نيقولا ماكيافيللي وكتابه الأمير

نيقولا ماكيافيللي وكتابه الأمير

0 reviews

نشأ نيقولا ماكيا فيللي في المدينة الإيطالية (فلورنسا) ، في عهد الأمير " لوران الفاخر". وكان حريصا على تثقيف نفسه ثقافة تاريخية وسياسية، قرأ خطب شيشيرون وكتبه السياسية، وإلياذة فيرجيل، ومؤلفات الفيلسوف الإغريقي الكبير أرسطو. تدرج في المناصب الحكومية منذ أن التحق بخدمة حكومتها في عام 1498م أميناً لمجلس العشرة الذي كان  مكلفاً بتأمين العلاقات الإدارية مع المدن التابعة لفلورنسا، وعهد إليه في الوقت نفسه بأمانة سر إدارة الجمهورية.

وكان ماكيافيللي يؤيد نظام الحكم الجمهوري ويندد الحكم الاستبدادي بعد أن تعمق في الموازنة بين الحكم الجمهوري في روما القديمة وعر الإمبراطورية الرومانية الألمانية التي عاصرها ماكيافيللي ، وكان يكره رجال الكنيسة ويحتقر الرهبان لأنهم في نظره مراءون مخادعون.

وقد اشترك في أعمال سياسية كثيرة كلف بها من قبل الحكومة عندما كان أمين سر الدولة فقد أوقدته، حكومة فلورنسا في عدة مهمات سياسية خارج فلورنسا، وعلى الأخص لدى بلاط فرنسا في عهد الملك لويس الثاني عشر في عامي 1500 و1504م ، وحاول أن يبشر بآرائه التقدمية في جمهورية فلورنسا ، حيث كان يراها ضعيفة تتسلط عليها الأطماع الشخصية وتتنازع فيها الأحزاب، وأنها تعيش بغير جيش وطني يجمعها بدلا من الاعتماد على الجنود المرتزقة ولكن ذهبت صيحاته أدراج الرياح، وضعف شأنه عندما عاد آل مدريشتي إلى الحكم في موسم صيف عام 1512م وسقطت الجمهورية الفلورنسية ، ولم تعد له خطوة في البلاط الجديد . عندئذ تفرغ للكتابة، ووضع كتابه " الأمير" ، ضمنه كل أفكاره عن أصول الحكم وفن السياسة مستوحياً آراءه من دراساته التاريخية عن الحكم اليوناني والإمارات الإيطالية منذ العصور الوسطى حتى العصر الذي عاش فيه. وقد انتهى في كتابه إلى أن خير حكم يرجوه لبلاده هو الحكم الاستبدادي المستنير الذي يتجاهل المثل الخلقية والدينية إن كان فيها ما يعرقل نجاحه .

رأى ماكيافيللي أن يكون كتابه عن أمير وطني يتخيله منقذا لإيطاليا من الانقسام والغزو الأجنبي، فيقدم له النصح والإرشاد والحكمة السياسية، واضعا نصب عينيه مبدأ الغاية تبرر الوسيلة حتى ولو اختلفت الوسيلة مع المبادئ الخلقية المتوارثة.

وكان يميل إلى الواقعية، وبذلك تتكون الدولة التي يقوم فيها الأمير بتوحيد البلاد ورأب الصدع وجمع شتات الوطن الإيطالي الممزق، وأن يكون هدفه المصلحة العليا للبلاد، وينتهي ماكيافيللي إلى نصح الأمير بأن يكون إنسانا وطاغية من وقت واحد معا، وإن لم يكن كذلك (فلا بقاء له). وعليه أن يكون مخادعا عند اللزوم، ولا يرتبط بوعد بذله ولا لعهد قطعه على نفسه.

وألا يعطي الحرية للناس إلا بقدر، لأنهم في كثير من الأحيان يسيئون استعمال الحرية، ويستغلون مراكزهم، كذلك يطلب من "  الأمير" أن يتخذ الحزم والقسوة أسلوبا يحكم به الرعايا حتى يخشون بأسه ويحذرون بطشه، وفي الوقت نفسه يعمل على إسعادهم بالسعي في إقامات مشروعات نافعة تدر عليهم الخير الوفير. وبذلك يرهبونه ويحبونه في وقت معا. ولكنه أصر على ألا يحرم الناس من ممارسة الحرية في ظل طاعة الحاكم، حتى يأمن من كراهيتهم ومن المؤامرات التي قد تدبر ضده.

وأخيرا، يعود إلى رأيه الذي طالما نادى به، وهو أن الدولة التي لا جيش لها، ليست في مأمن من الخطر الداخلي والعدوان الخارجي، فعلى " الأمير ، أن يجند جيشا وطنيا يرهبه ويخلص له، وأن يختار وزراءه وحاشيته من أفاضل الرجال وحكمائهم ويفتح بابه لأصحاب المواهب والكفايات حتى تصبح حكومته جمهورية مثالية تخشاها الرعية وتلتف حولها.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

187

followings

585

followings

6653

similar articles