مقالات اخري بواسطة mohamed abbas
هل ولد الإنسان مخيرا أم مسيرا؟

هل ولد الإنسان مخيرا أم مسيرا؟

1 المراجعات

هل الإنسان مخير أم مسير؟image about هل ولد الإنسان مخيرا أم مسيرا؟

تُعتبر مسألة "الاختيار والتسيير" من المسائل الفلسفية والدينية المعقدة التي تثير جدلاً واسعاً في الفكر الإنساني. تتناول هذه المسألة إشكالية ما إذا كان الإنسان يمتلك حرية الإرادة والاختيار في تصرفاته، أم أن جميع أفعاله موجهة ومحددة سلفاً بقوى خارجية، سواء كانت تلك القوى إلهية أو طبيعية أو اجتماعية. في هذا المقال، سنناقش هذه القضية من جوانب متعددة، بدءاً من الجوانب الفلسفية، مروراً بالجوانب الدينية، وصولاً إلى الجوانب العلمية والاجتماعية، وذلك في محاولة لتقديم صورة شاملة عن موضوع "الاختيار والتسيير".

1. الجوانب الفلسفية:

image about هل ولد الإنسان مخيرا أم مسيرا؟

منذ العصور القديمة، سعى الفلاسفة إلى فهم طبيعة الإرادة البشرية وعلاقتها بالقوى الخارجية. يمكن تصنيف النظريات الفلسفية حول هذه المسألة إلى قسمين رئيسيين: نظريات الحتمية ونظريات الحرية.

1.1. الحتمية :

تشير الحتمية إلى الاعتقاد بأن كل حدث أو حالة هي نتيجة حتمية لأسباب سابقة. في هذا السياق، يرى الحتميون أن جميع تصرفات الإنسان محكومة بعوامل خارجية أو داخلية تجعلها حتمية ولا مجال فيها للحرية الفردية.

  • الحتمية السببية: تتضمن الفكرة القائلة بأن كل حدث له سبب، وأن تصرفات الإنسان يمكن تفسيرها بالكامل من خلال سلسلة من الأسباب والنتائج.
  • الحتمية البيولوجية: تقول إن الأفعال البشرية يمكن تفسيرها بناءً على الأسس البيولوجية والوراثية. بمعنى أن الجينات والعوامل البيئية تلعب دوراً كبيراً في تحديد سلوك الإنسان.

1.2. الحرية :

على النقيض، تعتقد النظريات التي تدعم مفهوم الحرية أن الإنسان يمتلك القدرة على اتخاذ القرارات بحرية، وأنه ليس مجرد ضحية لأسباب خارجية.

  • الحرية الإرادية: تقول هذه النظريات بأن الإنسان لديه القدرة على اختيار أفعاله دون أن تكون محددة مسبقاً. وبهذا، يكون الإنسان مسؤولاً عن أفعاله واختياراته.
  • الحرية الإنسانية: تدعو إلى أن الإنسان يتمتع بدرجة معينة من الاستقلالية، وأن الإرادة البشرية يمكن أن تكون غير محددة بالكامل بقوى خارجية.

2. الجوانب الدينية :

تعتبر الأديان أيضاً قضية الاختيار والتسيير من القضايا المركزية في تفكيرها، وتختلف المعتقدات الدينية في تفسير هذه المسألة.

2.1. الإسلام:image about هل ولد الإنسان مخيرا أم مسيرا؟

في الإسلام، هناك توازن بين مفهوم "القدر" و"الاختيار". فالإيمان بالقدر يعني أن الله قد قدر كل شيء في الكون، ولكن هذا لا يتعارض مع مفهوم حرية الإرادة. يُعتقد أن الإنسان مسؤول عن أفعاله، وأن الله قد منح الإنسان إرادة حرة لممارسة الاختيار، ولكنه يعرف مسبقاً بما سيفعله الإنسان.

  • القدر: في الإسلام، القدر هو علم الله الأزلي بكل ما سيحدث، ولكن ذلك لا يعني أن الإنسان ليس له خيار في أفعاله.
  • الإرادة الحرة: يُعتبر الإنسان مسؤولاً عن اختياراته، وبالتالي فهو يحاسب عليها يوم القيامة.
  •  

2.2. المسيحية:

في المسيحية، هناك أيضاً توازن بين مفهوم "الإرادة الحرة" و"الإرادة الإلهية". يعتقد المسيحيون بأن الله قد منح الإنسان حريةimage about هل ولد الإنسان مخيرا أم مسيرا؟ الإرادة، مما يسمح له باتخاذ قرارات مستقلة. ومع ذلك، فإن الله يظل قادراً على التأثير في مسار الأحداث.

