كفانا تبريرًا بالقدر: اعترافٌ بمسؤولية الكسل المُتعمَّد.

كفانا تبريرًا بالقدر: اعترافٌ بمسؤولية الكسل المُتعمَّد.

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات
image about كفانا تبريرًا بالقدر: اعترافٌ بمسؤولية الكسل المُتعمَّد.

لطالما تساءلت: هل ما انا عليه اليوم  "نصيبي ومكتوبًا"، أم أنه نتيجة اختياراتي منذ البداية؟

​كنت الطفلة الوحيدة، والأهم، فتاة العائلة الأولى. ذلك الاهتمام الغامر حوّلني، للأسف، إلى طفلة تظن أنها "الأجمل" والأكثر تميزًا دون بذل جهد يذكر. كنت صغيرة ولم أستوعب أهمية المذاكرة بجدية؛ ما دمت أستطيع القراءة والكتابة، فلماذا أرهق نفسي بواجبات مملة؟

​كان نجاحي دائمًا "جيدًا"، ولكنه ليس نجاح المتفوقين، بالرغم من أن جميع الوسائل والإمكانيات كانت مُتاحة لي لأكون الأفضل.

​مرت المرحلة الإعدادية بسلام. كنت أظن الأمر سهلاً، فالمدرسون يثنون على ذكائي، وحصلت على مجموع "جيد" آخر. ثم جاءت المرحلة الثانوية، وكنت واثقة أنني سأحقق مجموعًا عاليًا. لكن، بصدق، لم يحدث ذلك. لقد حصَدت مجموعًا يعكس تمامًا مستوى استهتاري وتهاوني. وهنا أدركت: هذا بالتأكيد اختياري وليس قدري.

​حتى عندما جاءتني الكلية في مدينة أخرى، رفض والدي خوفًا عليّ ، إلا أنني استسلمت بسهولة وبصراحة، لأنني كنت أخشى مواجهة المواصلات والمشقة. فكان قراري التالي هو دخول معهد خاص. وهذا أيضًا اختياري ومسؤوليتي الكاملة، وليس نصيبي! هو نتيجة طبيعية للاستهتار الذي أنا مسؤولة عنه وحدي.

​اليوم، أعود وأعاتب نفسي: ماذا كان سيحدث لو أنني ركزت في دراستي ووضعت هدفًا واضحًا لحياتي؟ كنت سأكون في مكان مختلف تمامًا، خاصة مع كل الإمكانيات والفرص التي وُضعت بين يدي.

​ومع ذلك، لا أملك إلا أن أعود لأقول: "هذا نصيب"... لكن في داخلي، يتردد صوت أقوى يقول: "لا، إنه ثمرة اختياراتكِ، وعليكِ أن تتحملي مسؤوليتها."

قد تكون الفرص الضائعة مؤلمة، لكن الألم يتحول إلى دافع. بناءً على كل هذا، أعتبره الآن واجبًا على نفسي أن أصحح هذه الأخطاء مع أولادي.

سأعمل جاهدة لأغرس فيهم قيمة الوقت والعمل الجاد، وأن أُعلمهم الحقيقة الأهم في الحياة: أنه لا توجد مكافآت تُمنح مجانًا، بل كل نجاح يُكتسب بالجهد والمثابرة. لن أُسقِط عليهم اهتمامًا مُفرطًا يورث الغرور أو الكسل، بل اهتمامًا يُعلِّمهم المسؤولية والاعتماد على الذات.

سأُعلِّمهم أن الحياة خليط بين القدر والاختيار، ولكن الجزء الذي نملكه، وهو الاختيار والعمل، هو الأهم والأكثر تأثيرًا في تحديد مسارنا ومكانتنا.

⚖️ النصيب والاختيار: حدود المسؤولية في حياة الإنسان

يعد التمييز بين "النصيب" و"الاختيار" من أهم المفاهيم التي تُحدد مدى مسؤولية الإنسان عن مسار حياته. فالخلط بينهما غالبًا ما يقود إلى جلد الذات المفرط أو الاستسلام التام دون عمل.

📜 النصيب (القدر): ما لا تملكه

النصيب هو الجانب المُسَيَّر في حياة الإنسان، وهو كل ما يقع عليك دون أن يكون لك يد في حدوثه. هو الإطار الذي وُلِدتَ فيه، والذي لا تملك تغييره، ويشمل:

أصل النشأة: جنسيتك، عائلتك، تاريخ ميلادك، ومكان ولادتك.

الظروف القاهرة: الكوارث الطبيعية، الأمراض المفاجئة، موت عزيز، أو حادث خارج عن إرادتك.

نتائج غير متوقعة: أن تبذل أقصى جهدك في أمر ما وتأتي النتيجة عكس المتوقع تمامًا رغم إحكامك للأسباب.

هذا الجانب يوجب على الإنسان الرضا والصبر والتكيّف، لأنه خارج عن سلطته ومشيئته.

🎯 الاختيار (المسؤولية): ما تملكه

الاختيار هو الجانب المُخَيَّر في حياتك، وهو نطاق واسع يحمل كامل المسؤولية عن النتائج. هو حرية الإرادة والفعل التي منحها الله للإنسان، ويشمل:

السلوك والجهد: قرار المذاكرة، الإهمال، الاجتهاد في العمل، المثابرة، أو الكسل.

رد الفعل: كيفية تعاملك مع المصائب التي قُدّرت عليك (هل تستسلم أم تقاوم وتتعلم؟).

القرارات المصيرية: اختيار الصديق، الشريك، التخصص الدراسي، الوظيفة، أو الطريق الذي تسلكه.

هذا الجانب يوجب على الإنسان التفكير والعمل والمحاسبة، لأنك ستحاسب على خياراتك وليس على أقدارك.

💡 الخلاصة:

النصيب هو نقطة البداية (البيئة، الإمكانيات المتاحة أو المفقودة).

الاختيار هو رحلة السير (كيف تستخدم هذه الإمكانيات أو تتجاوز هذه المعوقات).

الناضج هو من يتقبّل نصيبه، ويركز كل طاقته على تحسين اختياراته، مدركًا أن القدر قد يُلقي عليه كرة، لكنه هو من يختار كيف سيلعب بها.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Amira Elsawy تقييم 5 من 5.
المقالات

5

متابعهم

4

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.