الدولار الأمريكي يسجل تراجعًا بأكثر من 8% خلال عام 2025
شهد الدولار الأمريكي تراجعًا حادًا في عام 2025 حيث انخفض بنحو 11% خلال النصف الأول من العام وحده، وكان ذلك أسوأ أداء له خلال تلك الفترة منذ أكثر من خمسة عقود، وفقًا لشركة جي بي مورغان لإدارة الأصول.
ومنذ ذلك الحين، اتخذ الدولار مسارًا أكثر ثباتًا، وعلى الرغم من ذلك إلا أن مؤشر الدولار الأمريكي في forexlive ظل منخفضًا بأكثر من 8% خلال العام حتى 12 نوفمبر، حيث يواجه الدولار ضغوطًا على جبهات متعددة هذا العام، بدءًا من تداعيات الرسوم الجمركية ووصولًا إلى المخاوف الدولية من أن العملة الأمريكية لم تعد ملاذًا آمنًا.
يُعدّ الدولار الأمريكي العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم وهو أيضًا العملة الأكثر استخدامًا في التجارة والمعاملات الدولية الأخرى، ومع ذلك، فقد أصبحت هيمنته موضع تساؤل في الآونة الأخيرة بسبب التحولات الجيوسياسية والجيواستراتيجية.
أشار بنك جي بي مورغان إلى العديد من أسباب انخفاض قيمة الدولار الأمريكي، ولكن كان أهمها الاتجاه إلي إلغاء الدولرة، وهي الانخفاض الكبير في استخدام الدولار في التجارة العالمية والمعاملات النقدية، في الوقت الحالي أصبحت معاملات الطاقة غالبًا ما تُسعّر بعملات غير الدولار الأمريكي، كما أن البنوك المركزية لا تشارك في أنظمة الدفع الجديدة المستخدمة في المعاملات العابرة للحدود، لهذا انخفضت حصة الدولار الأمريكي من احتياطيات النقد الأجنبي، وهو مقياس شائع الاستخدام لأهمية الدولار.
لماذا تراجع الدولار الأمريكي في عام 2025؟
بعد ارتفاع قصير في أعقاب الانتخابات الرئاسية أواخر عام 2024، انخفض مؤشر الدولار (DXY) بنحو 4% - 5% منذ بداية العام حتي الآن مسجلاً أضعف أداء له منذ عام 2020، ومن الجدير بالذكر أن الدولار الأمريكي انخفض بنحو 10.7% في النصف الأول من عام 2025 لعدة أسباب:
١ .تقلبات السياسات تُضعف الثقة
أدت مبادرات ترامب في ولايته الثانية بدءًا من تصعيد التعريفات الجمركية إلى إصلاح السياسة الضريبية إلى تعزيز التفاؤل في البداية، لكن التناقضات في طرح السياسات والتراجعات التنظيمية أثارت قلق المستثمرين، يقول "باري آيتشنغرين" الخبير الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا أن عدم اليقين يُضعف العملات.
2 .رأس المال يبتعد عن الدولار
يتعرض الدولار الأمريكي الذي يعد ملاذ آمن لضغوط، يُظهر استطلاع حديث لبنك أوف أمريكا أن مديري الصناديق العالمية يُخصصون أقل نسبة استثمار بالدولار الأمريكي منذ عام 2005 خلال هذا العام.
يتجه رأس المال نحو:
- الذهب
- أسهم منطقة اليورو
- الفرنك السويسري والين الياباني
- سندات الأسواق الناشئة
٣ .تباين أسعار الفائدة يُصب في صالح العملات الأخرى
الفجوة بين عوائد السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات وعوائد السندات الرئيسية للشركاء هي الأوسع منذ عام 1994، وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن يُخفض البنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة خلال عام 2025 إلا أن بنوكًا مركزية أخرى تُخطط لتخفيضات أكبر:
البنك الاحتياطي الفيدرالي: 0.25% إجمالاً (تخفيض واحد في الربع الرابع)
البنك المركزي الأوروبي: 0.50% إجمالاً (0.25% في الربعين الثاني والرابع)
بنك إنجلترا: 0.75% إجمالاً (0.25% في الربع الأول والثاني والرابع)
بنك اليابان: زيادات محتملة بنحو 47 نقطة أساس.
في حين أن التخفيضات التي يقوم بها البنك الاحتياطي الفيدرالي معتدلة، فإن الاستقرار في منطقة اليورو وتباطؤ التضخم بشكل أسرع في المملكة المتحدة يدعمان اليورو والجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي.
متى سيرتفع الدولار مجددًا؟
من بين العوامل الداعمة للدولار اقتصاد أمريكي "قوي نسبيًا"، كما أن الدولار لا يزال يحتل دورًا مهيمنًا في التجارة والتمويل العالميين، ولا يزال عملة احتياطية شائعة.
على الجانب السلبي، يعتقد العديد من المحللين أن الدولار مُبالغ في قيمته، ومن المتوقع أن ينخفض أكثر مع تزايد الدين الأمريكي وبحث دول أخرى عن عملات بديلة.
قد يحدث انتعاش في أواخر الربع الرابع من عام 2025 إذا حدث:
- ارتفاع مفاجئ للتضخم
- أوقف الاحتياطي الفيدرالي المزيد من التخفيضات
- عادت تدفقات تجنب المخاطرة
إلى أين يتجه الدولار؟
بينما يترك الكثيرين الباب مفتوحًا أمام احتمال تعافي الدولار الأمريكي في المستقبل، إلا أنه يميل بوضوح إلى الاتجاه المعاكس.
فعلى مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، من المرجح أن تنخفض قيمة الدولار بشكل معتدل مقارنةً بالعملات الرئيسية الأخرى، ربما بمعدل يتراوح بين 1% و2% سنويًا في المتوسط، بافتراض عدم حدوث صدمات كبيرة.
من غير المرجح أن ينهار الدولار أو يفقد مكانته كعملة عالمية أساسية على المدى القريب، نظرًا لتمتعه بدعم قوي من المؤسسات والهياكل وقاعدة المستثمرين.
قد تكون هناك فترات يرتفع فيها الدولار أو "يحافظ فيها على استقراره أكثر من المتوقع"، خاصةً خلال التقلبات العالمية أو الأداء الاقتصادي المتفوق للولايات المتحدة.
أما على المدى الأطول (أكثر من عشر سنوات)، فإذا تزايدت الضغوط المالية وضغوط الميزانية العمومية و"تطورت البنية المالية العالمية" (مثل زيادة العملات الرقمية وزيادة البدائل العابرة للحدود)، فقد تتآكل هيمنة الدولار تدريجيًا، لكن هذه عملية بطيئة وليست تحولًا فوريًا.
من الصعب التوصل إلى إجماع بين الخبراء الماليين والاقتصاديين بشأن مستقبل الدولار، نظرًا لتأثير العديد من العوامل غير المتوقعة، لكن الكثيرين يتفقون على أن الدولار سيشهد مزيدًا من الضعف في الأشهر المقبلة.