  • الإرادة الحرة: يُؤمن المسيحيون بأن الله منح الإنسان حرية الإرادة، مما يجعله مسؤولاً عن اختياراته وأفعاله.
  • الإرادة الإلهية: يرى بعض المسيحيين أن الله يعرف كل شيء مسبقاً، لكنه يختار عدم التدخل في خيارات الإنسان ليمنحه حرية الإرادة.
  •  

2.3. اليهودية:

image about هل ولد الإنسان مخيرا أم مسيرا؟

في اليهودية، يُعتبر الإنسان شريكاً في صنع القرار مع الله، حيث يُعتقد بأن الإنسان يمتلك الإرادة الحرة ولكن الله يظل قادراً على التأثير في مسار الأحداث.

  • الإرادة الحرة: يُشدد في اليهودية على أن الإنسان يمتلك القدرة على اختيار أفعاله وأنه مسؤول عن تصرفاته.
  • الإرادة الإلهية: يُعتقد أن الله يوجه التاريخ ولكنه لا يتدخل بشكل مباشر في اختيارات الفرد.

3. الجوانب العلمية :-

تقدمت العلوم في السنوات الأخيرة لتقديم رؤى جديدة حول مسألة الاختيار والتسيير. تساهم الأبحاث في مجالات مثل علم الأعصاب وعلم النفس في فهم كيفية اتخاذ الإنسان لقراراته.

3.1. علم الأعصاب:image about هل ولد الإنسان مخيرا أم مسيرا؟

أظهرت الدراسات في علم الأعصاب أن الدماغ يتخذ قرارات قبل أن يكون الوعي بها موجوداً. هذا يُشير إلى أن الكثير من قرارات الإنسان قد تكون غير واعية وأن عملية اتخاذ القرار قد تكون محددة مسبقاً على مستوى الدماغ.

  • القرارات غير الواعية: تشير بعض الدراسات إلى أن الدماغ يتخذ قرارات قبل أن يكون الشخص واعياً بها، مما يثير التساؤلات حول مدى حرية الإرادة.

3.2. علم النفس:

في علم النفس، هناك أبحاث تشير إلى أن تصرفات الإنسان تتأثر بالبيئة والعوامل النفسية والاجتماعية. هذا يعني أن الشخص قد يكون أكثر تأثراً بالعوامل الخارجية مما كان يُفترض سابقاً.

  • العوامل الاجتماعية والنفسية: تساهم العوامل مثل التنشئة الاجتماعية والضغوط النفسية في تشكيل قرارات الإنسان، مما قد يحد من حرية الإرادة التي يمتلكها.

4. الجوانب الاجتماعية :

تلعب العوامل الاجتماعية دوراً كبيراً في تحديد سلوك الإنسان. البيئة الاجتماعية والتأثيرات الثقافية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على اختيارات الفرد.

4.1. التنشئة الاجتماعية :

تؤثر التنشئة الاجتماعية على كيفية تشكيل القيم والمعتقدات لدى الأفراد، مما يمكن أن يؤثر على اختياراتهم. يتم تعليم القيم والتقاليد من خلال الأسرة والمدرسة والمجتمع.

  • تأثير البيئة: البيئة التي ينشأ فيها الفرد يمكن أن تحدد بشكل كبير من خياراته وسلوكياته.

4.2. الضغط الاجتماعي :

يمكن أن يلعب الضغط الاجتماعي دوراً في توجيه سلوك الأفراد، مما قد يؤثر على قدرتهم على اتخاذ قرارات مستقلة.

  • الضغط الاجتماعي: قد يشعر الأفراد بالضغط بسبب الالتزام بالمعايير المجتمعية، والتي قد تحد من حريتهم في الاختيار.

5. التوازن بين الحرية والتسيير:-image about هل ولد الإنسان مخيرا أم مسيرا؟

في النهاية، يبدو أن المسألة ليست بالأبيض والأسود بل هي أكثر تعقيداً. قد يكون الإنسان يمتلك درجة من الحرية في اتخاذ قراراته، ولكن هذه الحرية قد تكون محددة أو متأثرة بالعوامل المختلفة، سواء كانت بيئية، اجتماعية، أو حتى بيولوجية.

5.1. الاختيار في إطار القيود:

يمكن النظر إلى حرية الإرادة على أنها حرية في إطار القيود، حيث يملك الإنسان القدرة على اتخاذ قرارات ضمن حدود معينة تفرضها الظروف والعوامل الخارجية.

