أنـا تافه أنا موجود...! عندما تتحوّل التّفاهة إلى نظام وأسلوب حياة اجتماعي

أنـا تافه أنا موجود...! عندما تتحوّل التّفاهة إلى نظام وأسلوب حياة اجتماعي

1 المراجعات

لكلّ زمكان آفــة، وآفــة عصرنا "التفاهة"، لقد باتت هذه الأخيرة واحدة من أكثر مسلمات وسمات عصرنا الرّاهن، كما باتت السبيل الأيسر لتحقيق الشّهرة والبروز، فوق صهوة؛ " أنا تافه أنا موجود".

وهي في ذات الوقت خطر داهم، يهدد ليس فقط الأذواق والطبوع الفنية والثقافية ويسطّحها، وإنما ييلغ مدى تهديده كافة الأنظمة والأنساق الاجتماعية.

   هذا الخطر الدّاهم دقّ ناقوسه الكثير من الباحثين والخبراء  منذ الوهلة الأولى لبداية تشكل وبروز ملامح آفة التفاهة على السّطح، أي قبل أن تتحول إلى نظام ومجتمع عالمي ليس فقط مفروضا أو مقبولا ومطبّعا معه نخبويا وجماهيريا، وإنّما نظاما عالميا وإيديولوجيا مسيطرة.      ويعتبر المفكّر والفيلسوف الكندي "آلان دونو"، واحدا من أبرز هؤلاء الذين خاضوا في الموضوع، إن لم يكن أسبقهم الإسهاب في تشخيص وتفسير الظاهرة الآفة وتناول أبعادها المتعددة، ومن تم الغوص في أعماقها وجذورها، لينتهي بهاجمة نقدية لاذعة وذكية في نفس الوقت لنظامها الطّاغي، كلّ ذلك في كتابه الملفت للانتباه والمثير للاهتمام"نظام التفاهة"، الذي سلّط الضوء فيه على العديد من النقاط المهمّة في هذا النظام، لعلّ أبرزها عدم اعتباطية تفشي مرض التفاهة في المجتمعات، وأن أمر انتشارها مُحكم التّدبير من قوى همّها الأول والأخير تكريس السّطوة في ظلّ إيديولوجيا السيطرة ، وقد سُخّرت لذلك ترسانة من الأسلحة والقوى النّاعمة  في مقدّمتها "المال والإعلام والأكاديميا".

   في خضمّ هذا كلّه تثير فضولنا النقدي الكثير من التساؤلات التي تتولّد في أذهاننا عند كلّ قراءة نقوم بها لكتاب دونو، وعند كلّ ملاحظة تأملية في واقعنا المعيش، أبرزها:

-  ما محلّ إعراب الجمهور الساذج وسطحية أذواقه الفنيّة والثقافية و...و... الجمهور المتتاقض من تفشيّ هذه الآفة وفتح المجال لشهرة الحمقى!؟

- هناك نقطة مهمّة أيضا في الموضوع وهي: تقهقر الدور النخبوي أمام هذا النظام، فالنخبة اليوم فهي إمّا مطبّعة معه تسبح في فلكه، وإمّا منتكسة عاجزة أمام ترسانته!؟ 

- التساؤل (الأهم) المطروح، بعد رؤية " آلان دونو" والتي أثبتتها معطيات واقعنا اليوم، وأيّدتها بعده الدراسات والكتابات الفكرية والأدبية والإعلامية...هل آن الأوان أن نستسلم ونسلّم أنٌ التفاهة هي سمة العصر الرّاهن!؟

بقي أن ننوّه أن الكتاب يستحقّ القراءة والتأمّل.

صابر شباط، طالب دكتوراه وباحث في علوم الإعلام الاتصال، جامعة الشهيد حمه لخضر الوادي، الجزائر 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

6

متابعين

9

متابعهم

22

مقالات مشابة