هونغ كونغ من الفقر إلى الترف
هونغ كونغ من الفقر إلى الترف
الميناء العطر بالعربية أو هونغ كونغ في اللغة الصينية و الذي قيل أن تسميته جاءت من الروائح التي كانت تفوح من مصانع العطور على السواحل ، في منتصف القرن العشرين بدأت معظم الدول بنيل استقلالها عن الدول الاستعمارية، في الوقت الذي بدأت هذه الدول بترميم مخلفات الحروب و طرد المستعمر كان هناك مدينة تدعى هونغ كونغ على شواطئ الصين ما تزال تحت الحكم البريطاني حتى عام ١٩٩٧ لتنتقل بعدها نقلة خجولة إلى جمهورية الصين الشعبية، فكيف انتقلت هونغ كونغ من الفقر إلى الترف في ظل كل هذه الفوضى، سنرى في هذا المقال.
هونغ كونغ من الفقر:
مثل معظم بلاد الشرق في العصر الحديث كانت الصين تعاني من نزاعات الغرب لاقتسامها و السيطرة عليها و التي كانت تأتي بذرائع مختلفة، و إما أن تسقط كل البلاد أو يسقط بضعها عنوة كهونغ كونغ مثلا التي سقطت عقب حرب الأفيون عام ١٨٤٢ في يد المملكة البريطانية.
لم تكن هونغ كونغ قبل حرب الأفيون مكان للعيش الرغيد حيث أن معظم تضاريسها وعرة و غير قابلة للزراعة في الوقت الذي كانت تتوافد فيه أطماع المستعمرين إلى مكان نافذ على المحيط الهادئ يفتقر إلى أي قدرة على النهضة أو المقاومة لتكمل مأساتها اليابان في ظل الحرب العالمية الثانية و تهجر معظم سكانها و تنهب أموال البقية و نشاطهم في تمويل حروبها.
لتعاود بريطانيا انتزاع هونغ كونغ بعد الحرب العالمية الثانية و يعاود عدد من الصينيين النزوح العكسي باتجاه هونغ كونغ في ظل الحرب الأهلية و خوفهم من الحزب الشيوعي الصيني بعد إعلان جمهورية الصين الشعبية.
و في مطلع الخمسينيات مع وجود أجور عمالة منخفضة و التوجه نحو الصناعة تحسنت الأمور المعيشية و بدأت نهضة هونغ كونغ.
هونغ كونغ إلى الترف:
رغم أن النظام الذي يفترض أن تتبعه هونغ كونغ بعد استقلالها هو النظام الشيوعي للصين إلا أنها إقليم رأس مالي بامتياز حيث إن الاتفاقية بين الصين و بريطانيا نصت على أن تبقى هونغ كونغ مستقلة إداريا لمدة خمسين عام مما أتاح لها حرية اختيار أنظمتها و قوانينها المنسوخة عن المملكة البريطانية و التي تحكم ضمن النظام الرأسمالي.
و لم تتوقف النهضة الاقتصادية لهونغ كونغ بعد بدايتها رغم تعرضها لنكسات نتيجة تأثرها بالأزمات المالية العالمية مرات عدة إلا أنها رغم ذلك تعتبر اليوم من البلدان الرائدة في العديد من المجالات و بمستويات قياسية.
في هونغ كونغ اليوم أعلى معدلات الكثافة السكانية في العالم و يتجمع فيها سبعة ملايين شخص في مساحة لا تتعدى ١١٠٤، نسبة لا بأس بها تلال وعرة و جبال حيث أن ربع هذه المساحة فقط مأهول بالسكان.
رغم كل هذه الكثافة العالية و المعوقات الجغرافية إلا أن هونغ كونغ لديها شبكة مواصلات برية و بحرية و جوية متطورة جعلت %٩٠ من السكان يستخدمون المواصلات العامة و هي من أعلى نسب استخدام المواصلات العامة في العالم، بالإضافة إلى وجود ٣٧ مليون شخص يتنقلون عبر مطاراتها كل عام.
كما أنها تعتبر بلد إعادة التصدير الأول في العالم بسبب شبكة المواصلات و البنية التحتية الساحلية المتطورة إضافة إلى موقعها الجغرافي الفريد و تسهيلات مالية تجعلها من أكثر الاقتصادات حرية في العالم.
كما أن هونغ كونغ من البلدان التي تمتلك أكبر عدد أثرياء نسبة إلى عدد سكانها في العالم، بالاضافة إلى بطالة صفرية تقريبا و دولار هونغ كونغ كثامن أقوى عملة متداولة في العالم، و على الرغم من أنها عادت إلى الصين إلا أن المواطن الصيني يحتاج إلى تأشيرة للسفر إلى هونغ كونغ، كما يشكل القطاع الخدمي النسبة العظمى من الدخل القومي كخدمات الصيرفة و إعادة التصدير و غيرها ليكتمل هذا الدخل بمجموعة من المصانع التي تقوم على الصناعات الكهربائية و الإلكترونية و بعض الصناعات النسيجية في حين أنها تستورد معظم المواد الخام و الأطعمة لافتقارها الشديد للأراضي الصالحة للزراعة و الثروات الطبيعية.
و الآن برأيك هل ستبقى هونغ كونغ بعد ربع قرن رأسمالية أم أنها ستصبح شيوعية عندما تعود بإدارة الصين ؟ شاركنا