
الإيجار القديم بين حماية المستأجر وتحديات المالك دور القضاء فى توازن العلاقة
الإيجار القديم بين حماية المستأجر وتحديات المالك
دور القضاء فى توازن العلاقة
تمهيد
يُعَدّ نظام الإيجار القديم في مصر من أكثر القضايا القانونية والاجتماعية إثارةً للجدل منذ صدور القوانين المنظمة له في منتصف القرن العشرين. فقد وُضع هذا النظام في البداية كآلية لحماية المواطنين بعد الحروب والأزمات الاقتصادية، وضمان سكنٍ ميسور الكلفة لذوي الدخل المحدود. إلا أن مرور الزمن كشف عن تعقيدات عديدة في العلاقة بين المالك والمستأجر، خصوصاً مع ثبات الأجرة رغم الزيادات المتصاعدة في قيمة العقارات.
ورغم الدعوات المتكررة لتعديل النظام أو إلغائه، فإن القضاء المصري لعب دوراً مهماً في تحقيق التوازن بين الطرفين، حيث أصدر أحكاماً عدة أنصفت المستأجر وحمت حقه في الاستقرار السكني أو الاستمرار في ممارسة نشاطه التجاري.
أولاً: استمرار العلاقة الإيجارية بعد وفاة المستأجر
من أبرز النقاط التي أثارت جدلاً واسعاً، مصير العقد بعد وفاة المستأجر الأصلي. وقد عالج **القانون رقم 6 لسنة 1997** هذا الأمر بتعديل المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977، حيث نص على أن عقد الإيجار لا ينتهي بوفاة المستأجر إذا استمر ورثته في استعمال العين المؤجرة لممارسة النشاط ذاته.
🔗 [نص القانون على موقع مركز معلومات مجلس الدولة](https://mksegypt.org/ar/laws/24010?utm_source=chatgpt.com)
هذا التعديل حمى آلاف الأسر من فقدان مصدر رزقها أو سكنها بمجرد وفاة ربّ الأسرة، وأقرّ بحق الامتداد القانوني للعقد بشروط محددة، مما عزّز جانب الاستقرار الاجتماعي.
ثانياً: الحد من الطرد التعسفي للمستأجر
أصدرت **المحكمة الدستورية العليا** حكماً مهماً في الدعوى رقم 90 لسنة 30 دستورية، قضت فيه بعدم دستورية النص الذي يسمح بإنهاء العلاقة الإيجارية بمجرد انتهاء المدة المتفق عليها دون توافر سبب مشروع من الأسباب التي حددها القانون.
🔗 [رابط الخبر على موقع اليوم السابع](https://www.youm7.com/story/2025/8/2/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84-%D9%81%D9%89-%D8%AF%D8%B9%D9%88%D9%89-%D8%B9%D8%AF%D9%85-%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86/7074041?utm_source=chatgpt.com)
ووفقاً لهذا الحكم، لا يجوز إخلاء المستأجر إلا في حالات مثل:
* الامتناع عن سداد الأجرة رغم الإنذار.
* التنازل عن العين أو تأجيرها من الباطن دون إذن كتابي.
* الإضرار بسلامة المبنى أو استخدام العين بطريقة مخالفة للنظام العام.
وهذا الحكم أعاد التأكيد على أن حماية السكن حق دستوري لا يمكن تجاوزه إلا بضوابط دقيقة.
ثالثاً: ثبات الأجرة وحماية المستأجرين
في نوفمبر 2024 صدر حكم قضائي بارز أنصف ما يزيد على مليوني مستأجر، حيث نص على **ثبات الأجرة القانونية للأماكن السكنية** الخاضعة لقوانين الإيجار القديم، ومنع تطبيق زيادات مفاجئة عليهم.
🔗 [رابط الخبر على موقع العربية](https://www.alarabiya.net/arab-and-world/egypt/2024/11/10/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D9%8A%D9%86%D8%B5%D9%81-2-%D9%85%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%87-43-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9?utm_source=chatgpt.com)
هذا الحكم عُدّ بمثابة طوق نجاة لكثير من الأسر محدودة الدخل، حيث وفّر استقراراً مالياً ومنع الملاك من فرض زيادات مفاجئة تعصف بحق السكن.
## رابعاً: التوازن بين حق الملكية وحق السكن
صحيح أن قوانين الإيجار القديم وُضعت لحماية المستأجر، لكنها في المقابل فرضت قيوداً شديدة على المالك، حيث يُؤجر عقاراً قد تصل قيمته السوقية لملايين الجنيهات مقابل إيجار زهيد لا يتجاوز بضع جنيهات شهرياً.
ومن هنا، جاءت أهمية الاجتهاد القضائي في محاولة إيجاد **توازن عادل** بين حق الملكية المكفول دستورياً وحق السكن الذي لا يقل أهمية عنه. وقد أوصت تقارير تشريعية عدة بضرورة وضع آليات إصلاح تدريجية تحقق العدالة الاجتماعية دون الإضرار بمصالح أحد الطرفين.
## خامساً: الأبعاد الاجتماعية للقوانين والأحكام
الأحكام والتشريعات الخاصة بالإيجار القديم لم تكن مجرد قواعد قانونية جافة، بل حملت أبعاداً اجتماعية عميقة، إذ:
* ساهمت في **منع التشرد** لملايين الأسر.
* دعمت الاستقرار المهني للتجار وأصحاب الورش الصغيرة.
* رسخت مبدأ أن السكن حق أساسي لا يجوز المساس به دون مبرر مشروع.
لكن في المقابل، أفرزت هذه التشريعات مشكلات اقتصادية للمالكين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن الاستفادة العادلة من أملاكهم.
خاتمة
يبقى ملف الإيجار القديم من أعقد الملفات التشريعية في مصر، إذ يوازن بين مصلحة المستأجر الذي يحتاج إلى الأمان السكني، وحق المالك الذي يطالب بثمرة عادلة لملكه. وقد أسهمت **الأحكام القضائية الأخيرة** في إعادة صياغة هذا التوازن عبر حماية المستأجر من الطرد التعسفي، وتثبيت الأجرة، وضمان استمرار العقد للورثة.
غير أن الحل الجذري لا يزال يتطلب **إصلاحاً تشريعياً شاملاً** يحقق العدالة للطرفين، مع مراعاة البعد الاجتماعي والاقتصادي. وحتى يتحقق ذلك، تبقى أحكام القضاء سنداً للمستأجر ودرعاً في وجه الطرد أو الاستغلال غير العادل.
روابط ومراجع
* [نص القانون رقم 6 لسنة 1997 – مركز معلومات مجلس الدولة](https://mksegypt.org/ar/laws/24010?utm_source=chatgpt.com)
* [خبر حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن عدم دستورية طرد المستأجر – اليوم السابع](https://www.youm7.com/story/2025/8/2/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D9%84-%D9%81%D9%89-%D8%AF%D8%B9%D9%88%D9%89-%D8%B9%D8%AF%D9%85-%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86/7074041?utm_source=chatgpt.com)
* [حكم قضائي يثبت الأجرة القانونية لصالح المستأجرين – العربية](https://www.alarabiya.net/arab-and-world/egypt/2024/11/10/%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D9%8A%D9%86%D8%B5%D9%81-2-%D9%85%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%87-43-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9?utm_source=chatgpt.com)
