هبة قطب: مسيرتها، تأثيرها وأعمالها
هبة قطب: مسيرتها، تأثيرها وأعمالها
في عالمٍ تتداخل فيه القيم، والعادات، والتطورات الاجتماعية، تبرز أشخاص يُشكّلون جسراً بين التقليد والحداثة. الدكتورة هبة قطب واحدة من هؤلاء الذين سعوا بكلماتهم وأعمالهم إلى فتح باب الحوار في موضوع شائك وحساس في العالم العربي: الصحة الجنسية، العلاقات الزوجية، والاستشارات الأسرية من منظور ديني ونفسي. في هذا الاستعراض نغوص في مسيرتها، إنجازاتها، أعمالها الإعلامية، تأثيرها في المجتمع، آراء الجمهور حولها، وما يُحتمل أن يكون مستقبلها.
«الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها.» فدعونا نرصد الحكمة في نهجها، ونفك طلاسم الجدل حولها.
من هي هبة قطب؟
ولدت هبة قطب في 19 سبتمبر 1967 في القاهرة، مصر.
درست الطب في جامعة القاهرة، وتخصصت في الطب الشرعي، لكن شغفها بموضوع الجنسانية والدين دفعها نحو التخصص العميق في علم الجنس (sexology) والاستشارات الجنسية.
ويكيبيديا
حصلت على شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة، من جامعة فلوريدا (أو إحدى مؤسسات متخصصة في الجنس السريري) ببحث تناول ما ورد في الإسلام من علوم جنسية.
ويكيبيديا
حالياً تعمل كأستاذة في جامعة القاهرة، وأيضًا كمحاضرة وأستاذة ممارسة في قسم علم النفس في الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
ما يميز هبة قطب هو أنها تعلن بوضوح أنها «رائدة في تخصص علم الجنس والاستشارات الزوجية من منظور إسلامي»، وتقوم بدمج البُعد الديني والقيمي مع الجوانب النفسية والطبية في تناولها للموضوعات الجنسية.
أهم إنجازات هبة قطب
تتجلّى إنجازات هبة قطب في عدة محاور رئيسية:
- الحصول على شهادة معترف بها في علم الجنس
هي أول مصرية (وأحد أوائل العرب) تنال ترخيصاً في التخصص الجنسي الطبي السريري في منطقة العالم العربي. - الإسهام الأكاديمي والتدريسي
عملت في الجامعات، وقدمت أبحاثاً ومقالات علمية في مواضيع مثل «الجنس في الإسلام»، «الاعتداء الجنسي»، «الاستشارات الزوجية»، وغيرها. - برنامجها التلفزيوني “الكلام الكبير” / “The Big Talk”
هذا البرنامج يُعدّ من أبرز منصاتها الإعلامية، حيث تتيح للمشاهدين طرح أسئلة جنسية وعاطفية يواجهونها في حياتهم اليومية، مع تقديم إجابات تربط بين الطب والإرشاد والدين. - المساحة الرقمية والمقالات والكتب
تدير موقعها الخاص، وتقدم مقالات واستشارات عبر الإنترنت، وتُعدّ منصة “اسأل د. هبة” التي يستفيد منها جمهور واسع. - كما تلقت التكريمات والأوسمة في المساحات البحثية والعلمية لتميّزها.
- توعية أسرية وحماية الأطفال
من خلال مقالاتها وجهودها العامة، تطرّقت لموضوعات الحماية من الاعتداءات، وتربية الأطفال على كرامتهم، وأهمية الحوار المفتوح في الأسرة.
هذه الإنجازات تجعلها شخصية محورية في الجدل العام في العالم العربي بشأن تحسين التعامل مع الموضوعات الجنسية والعاطفية ضمن الأطر الثقافية والدينية المحلية.
أعمال هبة قطب في مجال الإعلام
الحضور الإعلامي لهبة قطب هو من أهم أدوات تأثيرها، ولهذا دعونا نُسلّط الضوء على بعض أعمالها البارزة:
برنامج “الكلام الكبير / The Big Talk”
تُقدَّم فيه حلقات حوارية تستقبل اتصالات الجمهور، حيث تجيب عن أسئلة شتّى تتعلق بالجنس، العلاقات، الاضطرابات الزوجية. البرنامج يُعرض على قنوات مثل “المحور” ويتداوله في العالم العربي.
