته الفارسية والهندية واليونانية، بالإضافة إلى فصاحة بيانه العربي، فاستخدمه “عمر بن هبيرة” كاتبا في دواوينه وذلك في الدولة الأموية، أما في الدولة العباسية فقد عمل ابن المقفع كاتبا لـ “عيسى بن علي” ابن عم الخليفة المنصور، وأسلم ابن المقفع على يدي عيسى بن علي وقتل بسببه!!.

شهرته:

اشتهر عبد الله بن المقفع حتى قبل إسلامه بمتانة أخلاقه، فكان كريما، عطوفا، عاشقا لحميد الصفات ومكارمها، شغوفا بالجمال كما كان مؤمنا بقيمة الصداقة، وقد كانت لابن المقفع آثار أدبية كثيرة من أشهرها كتاب “كليلة ودمنة”، وهو مجموعة من الحكايات تدور على ألسنة الحيوانات يحكيها الفيلسوف بيدبا للملك دبشليم، ويبث من خلالها ابن المقفع آراءه السياسية في المنهج القويم للحكم، والمشهور أن ابن المقفع ترجم هذه الحكايات عن الفارسية، وأنها هندية الأصل، لكن أبحاثا كثيرة حديثة تؤكد أن كليلة ودمنة من تأليف ابن المقفع وليست مجرد ترجمة، كما أن بعض هذه الأبحاث يعتقد أن الآراء التي أوردها ابن المقفع في كليلة ودمنة كانت أحد الأسباب المباشرة لنهايته الأليمة، أما موضوع كليلة ودمنة يستحق مقالا منفصلا لوحده.

نهاية ابن المقفع:

وهنا نأتي للنهاية المفجعة التي أشرنا إليها سابقا، فقد كان عبد الله بن المقفع كاتبا “لعيسى بن علي” الذي أمره بعمل نسخة من "الأمان" الذي أعطاه له الخليفة المنصور “لعبد الله بن علي”، فأضاف ابن المقفع عبارة في "الأمان" نصها: “وإن أنا نلت عبد الله بن علي أو أحدا ممن أقدمه معه بصغير من المكروه أو كبير، أو أوصلت لأحد منهم ضررا، سرا أو علانية، على الوجوه والأسباب كلها تصريحا أو كناية أو بجبلة من الجبل، فأنا نفي من – محمد بن عبد الله – ومولود لغير رشدة، ولقد حل لجميع أمة محمد خلعي وحربي والبراءة مني، ولا بيعة لي في رقاب المسلمين، ولا عهد ولا ذمة، وقد وجب عليهم الخروج عن طاعتي، وإعانة من ناوأني من جميع الخلق”. فأسرها المنصور في نفسه، وتلقف تهمة كانت شائعة في تلك الأيام وهي تهمة الزندقة، رمى بها البعض عبد الله بن المقفع، فأمر والي البصرة “سفيان بن معاوية” بقتله، فقطع جسده قطعا ورماه في التنور، وكانت آخر كلماته: والله إنك لتقتلني؛ فتقتل بقتلي ألف نفس، ولو قتل مائة مثلك لما وفوا بواحد.

وهكذا راح الأديب العبقري والإنسان الفاضل، ضحية السياسة والخلافات السياسية داخل الأسرة العباسية، ولم يقتل كخصم سياسي، بل ألصقت به تهمة الزندقة التي هو منها بريء بشهادة مؤلفاته، وبشهادة الأبحاث التي دارت حول حياته وفكره.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

8

متابعين

11

متابعهم

51

مقالات مشابة