علم أستراليا وعلم بريطانيا وسبب الشبه
علم أستراليا وعلم بريطانيا وسبب الشبه
كثيرة الدول في العصر الحديث التي هي حصيلة ما خلفه الاستعمار في الماضي، بغض النظر إن كانت هذه الحصيلة جغرافية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية أو أي جانب تحتِكم إليه الجماعة، ولكن قد تختلف هذه الأمور إن كانت هذه البلاد شبه خالية من السكان و استوطنها من وصل إليها، كما في عصر الكشوفات الجغرافية في أصغر قارة كأستراليا على سبيل المثال، و التي بقيت عاطفتها و ثقافتها و حتى علم أستراليا مُتعلقين ببريطانيا العظمى حتى يومنا هذا. و لكن حتى نعرف كيف حدث ذلك يجب أن نعرف أصل الحكاية.
أستراليا في عصر الكشوفات الجغرافية:
بدأت الحكاية عندما اكتشف الهولنديون أستراليا عام ١٦٠٦ مع وجود سكان أصليين يعيشون حياة بدائية، و كما في معظم الكشوفات الجغرافية آنذاك تضع بريطانيا قدمها على شرقي أستراليا عام ١٧٧٠ لتجمع خمس ولايات أخرى بعد اكتشاف كامل استراليا عام ١٧٨٨ و تخضع للحكم البريطاني يرافقها محاولات لإبادة السكان الأصليين الذين يعيشون في هذه القارة الجزرية منذ أكثر من ٦٥٠٠٠ عام.
أستراليا بعد السيطرة البريطانية:
تختلف القصص التي ترافق الهيمنة و الاحتلال لدول و أقاليم العالم القديم عن الاحتلال لأقاليم و قارات العالم الحديث من حيث ظروف و مراحل و نتائج الاحتلال حتى و إن كان المحتل واحد، حيث أن عدد السكان القليل و طبيعة الحياة البسيطة و بدائيتها في القارات المكتشفة سهلت على الاوروبيين الدخول و التحكم في مستقبل هذه القارات على جميع الأصعدة، فبعد أن ضمت بريطانيا أستراليا بدأت باستقدام المهاجرين من انجلترا و أيرلندا و حتى السجناء و المجرمين و المنفيين استقدمتهم إلى أستراليا في الوقت الذي كان يعاني السكان الأصليون من المجازر و المجاعات على يد البريطانيين.
و مع استمرارية هجرة الاوروبيين اللذين شكل الانجليز و الايرلنديين النسبة الأعلى بينهم واللذين زاد عددهم على السكان الاصليين للقارة الاسترالية نفسها. حيث نرى أن التجربة الأسترالية لا تختلف عن التجربة الأمريكية من حيث توطين الأوروبيين فيها و القضاء على الشعوب الأصيلة، و هذا ما يفسر الفارق بين الهيمنة على بلدان العالم القديم و أقاليم عصر الكشوف حيث أن التوطين و الهجرة إلى تلك الأقاليم تجعل من سكان كلا البلدين قرابة في الدم و اللغة و ما ينضوي على ذلك في السياسة و الثقافة و حتى الولاء لأولاد العموم، ليتغير شكل الهيمنة البريطانية في أستراليا من مستعمرات عام ١٧٨٨ إلى مرحلة توحيد المستعمرات الست عام ١٩٠١ تسمى الكومنوولث الأسترالي حتى جاء قانون عام ١٩٨٦ لينهي دور بريطانيا في الحكومة الاسترالية مع بقاء أستراليا في الكومنوولث و بقاء ملك بريطانيا هو ملك أستراليا بصفة فخرية.
سبب الشبه بين علم أستراليا و علم بريطانيا:
إن وجود مجموعة من المهاجرين الانجليز و الأيرلنديين منذ اكتشاف أستراليا حتى مطلع هذا القرن بنسبة مئوية تفوق الأربعين في وقت لا تتجاوز فيه نسبة السكان الأصليين ثلثي هذه النسبة يعني وجود رابطة عرقية قوية بين المجتمع الأسترالي و المجتمع البريطاني بالإضافة إلى قوة بريطانيا على المسرح السياسي مما حافظ على هذه الرابطة عن طريق استمرار كون ملك بريطانيا هو ملك أستراليا ولو بصفة فخرية، و على اعتبار أن علم الدولة هو رمز المجتمع في التمثيل الخارجي، فهذا ما يبرر وجود علم بريطانيا في الزاوية اليسارية العليا في علم أستراليا خاصة و أن علم أستراليا الحالي اقترح عام ١٩٠١ و تم اعتماده عام ١٩٥٤ في وقت كان الوجود البريطاني على الساحة الأسترالية في أوجه، و تكمن استمرارية هذه الرابطة عن طريق وجود نسبة كبيرة من أصل بريطاني في أستراليا تبقي على هذا الولاء و العلاقة بين الطرفين ثقافياً و اقتصادياً و سياسياً و في تشابه واضح بين علم أستراليا و علم بريطانيا، و لذلك نرى أن ذوي الأصول الأوروبية يحتفلون يوم ٢٦ يناير من كل عام باعتباره يوم تأسيس أستراليا في الوقت الذي يعتبره بعض الأستراليين الأصليين يوم الغزو و الحداد الوطني.
أستراليا في القرن الواحد و العشرين:
أستراليا اليوم هي اتحاد فدرالي بين الولايات ضمن نظام سياسي ديمقراطي ليبرالي و عاصمة أستراليا الدولية كانبرا، و تعتبر أستراليا اليوم من الاقتصادات العشرين الأقوى في العالم و تحتل مرتبة عالية في النمو الاقتصادي مع وجود بطالة منخفضة و متوسط دخل فرد عالِ، مع سياسة جذب المهاجرين بشكل مستمر من جنسيات مختلفة في بلد لا يتعدى عدد سكانه ٢٦ مليوناً و مساحته ٧,٦٨٦,٨٥٠ كيلو متر مربع.