ظهورها في برنامج “بوضوح” مع عمرو الليثي
تمت استضافة هبة قطب في حلقات عدة ضمن برنامج “بوضوح” الذي يناقش قضايا مجتمعية، من بينها القضايا الجنسية والعلاقات الزوجية، حيث تُقدّم وجهة نظرها المستندة إلى الطب والدين.
المحتوى الرقمي والمقالات والفيديوهات
من خلال موقعها الرسمي تنشر مقالات واستشارات، وتُقدّم فيديوهات تعليمية ومحاضرات توعية، كما تستقبل استفسارات المُتابعين في منصة “اسأل د. هبة”.
والقنوات المتنوعة تسمح لها بالانتشار في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو أمر أساسي لجمهور شبابي وكبير.
من الخلاصة، الإعلام يمثل منصة التأثير الأكثر وضوحاً لها، يُمكّنها من الانتشار وانتقال الأفكار إلى جمهور أكبر، لكنه أيضاً يفتح الباب للنقد وللجدل.
تأثير هبة قطب على المجتمع
التأثير ليس فقط في عدد المشاهدين، بل في تحوّل مفاهيمي في طريقة الحديث عن الجنس، الأزواج، والحقوق الجنسية في الثقافة العربية. إليك أبرز مظاهر التأثير:
تحطيم تابوهات الصمت
كانت موضوعات الجنس والممارسات الجنسية من الأمور التي يُتحاشى التحدث فيها علناً، خصوصاً في وسائل الإعلام العربية. هبة قطب ساهمت في كسر هذا الحاجز، وعملت على جعل الحوار ممكنًا—إن لم يكن سهلاً—ضمن قنوات محترمة ومُقنّعة بلباس الأخلاق والدين.
إضفاء بُعد ديني مقبول
كثير من النقاشات الجنسية في المجتمعات العربية تتعرض للرفض بحجة أن الموضوع “فاحش” أو “غير لائق”. لكن هبة قطب تربط طرحها بالقيم القرآنية والشرعية، فتقدّم تفسيرات تجعل الموضوع مقبولاً ضمن إطار ديني. مثلاً ترى أن الإسلام يشجع على العلاقات الصحية بين الزوجين، وأن التطرق إلى الجنس لا يتعارض مع الدين إن كان في إطار الحلال.
تمكين المرأة من مطالبة بحقوقها الجنسية
من خلال تشجيع الحوار في العلاقة الزوجية، وفهم حقوق المرأة في المتعة والتراضي، تفتح أمام المرأة العربية مجالات للمطالبة بالاحترام والتفاهم داخل الزوجية.
توجيه العائلات نحو التعامل الصحي مع الأطفال
من خلال مقالاتها، تدعو إلى تربية الأطفال على فهم الجسد، والخصوصية، وحرمة التعري أمام الغير، وضرورة تأكيد أن لهم الحق في الرفض إذا تعرضوا لمضايقة.
إشاعة جدل عام ونقد متبادل
لا يمكن أن يمر عملها دون أن يثير بعض الانتقادات من جهات محافظة ترى أن الموضوع تجاوز الحدود المقبولة، أو أن الدمج بين الجنس والدين يُعدّ مخاطرة. هذا الجدل بحد ذاته يُعد مؤشرًا على أن موضوعها لم يعد مهجورًا أو مُهمَلًا كما في السابق.
«من يغامر بالحق يُحاسب، ومن يطأطئ الخوف يُنسى.» هبة قطب بالغت في التحدي في سياق حساس، وربما كان هذا أحد أسباب الجدل المحيط بها.
آراء الجمهور حول هبة قطب
رأي الجمهور تجاه هبة قطب يختلف باختلاف الخلفية القيمية، الدينية، والمستوى الاجتماعي والثقافي:
أنصارها يرون أنها صوت جرئ ومهم يُعطي اللغة لمواضيع كانت محظورة، ويُشجّع الأزواج على التواصل والتفاهم بدل الصمت أو الاحتباس في الحياة الزوجية.
المنتقدون يتهمونها بالتطرّف أو التمدد في موضوعات تتجاوز الخطوط المقبولة عندهم، أو بأنها تشجّع بعض الممارسات التي يرونها خارجة عن “الحرام”. أيضاً يُوجّه إليها بعضهم اتهامات بكونها تكيّف الدين حسب الراحة، أو تخليط بين المفاهيم الحديثة والتشريع الإسلامي بشكل غير دقيق.
