
لا تقتلوا أسود بلادكم… مرسي كان يتوقع واقعنا اليوم

بين كلمات الماضي وواقع اليوم… كيف تتحقق تحذيرات مرسي أمام أعيننا
لا تقتلوا أسود بلادكم فتأكلكم كلاب أعدائكم"… كلمات محمد مرسي كانت صاعقة تحذيرية لكل من يستهين بالانقسامات الداخلية. لم يكن مجرد خطاب، بل صرخة تحذر من الكارثة قبل وقوعها. اليوم، وبعد مرور السنوات، نرى الواقع يعكس صدق هذه الكلمات بطريقة صادمة.
مرسي لم يكن يتحدث عن خلاف عابر أو صراع سياسي عادي، بل عن خطر حقيقي يهدد أي وطن: الانقسامات الداخلية والصراعات بين أبناء الشعب. كل مرة يُعنف فيها المواطن أخاه، كل مرة يُستغل الخلاف السياسي أو الاجتماعي لإضعاف الدولة، كل مرة يُستهان بحقوق الآخرين أو يُتجاهل العدل، فإن الأعداء ينتظرون خلف الستار، مستعدين للاستغلال. كل كلب عداء لا يحتاج سوى ضعفنا الداخلي ليقضم ما تبقى من وطننا.

اليوم، الواقع يُثبت صدق مرسي بشكل صارخ. الانقسامات السياسية والاجتماعية في مصر والمنطقة العربية أصبحت أرضًا خصبة للاستغلال الخارجي. ما قد يراه البعض مجرد خلافات أو نزاعات صغيرة، هو في الحقيقة كارثة كبرى، فرصة للأعداء للضحك من بعيد على شعب غارق في صراعاته الداخلية، غير مدرك أن كل خطوة عنف داخلي هي خطوة نحو انهيار الدولة.
تحذير مرسي يحمل رسالة مزدوجة لا يمكن تجاهلها:
أولاً، تحذير من قتل الأبرياء أو الاعتداء على المواطنين بسبب لونهم أو أفكارهم أو خلفياتهم. أي شكل من أشكال العنف الداخلي لا يضر الفرد وحده، بل يهدد استقرار الوطن بأكمله.
ثانياً، دعوة للوحدة الوطنية. فالوقوف متماسكين، بعيدًا عن الانقسامات والكراهية، هو الحصن الحقيقي ضد كل تهديد خارجي وداخلي.

كلمات مرسي تحمل صدمة لأنها تكشف الحقيقة بلا تزييف: الوطن لا يُحفظ بالقوانين فقط، بل بالوعي، وباحترام بعضنا البعض، وبمواجهة الانقسامات الداخلية قبل أن يستغلها الأعداء. التاريخ يكرر نفسه؛ كل أمة انقسمت من الداخل وجدت أن الأعداء استغلوا ضعفها وانقضوا على مستقبلها.
والأسوأ من ذلك أن الكثيرين اليوم لم يأخذوا هذا التحذير على محمل الجد. الانقسامات تتسع، والصراعات تتفاقم، والاستقطاب السياسي والاجتماعي يزداد. كل لحظة غضب داخلي، كل لحظة ظلم، كل كراهية تجاه الآخر، هي خطوة نحو ما حذر منه مرسي: الأعداء يراقبون، يضحكون، ويستغلون كل نقطة ضعف نخلقها بأنفسنا.
درس مرسي الصادم اليوم واضح جدًا: حماية الوطن تبدأ بحماية بعضنا البعض. إذا لم نحترم اختلافاتنا، إذا لم نكف عن تحريض بعضنا على بعض، فإننا نفتح الباب للأعداء ليأتوا ويأخذوا ما لم نستطع حمايته نحن بأنفسنا. الوطن ليس ملكًا لأي حزب أو فئة، بل هو مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل مواطن.

كل كلمة من تحذير مرسي تحمل صدمة: كل شر داخلي، كل ظلم، كل تفرقة، ليست مجرد مشكلة بين أفراد، بل تهديد وجودي للوطن كله. الواقع اليوم يظهر هذا بوضوح: الانقسامات السياسية، النزاعات الاجتماعية، واستغلال بعض الأفراد لأزمات المجتمع تثبت أن كلام مرسي كان حقيقة صادمة، لم نقدر حجمها حينها.
وفي النهاية، الكلمات تصدم لأنها بسيطة لكنها حقيقية: "لا تقتلوا أسود بلادكم فتأكلكم كلاب أعدائكم". هذا ليس مجرد خطاب، بل دعوة للتفكير العميق في تصرفاتنا، في علاقاتنا الاجتماعية والسياسية، وفي حماية وطننا من الانقسامات الداخلية قبل أن تأتي المخاطر من الخارج.

إن المرء يشعر بالغضب والصدمة معًا عند قراءة هذه الكلمات، لأنها تعكس واقعًا نعيشه اليوم: كل لحظة غضب داخلي، كل تحريض على الكراهية، هي فرصة للأعداء لتدمير ما بنيناه بأيدينا. حماية الوطن تبدأ بحماية بعضنا البعض، وكلمات مرسي تظل صرخة صادمة ودرسًا صارخًا للحياة: إذا لم نحافظ على بعضنا، فلن يحافظ أحد على وطننا.