5.2. التفاعل بين العوامل:

قد تكون مسألة الاختيار والتسيير نتيجة تفاعل معقد بين العوامل الداخلية والخارجية، حيث تؤثر هذه العوامل في مسار قرارات الإنسان ولكن لا تلغي تماماً حرية الإرادة.

 

 

وجهة نظري الشخصية :- image about هل ولد الإنسان مخيرا أم مسيرا؟

ومن وجهة نظري الشخصية أري إن الانسان مسيرا في كل الامور حتي الامور الذي يكون الانسان  مخيرا فيها فهي في الاصل أمورا محددة الاختيار  مسبقا نتيجة لظروف المحيطة او عوامل خارجية التي لادخل للانسان فيها …وطالما هناك تحديد مسبق لمسار معين وطالما هناك اجبار لاتخاذ اختيار معين في لحظة معينة وفي زمن ومكان معينين فهذا معناه ان الانسان (مسيرا) في هذه اللحظة لاختيار هذا الخيار والذي هو في الاساس من المفترض ان يكون (اختيار ) الا انه في الواقع ليس اختيار بل هو( تسيير القدر).

علي سبيل المثال لا الحصر :-

-وجودنا في هذه الحياه -ليس اختيار

-طريقة حياتنا والظروف المحيطة بينا - ليست اختيار

-مغادرتنا للحياه -ليست اختيار.

-عندما تتقدم الي 100 وظيفة ويتم قبولك في احداها -هو ليس اختيارك ( هو اختيار الشخص الذي قام بااختيارك وقبولك لهذه الوظيفة).

-ارتكابك لمعصية ما او خطيئة ما بسبب ضغوط الحياة والظروف المحيطة بك والعوامل الخارجية والتي تجبرك علي القيام بهذه الخطيئة -فهو ليس اختيار .

-وقوع حادث لاقدر الله -ليس اختيار .

-مرورك في طريق معين وفي لحظة معينة وفي مكان وزمن معين لوقوع حادث - هو ليس اختيار.

-فشلك المتكرر رغم محاولاتك المتعددة - هو ليس اختيار.

لايوجد مخلوق علي هذه الدنيا يفضل الفقر والضعف و الفشل والذل والمهانة  الخ , لذلك الانسان يسعي دائما للافضل ويسعي دائما للنجاح والتفوق والتطوير من نفسه ، الا ان مساعي البشر المتكررة للوصول لذلك قد تمر بمراحل فشل كتيرة  ونجاحات ، فهل هذا معناه ان اختيارات الكل دائما خطأ قطعا لا , فهذا معناه أن لك شخص طريق مختلف عن الاخر وطريق محدد مسبقا لابد ان يمر به الانسان في مشوار حياته سواء برغبته او لا .

 

 

الخلاصة :-image about هل ولد الإنسان مخيرا أم مسيرا؟

مسألة "الاختيار والتسيير" هي قضية متعددة الأبعاد تشمل الجوانب الفلسفية، الدينية، العلمية، والاجتماعية. تعكس هذه المسألة التعقيد الذي يميز الطبيعة البشرية، حيث يظهر الإنسان ككائن قادر على اتخاذ قرارات ولكن في نفس الوقت، تتأثر أفعاله بعدد من العوامل الخارجية. وبالتالي، قد تكون الحرية والإرادة الإنسانية مقيدة ولكن ليست معدومة، ويعكس ذلك التنوع في التجارب والآراء حول مسألة حرية الإرادة والتسيير.

 

وهناك الكتير والكتير من الامثلة والاسئلة التي ليس لها إجابة والتي يعجز عنها العقل البشري علي استيعابها ولايوجد لها اي تفسير   وتضع الانسان في حيرة من امره أمامها …والتي توضح عظمة الخالق في الكون امام عقل الانسان وتفكيره.

وفي النهاية نرجوا من الله أن ُيُرينا الحق حق ويَرزقنا إتباعه ويُرينا الباطل باطل ويَرزقنا إجتنابه  ،،

وإلي أن نلتقي - دمتم سالمين

image about هل ولد الإنسان مخيرا أم مسيرا؟

 

                        

 

                                   MO.ABBASS

M.ABAS11@HOTMAIL.COM

 

 

إقرأ لي ايضا :-

مقال بعنوان أين الله؟؟

مقال الحظ والرزق.

مقال السمنة واسبابها وطرق الوقاية منها .

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

2

متابعين

14

متابعهم

74

مقالات مشابة