المتردّدون يرغبون في الاستفادة من أفكارها لكن يشعرون بتضارب داخلي بين القبول الاجتماعي والديني، فيأخذون ما يروق لهم ويرفضون الباقي.
في حادثة متداولة عام 2025، اتُهمت هبة قطب بسرقة “علبة حلويات” من قِبل سائق يعمل عبر تطبيق توصيل ذكاء (أوبر)، واشتعل النقاش حول استخدام الإعلام الاجتماعي لحل النزاعات الصغيرة، وحدود المسؤولية عند الشخص العام.
سكاي نيوز عربية
هذه الواقعة أثارت جدلاً أوسع من الموضوع الأصلي، وقد توصّل البعض إلى أن “المشهور لا يُسأل عن كل شيء” لكن في عصر التواصل، لا يمكن تجنّب المحاسبة والرصد العام.
مستقبل هبة قطب
عند النظر إلى مسار هبة قطب، يمكن استشراف بعض الاتجاهات المحتملة لمستقبلها:
- توسيع المنصات الرقمية: من المحتمل أن تزيد من دورها في الفضاء الرقمي (البودكاست، الدورات الإلكترونية، المحتوى المرئي القصير) للوصول إلى أجيال أصغر وأكثر انفتاحاً.
- كتابة كتب متخصصة أكثر ومترجمة: قد تتوج جهودها بنشر موسوعات أو كتب موجهة للعالم العربي تحت عنوان “الجنس في الإسلام المعاصر” أو “الاستشارات الزوجية العملية”.
- تعزيز البعد البحثي والعلمي: من خلال إطلاق مراكز بحثية، أو التعاون مع جامعات عالمية لدراسة الظواهر الجنسية والثقافية في السياقات العربية.
- مواجهة الضغوط الاجتماعية والقانونية: لأن الموضوع الذي تعاملت معه ما زال حساساً في كثير من الدول العربية، قد تواجه محاولات تقييد أو نقد قانوني، وعليها أن توازن بين الجرأة والتمسك بهذه المساحة.
- التركيز على البرامج المجتمعية والتوعية الأسرية: بدلاً من التركيز فقط على الأفراد، قد تتجه لأنشطة ميدانية في المدارس، الجمعيات، التوعية في الريف، وأكثر تلامساً مع الواقع الاجتماعي.
«من لا يُطوّر ذاته، تُرتدّ عليه الجيوش.» هبة قطب إذا ظلت تُطوّر نفسها بما يتماشى مع التغيرات الثقافية، يمكن أن تظل ذات تأثير لسنوات قادمة.
الخاتمة
هبة قطب ليست مجرد شخصية إعلامية أو متخصصة جنسية فقط، بل هي حالة ثقافية واجتماعية تجسّد الصراع بين الصمت والخطاب، بين التقليد والانفتاح، بين الدين والعلم. إن نجاحها يتمثل في قدرتها على جذب الجمهور إلى مواضيع يجرؤ القليلون على التطرق لها، وفي قدرتها على أن توظّف اللغة الدينية لتقبل ما قد يُعدّ “ممنوعًا” لدى البعض.
ليس الجميع يقبل أفكارها أو يتفق معها، وهذا طبيعي في أي مشروعٌ تغييري في مجتمع متعدد الآراء. لكنها على الأقل فتحت نافذة للنقاش، وأعطت مساحة لمن لم يكن له صوت في القضايا الجنسية بالعالم العربي. في النهاية، يبقى السؤال: هل سنبقى ننظر إلى الجنس باعتباره “سرًّا” أم نؤمن به كجزء من حياة الإنسان التي تستحق الحوار والبناء؟
“الكلمة قد تلتئم بها جراح لا تُرى، وإذا سكتت تُفجّرها الصمت.”
الكلمات المفتاحية: هبة قطب، هبه قطب وابنتها، هبة قطب وزوجها، هبة قطب في فرح بنتها، أسأل هبة قطب، الدكتورة هبة قطب، استشارات جنسية إسلامية.
للمزيد من المقالات عن الشخصيات العامة والنجاح
